الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ وَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالشُّهُودِ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ.
، أَوْ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ، أَوْ بِإِجَازَتِهِمْ لِلْإِقْرَارِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِوَارِثِهِ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ وَارِثِهِ فُلَانٍ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ.
[
(الْمَادَّةُ 1601) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ]
الْمَادَّةُ (1601) - (إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ، صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ، وَإِذَا كَانَ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ) .
الْإِقْرَارُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِقْرَارُ بِالْحِكَايَةِ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ الْغَيْرُ مَدِينٍ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إقْرَارًا بِالْحِكَايَةِ بِعَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْمُونَةً، أَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ أَوْ بِأَمَانَةٍ، أَوْ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ ابْنَ الِابْنِ، أَوْ الزَّوْجَةَ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا، مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ، وَيَجِبُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ لِلْغَرِيمِ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَوْجُودٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَالْمَانِعُ مُنْتَفٍ، وَوُجُودُ الْمُقْتَضَى مُحَقَّقٌ بِكَوْنِ كُلِّ شَخْصٍ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ هُوَ أَنَّ مَانِعَ الْإِقْرَارِ هُوَ الْإِرْثُ، وَهُوَ مُثْبَتٌ بِانْتِفَائِهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيغَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَرَفْعَ الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ كَسَائِرِ حَوَائِجِهِ.
لِأَنَّ شَرْطَ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ الْفَرَاغَ مِنْ حَقِّهِ وَلِهَذَا يُقَدَّمُ كَفَنُهُ عَلَيْهِمْ.
وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ لَامْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ مُعَامَلَتِهِ حَذَرًا مِنْ إتْوَاءِ مَالِهِمْ فَيَفْسُدُ عَلَيْهِ طَرِيقُ التِّجَارَةِ، أَوْ الْمُدَايِنَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ.
لِأَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَتَعَلَّقَ بِالثُّلُثَيْنِ حَقُّ الْوَرَثَةِ.
وَلِهَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَا الْإِقْرَارُ وَجَبَ أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ (الدُّرَرُ) .
وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا؛ إذْ لَوْ كَانَ إنْشَاءً أَيْ تَمْلِيكًا لَلَزِمَ نُفُوذُهُ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) .
قِيلَ (الْغَيْرُ مَدِينٍ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ الْمَرِيضُ مَدِينًا بِدَيْنِ صِحَّةٍ، فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْعَيْنِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ.
وَقَدْ فُسِّرَ لَفْظُ أَجْنَبِيٍّ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِغَيْرِ الْوَارِثِ وَعَلَيْهِ فَابْنُ الِابْنِ - إذَا وُجِدَ الِابْنُ - أَجْنَبِيٌّ بِحَسَبِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِقْرَارُهُ لِابْنِ ابْنِهِ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ بِمَالِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مُعْتَبَرٌ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِشَيْءٍ فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا بِطَلَبٍ مِنْهَا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِمَالِ، وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ، وَكَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ، وَمِنْ الْمُقَرِّ بِهِ.
وَهَذَا الْإِعْطَاءُ هُوَ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ بِحُكْمِ الْإِرْثِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ.
كَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهَا وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ بِالِابْتِدَاءِ.
إنَّ الْإِقْرَارَ بِالِابْتِدَاءِ هُوَ إقْرَارٌ صُورَةً، إلَّا أَنَّهُ - حَقِيقَةً - تَمْلِيكٌ ابْتِدَاءً وَمُجَدَّدًا حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ مَمْنُوعٌ مِنْ الْهِبَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّمْلِيكِ بِصُورَةِ الْهِبَةِ بَلْ مُلِكَ بِصُورَةِ الْإِقْرَارِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّنْقِيحِ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ ابْتِدَاءً، وَحُمِلَ عَلَى الْهِبَةِ لَزِمَ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ.
وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْإِقْرَارِ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ أَيْ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بَقَاءُ مِلْكِ الْمَرِيضِ لِلْمُقَرِّ بِهِ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ.
فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ، وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ يَذْكُرْ عِبَارَةَ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) بَلْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُ عِبَارَةِ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) .
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةً كَأَنْ يُقَالَ لِلْمَرِيضِ: أَلَا تُوصِي إلَى فُلَانٍ.
أَوْ إنَّ فُلَانًا فَقِيرٌ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْوَصِيَّةِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (837) حَتَّى إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الِابْنُ بِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ وَالِدِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ هِيَ لِفُلَانٍ وَتُوُفِّيَ وَالِدُهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الِابْنِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا بِوَفَاةِ الِابْنِ أَوْ لَا، أَوْ صَحِيحًا بِوَفَاةِ الْأَبِ أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً فِي حَالِ الْمَرَضِ.
وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ أَثْنَاءَ الْبَحْثِ فِي وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ