الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 1597) أَقَرَّ أَحَدٌ حَالَ مَرَضِهِ بِمَالٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ]
الْمَادَّةُ (1597) - (لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ حَالٍ مَرَضِهِ بِمَالِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا مُعْتَبَرًا) .
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِنَفْيِ الْمِلْكِ، أَوْ بِالِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ، أَوْ بِوَجْهٍ آخَرَ بِمَالٍ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ثُمَّ تُوُفِّيَ بِسَبَبٍ آخَرَ، أَوْ بِمَرَضٍ مُمَاثِلٍ لِمَرَضِهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا مُعْتَبَرًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) حَيْثُ بِإِفَاقَةِ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ يَتَحَقَّقُ بِأَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ مَرَضَ مَوْتٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ (رَجُلٌ كَانَ يَمْرَضُ يَوْمَيْنِ وَيَصِحُّ ثَلَاثَةً، أَوْ يَمْرَضُ يَوْمًا وَيَصِحُّ يَوْمَيْنِ وَأَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ إنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَرَضٍ صَحَّ بَعْدَهُ جَازَ إقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي أَلْزَمَهُ الْفِرَاشَ وَاتَّصَلَ بِالْمَوْتِ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ) .
وَتَعْبِيرُ إقْرَارٍ هُنَا لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى الْمَرِيضُ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1598) إذْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ]
الْمَادَّةُ (1598) - (إذْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ يَكُونُ إقْرَارُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ. فَإِنْ أَجَازُوهُ كَانَ مُعْتَبَرًا، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَلَكِنْ إذَا صَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرًا، وَأَيْضًا الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ قَبَضَ أَمَانَتَهُ الَّتِي هِيَ عِنْدَ وَارِثِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَهْلَكَ أَمَانَةَ وَارِثِهِ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنَّ ابْنِي فُلَانًا أَخَذَ بِالْوَكَالَةِ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عَلَى فُلَانٍ، وَسَلَّمَهُ لِي يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُ خَاتَمَ الْأَلْمَاسِ الَّذِي كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةً عِنْدِي لِابْنِي فُلَانٍ الَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفْتُ ثَمَنَهُ فِي أُمُورِي وَاسْتَهْلَكْتُهُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا، وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ مِنْ التَّرِكَةِ) .
إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِعَيْنٍ كَحَانُوتٍ كَانَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرَةُ مِلْكِيَّتِهِ فِيهِ، أَوْ بِدَيْنٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ يَكُونُ إقْرَارُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» كَمَا أَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ قَدْ تَعَلَّقَ بِمَالِ الْمَرِيضِ، وَأَصْبَحَ الْمَرِيضُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّبَرُّعِ حَتَّى لِلْوَارِثِ فَتَخْصِيصُ الْمَرِيضِ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ يُؤَدِّي لِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ، وَيُوجِبُ حُصُولَ الْوَحْشَةِ وَالْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ.
وَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ مَدِينٍ فَحَيْثُ إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إيصَالِ النَّفْعِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَأَصْبَحَ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا مُتَّهَمًا.
وَحَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَادِرٌ عَلَى إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ
بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ تُهْمَةٌ (الْكِفَايَةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (73) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْعَيْنِ، أَوْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ بَلْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ وَارِثِهِ، وَإِنَّهَا مِلْكٌ لِوَارِثِهِ الْوَاضِعِ الْيَدَ عَلَيْهَا، فَإِقْرَارُهُ هَذَا صَحِيحٌ فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَرَثَةِ عَلَى كَوْنِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ التَّرِكَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ (لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ) أَنْ يَكُونَ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِثُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، أَوْ مِنْ الْعَصَبَاتِ، أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا، وَلَا يَكُونُ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1596)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) قِيلَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِ وَارِثِهِ وَتُوُفِّيَ الْمُقَرُّ لَهُ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِحَفِيدِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَتُوُفِّيَ الْحَفِيدُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ الْمُقِرُّ؛ فَلِأَبِ الْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُقِرِّ حَيْثُ إنَّ الْإِقْرَارَ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِدَيْنٍ فَمَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ هُوَ وَتَرَكَ مِنْهَا وَارِثًا.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ وَتُوُفِّيَ الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ، وَكَانَ وَرَثَةُ الْمُقَرِّ لَهُ هُمْ وَرَثَةَ الْمُقِرِّ أَيْضًا فَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ حَيْثُ إنَّهُ حِينَ إقْرَارِهِ لَمْ يُقِرَّ لِوَارِثِهِ.
لِأَنَّ كَوْنَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرَ وَارِثٍ ظَاهِرٌ أَمَّا وَارِثُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فَبِوَفَاتِهِ قَبْلَ الْمُقِرِّ قَدْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا (التَّكْمِلَةُ) .
فَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا وَلَازِمًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَحَلٍّ لِلْإِقْرَارِ بَلْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ.
فَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْإِقْرَارَ فَيَكُونُ قَدْ زَالَ الْمَانِعُ، وَيَلْزَمُ عَوْدَةُ الْمَمْنُوعِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) وَالنَّدَامَةُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا تُفِيدُ (الْفَيْضِيَّةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا الْإِجَازَةُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ فَلَا حُكْمَ لَهَا.
حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ حَقٌّ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ حَتَّى يُمْكِنَ إسْقَاطُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْإِجَازَةِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِوَارِثِي الْفُلَانِيِّ بِكَذَا دِرْهَمًا فَقَالَ بَاقِي الْوَرَثَةِ: إنَّنَا رَاضُونَ بِإِقْرَارِك هَذَا، أَوْ إنَّنَا قَدْ أَجَزْنَاهُ فَلِلْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ أَلَّا يُجِيزُوا ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ.
وَإِنْ لَمْ يَحُزْ الْوَرَثَةُ، فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ أَمْلَاكِهِ لِوَلَدِهِ الْفُلَانِيِّ وَحَرَّرَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِقِيمَتِهِ.
كَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ الْعَيْنِ بِلَا إجَازَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ مِنْ وَارِثِهِ، أَوْ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْمَرْهُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1570) وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ وَدِيعَةُ وَارِثِهِ، أَوْ عَارِيَّتُهُ أَوْ غَصَبْتُهَا مِنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ) .
فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ بِمَالٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ الْمَرِيضُ بِتَسْلِيمِ
الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِشِفَاءِ الْمَرِيضِ.
وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَرَضِهِ الْمَذْكُورِ يُجْبَرُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى رَدِّ وَإِعَادَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى التَّرِكَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ لِلْمُتَوَفَّى لَمْ يُجِزْ الْإِقْرَارَ (التَّكْمِلَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
فَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَرَضِ مَوْتٍ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ لِوَارِثٍ، وَلِأَجْنَبِيٍّ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْوَارِثِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، وَلَا يَصِحُّ نُفُوذُهُ إلَى خِلَافِ الْجِهَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُقِرُّ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ مُشْتَرَكًا فَلَا يَجُوزُ نَفَاذُهُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ، فَإِذَا بَطَلَتْ الصِّفَةُ يَبْطُلُ الْأَصْلُ كَمَا لَوْ تَصَادَقَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِوَارِثِهِ وَلِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ تَصَادَقَ الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ الشَّرِكَةَ وَادَّعَى أَنْ جَمِيعَ الدَّيْنِ لَهُ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَشَرْحَهَا.
إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ فِي أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارَاتِ وَهِيَ:
1 -
إذَا صَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ هَذَا، وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ الْمَرِيضِ، وَيَكُونُ لَازِمًا.
وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَيْسَ كَالْإِجَازَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ مِنْ الْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِوَلَدِي فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَصَدَّقَ وَلَدَاهُ إقْرَارَهُ بِقَوْلِهِمَا: إنَّ وَالِدَنَا مَدِينٌ لِأَخِينَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ حُصُولِ هَذَا التَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لِلْوَلَدَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمَا هَذَا وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَطْلُوبَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّةِ وَارِثِهِ فُلَانٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ، أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ وَيُصَدِّقُوا عَلَى ذَلِكَ.
وَتَعْبِيرُ الْأَمَانَةِ، يَشْمَلُ الْوَدِيعَةَ وَمَالَ الشَّرِكَةِ وَمَالَ الْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينِهِ وَقَبَضَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ الْوَارِثِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ صَحَّ إقْرَارُهُ.
أَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ لِوَارِثِهِ أَمَانَةً عِنْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ هِيَ أَمَانَةٌ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ
صَحِيحٌ.
لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ بِأَنَّهُ رَدَّ الْأَمَانَةَ لِلْمُورَثِ الْمَرِيضِ، وَكَذَّبَهُ الْمُورَثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) حَيْثُ لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ مُتَّهَمًا بِإِيصَالِ النَّفْعِ لِوَارِثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِاسْتِهْلَاكِ الْأَمَانَةِ الْمَعْلُومَةِ أَيْ الْمَعْلُومَةِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا لِوَارِثِهِ، فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَذَبَ الْمَرِيضُ فِي إقْرَارِهِ هَذَا، وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ يُعَدُّ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُجْهِلًا، وَحَيْثُ إنَّ الْمُودِعَ يُثْبِتُ الْوَدِيعَةَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (801) فَلَا يَكُونُ فَائِدَةً مِنْ تَكْذِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ، أَوْ لَمْ يُقِرَّ فَالنَّتِيجَةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَيُّ احْتِمَالٍ فِي إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ.
مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: أَخَذْت وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ ابْنِي فُلَانًا أَخَذَ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عَلَى فُلَانٍ بِالْوَكَالَةِ، وَسَلَّمَهُ لِي فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَلَا يَكُونُ الْوَارِثُ الْوَكِيلُ مُكَلَّفًا لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ بِالْبَيِّنَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: بِعْت لِآخَرَ خَاتَمَ الْأَلْمَاسِ الَّذِي كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةً عِنْدِي لِابْنِي فُلَانٍ الَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفْتُ وَاسْتَهْلَكْت ثَمَنَهُ فِي أُمُورِي فَيَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا، وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ قِيمَتِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ.
وَلَا يَلْزَمُ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ الْمَرِيضُ.
مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ الْخَاتَمَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَيَلْزَمُ تَضْمِينُ تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.
وَعِبَارَةُ (الْأَمَانَةِ الْمَعْلُومَةِ) قَدْ فُسِّرَتْ بِالْمُثْبَتَةِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَمَانَةُ مَعْرُوفَةً وَمَعْلُومَةً فَإِقْرَارُهُ بِاسْتِهْلَاكِهَا يَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ.
إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ غَيْرَ مُثْبَتٍ بِالْبَيِّنَةِ فَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ بِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ وَدِيعَةَ وَارِثِهِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُجِيزُوا إقْرَارَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَتَعْبِيرُ أَمَانَةٍ، لِلِاحْتِرَازِ مِنْ غَيْرِ الْأَمَانَةِ كَالدَّيْنِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَرْهُونِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ وَارِثِهِ، أَوْ الْمَالَ الَّذِي غَصَبَهُ وَارِثُهُ، أَوْ الَّذِي ارْتَهَنَهُ فَلَا يَصِحُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (157) .
3 -
إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِصَدَاقٍ لِزَوْجَتِهِ فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ هُوَ مِنْ حُكْمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ.
وَلَيْسَ لِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِهِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ