الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ] [
(الْمَادَّةُ 1778) اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِقْدَارِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ كِلَيْهِمَا]
ِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ يَمِينِ الْوَاحِدِ نُبَيِّنُ هُنَا حُكْمَ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ وَالِاثْنَانِ بَعْدَ الْوَاحِدِ.
الْمَادَّةُ (1778)(إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِقْدَارِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ كِلَيْهِمَا يُحْكَمُ لِمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ أَقَامَ كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لِمَنْ أَثْبَتَ الزِّيَادَةَ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يُقَالُ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُكُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ أَوْ بِفَسْخِ الْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ حَلَّفَ الْقَاضِي كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ وَبَدَأَ بِالْمُشْتَرِي فَإِذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ دَعْوَى الْآخَرِ، وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ) إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي. أَوَّلًا: فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ يُشْتَرَطُ فِي التَّحَالُفِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ قَاصِرًا، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ رَأْسَ مَالٍ سُلِّمَ. ثَانِيًا: أَوْ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَ مُسَلَّمًا فِيهِ. ثَالِثًا: أَوْ فِي مِقْدَارِ كِلَيْهِمَا. رَابِعًا: أَوْ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وَصْفِ الْمَبِيعِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي الْمَبِيعِ وَصْفًا مَرْغُوبًا هُوَ كَذَا، وَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْرُطْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَحَالُفٌ. خَامِسًا: أَوْ فِي جِنْسِهِ فَيُحْكَمُ لِمَنْ يُقِيمُ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَأَوْلَى مِنْ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَعَ إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِمَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) .
إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ. أَوَّلًا - اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَحْصُلُ بِادِّعَاءِ الْبَائِعِ الْأَكْثَرَ وَادِّعَاءِ الْمُشْتَرِي الْأَقَلَّ. مَثَلًا: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنَّنِي بِعْت بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ أَوَّلًا مِنْ الْبَائِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1762) فَإِذَا أَثْبَتَ فِيهَا، وَإِلَّا تُطْلَبْ بَيِّنَةٌ مَنْ الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ (1769) فَإِذَا أَثْبَتَ يُحْكَمُ لَهُ. وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
ثَانِيًا - اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا يَكُونُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَادِّعَاءِ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ عَنْهُ. مَثَلًا: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَيْت هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَقَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْت لَك فَرَسًا، وَاحِدَةً فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ حُكِمَ بِمُوجِبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ تُطْلَبْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ فِيهَا، وَإِلَّا يُعْمَلْ بِحُكْمِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. ثَالِثًا - أَنْ يَخْتَلِفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَفِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ مَعًا. كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْت هَذِهِ الْبَغْلَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. وَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْبَغْلَةَ مَعَ هَذِهِ الْفَرَسِ بِثَمَانِمِائَةِ
دِرْهَمٍ فَأَيُّهُمَا يُثْبِتُ دَعْوَاهُ يُحْكَمُ لَهُ. وَإِذَا أَثْبَتَ كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لِمَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِوَجْهٍ فَإِذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ يُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيِّنَتِهِمَا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يُحْكَمُ بِالْأَفِّ دِرْهَمٍ ثَمَنًا لِلْبَغْلَةِ وَالْفَرَسِ. رَابِعًا - الِاخْتِلَافُ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ بَاعَ بِالسِّكَّةِ الْخَالِصَةِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِالسِّكَّةِ الْمَغْشُوشَةِ يَحِلُّ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. خَامِسًا - الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ بَاعَ بِذَهَبٍ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَيَحِلُّ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ.
وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يُقَالُ لَهُمَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ: إمَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُكُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ أَوْ نَفْسَخَ الْبَيْعَ وَعَلَيْهِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَيُقَالُ لِلْبَائِعِ: إمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَسَنَفْسَخْ الْبَيْعَ أَوْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي (إمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ نَفْسَخَ الْبَيْعَ) .
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ فَيُقَالُ لِلْبَائِعِ (إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ الْمَبِيعَ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَ وَإِلَّا نَفْسَخْ الْبَيْعَ) أَوْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي (إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمَبِيعِ الَّذِي يُرِيدُ تَسْلِيمَهُ لَك الْبَائِعُ، وَإِلَّا نَفْسَخْ الْبَيْعَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَإِنْذَارُهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ طَرِيقٌ مَقْبُولٌ لِقَطْعِ النِّزَاعِ فَلِذَلِكَ لَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي بِفَسْخِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ مَقْصُودًا.
أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَدَلِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَكَانَ ضِمْنَ شَيْءٍ آخَرَ كَأَنْ يَحْصُلَ الِاخْتِلَافُ فِي حَقِّ ظَرْفِ الْمَبِيعِ أَوْ وِعَائِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الظَّرْفِ، سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ رِطْلٍ ثَمَنًا أَوْ لَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ هُوَ اخْتِلَافٌ فِي الْمَقْبُوضِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمَقْبُوضِ لِلْقَابِضِ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ فَيَكُونُ الرِّضَاءُ قَدْ قَطَعَ النِّزَاعَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ فَيُحَلِّفُ الْقَاضِي كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ.
مَثَلًا: إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَقَلِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفَانِ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ. أَنَّ التَّحَالُفَ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ وَقَعَ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُنْكِرٌ، إذْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَدَّعِي الْبَائِعُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ وَيُنْكِرُهَا الْمُشْتَرِي. وَالصُّوَرُ الْبَاقِيَةُ مَقِيسَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَتَحْلِيفُ الْمُنْكِرِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ أَمَّا التَّحَالُفُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ اسْتِحْسَانِيٌّ وَمُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي سَالِمًا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي دَعْوَى عَلَى الْبَائِعِ فَتَبْقَى دَعْوَى الْبَائِعِ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِمَا
أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَكَّرَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ وَالدُّرَرُ) .
وَيَبْتَدِئُ الْيَمِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ (أَوَّلًا) فِي الثَّمَنِ (ثَانِيًا) أَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (262) مِنْ الْمَجَلَّةِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا إعْطَاءُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْبَادِيَ بِالْإِنْكَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْكَارُهُ أَشَدُّ (الْبَحْرُ) . فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَلَفَ يَحْلِفُ الْبَائِعُ ثَانِيًا. صِفَةُ الْيَمِينِ وَشَكْلِهَا: يَجْرِي التَّحْلِيفُ عَلَى النَّفْيِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يُضَمُّ الْإِثْبَاتُ إلَى النَّفْيِ بِأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ بَاعَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى النَّفْيِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ «بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا عَلِمْتُمْ لَهُ قَاتِلًا» (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَفِي بَيْعِ الصَّرْفِ فَالْقَاضِي مُخَيَّرٌ فِي الْبَدْءِ بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِلِاسْتِوَاءِ فِي فَائِدَةِ النُّكُولِ (الدُّرَرُ) . فَأَيُّهُمَا يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ يُثْبِتُ دَعْوَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ إمَّا أَنَّهُ إقْرَارٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ فَثُبُوتُ الدَّعْوَى ظَاهِرٌ. وَإِمَّا أَنَّهُ بَذْلٌ، وَالْبَاذِلُ لَا يَبْقَى لَهُ مُعَارَضَةٌ مَعَ الْمَبْذُولِ لَهُ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْآخَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَجِبُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ ثَبَتَتْ وَالْقَضِيَّةُ قَدْ انْتَهَتْ.
وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ بِفَسْخِ الْقَاضِي ذَلِكَ الْبَيْعِ بِطَلَبِهِمَا أَوْ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ادِّعَاءُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَأَصْبَحَ الْبَيْعُ مَجْهُولًا فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْبَيْعَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ يَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا بَدَلٍ وَهَذَا مُفْسِدٌ لَهُ فَلِذَلِكَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (372) . وَلَا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِدُونِ طَلَبٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ مَا لَمْ يَفْسَخْهُ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبَهُ الطَّرَفُ الْآخَرُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ يَبْقَى الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ لَهُمَا فَسْخَهُ بِالِاتِّفَاقِ (الْبَحْرُ) . وَيَجْرِي التَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا. مَثَلًا: إذَا اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَيَعُودُ الْبَيْعُ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي تَحَالُفٌ (الدُّرَرُ والشرنبلالي) . أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ إقَالَةَ السَّلَمِ هِيَ إسْقَاطٌ لِلدَّيْنِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51)(الدُّرَرُ) .