الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُلَاصَةُ - أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ فِي صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْإِسْقَاطِيَّةِ، وَهَذَا يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَيُضِيفَ الْوَكِيلُ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى مُوَكِّلِهِ.
وَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْوَكِيلَ فِي صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنْ يَكْفُلَ الْوَكِيلُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْإِسْقَاطِيَّةِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَفَذَ الصُّلْحُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْمَأْمُورِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ.
لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (الْخَانِيَّةُ) .
مَثَلًا - لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ، بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مَسْئُولًا عَنْهَا.
لَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لِلدَّائِنِ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمٍ، وَأَنَا كَفِيلٌ عَلَى بَدَلِ الصُّلْحِ، فَصَالَحَ الدَّائِنُ الْوَكِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤْخَذُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَكِيلِ حَسَبَ كَفَالَتِهِ، وَهُوَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (657) يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ كَانَ قَدْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الصُّلْحَ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى فُلَانٍ أَيْ أَنَّهُ صَالَحَهُ وَأَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، وَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ إلَى الْعَاقِدِ، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1544) إذَا صَالَحَ أَحَدٌ فُضُولًا]
الْمَادَّةُ (1544) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ فُضُولًا، يَعْنِي بِلَا أَمْرٍ، عَنْ دَعْوَى وَاقِعَةٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَإِنْ ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ، أَوْ أَضَافَ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَى مَالِهِ بِقَوْلِهِ: عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ أَشَارَ إلَى النُّقُودِ، أَوْ الْعُرُوضِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَى هَذَا الْمَبْلَغِ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُ عَلَى كَذَا بِدُونِ أَنْ يَضْمَنَ أَوْ يُضِيفَ إلَى مَالِهِ، أَوْ يُشِيرَ إلَى ذَلِكَ الْمَبْلَغِ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَيَكُونُ الْمُصَالِحُ مُتَبَرِّعًا، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ الصُّلْحُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ بَطَلَ الصُّلْحُ وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا) .
إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ فُضُولًا، يَعْنِي بِلَا أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى وَاقِعَةٍ بَيْنَ
شَخْصَيْنِ صُلْحًا لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ فَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ.
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إذَا أَضَافَ ذَلِكَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْفُضُولِيُّ مَثَلًا: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاكَ مَعَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَصَالَحَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَحَّ الصُّلْحُ، وَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ ذَلِكَ الْفُضُولِيَّ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ يُضِفْ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ، أَوْ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْفُضُولِيِّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ تَنْفُذُ فِي حَقِّهِ، وَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ بَدَلَ الصُّلْحِ مُقَابِلَ إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ الصُّلْحُ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: تَصَالَحْ مَعَ فُلَانٍ عَنْ دَعْوَاك فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُوجَدُ صُوَرٌ خَمْسٌ: فَفِي أَرْبَعٍ مِنْهَا يَكُونُ الصُّلْحُ لَازِمًا، وَفِي الْخَامِسَةِ مِنْهَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَوَجْهُ الْحَصْرِ هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ إمَّا أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَ الصُّلْحِ، أَوْ لَا يَضْمَنَ فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِمَّا أَنْ يُضِيفَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ، أَوْ لَا يُضِيفَهُ، فَإِذَا لَمْ يُضِفْهُ إمَّا أَنْ يُشِيرَ إلَى نَقْدٍ، أَوْ عَرَضٍ، أَوْ لَا يُشِيرَ فَإِذَا لَمْ يُشِرْ إمَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ، أَوْ لَا يُسَلِّمَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُوَضَّحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ حَسَبَ مَا يَأْتِي: قَدْ ذُكِرَتْ صُوَرُ إضَافَةِ الْفُضُولِيِّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: قَدْ صَالَحْتُكَ مَعَ فُلَانٍ عَنْ دَعْوَاكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَيُنَفَّذُ الصُّلْحُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَقِّ الْفُضُولِيِّ، وَيَلْزَمُهُ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي، وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ (الْخَانِيَّةُ) .
الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ: وَهُوَ إذَا ضَمِنَ الْفُضُولِيُّ بَدَلَ الصُّلْحِ مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا عَنْ دَعْوَاك مَعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغِ، وَقَبِلَ الْمُدَّعِي تَمَّ الصُّلْحُ، وَصَحَّ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ سِوَى الْبَرَاءَةِ، فَكَمَا أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى بَرَاءَتِهِ بِنَفْسِهِ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا أَنْ يَحْصُلَ عَلَى بَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْفُضُولِيَّ بَدَلُ الصُّلْحِ بِسَبَبِ عَقْدِهِ لِلصُّلْحِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَفِيرًا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
وَالْفُضُولِيُّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ الَّذِي ضَمِنَهُ بِلَا أَمْرٍ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا ضَمِنَهُ بِأَمْرِهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) : وَلَيْسَ لِلْمُصَالِحِ الْفُضُولِيِّ الْمُدَاخَلَةُ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: بِمَا أَنَّنِي أَعْطَيْتُ بَدَلَ الصُّلْحِ فَالْمُدَّعَى بِهِ لِي بَلْ يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ (الْهِدَايَةُ وَالزَّيْلَعِيّ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا فَلَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ (الْهِدَايَةُ) .
وَمُؤَاخَذَةُ الْفُضُولِيِّ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِكَفَالَتِهِ.
لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْأَصْلِ وَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَلَا يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (الْخَانِيَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ؟ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (81) وَشَرْحَهَا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَضْمَنَ الْفُضُولِيُّ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَّا أَنَّهُ يُضِيفُهُ إلَى مَالِهِ أَيْ إلَى الْمَالِ الَّذِي يُضِيفُهُ لِنَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ: قَدْ صَالَحْتُ عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمِي هَذِهِ، أَوْ عَلَى فَرَسِي هَذِهِ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ الْفُضُولِيَّ بِإِضَافَةِ الصُّلْحِ إلَى مَالِهِ يَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمَّا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَلَزِمَ الْفُضُولِيَّ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ (الْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُشِيرَ إلَى الْعُرُوضِ، أَوْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَى هَذَا الْمَبْلَغِ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَدْ تَعَيَّنَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالٍ وَتَمَّ بِذَلِكَ الصُّلْحُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَدْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ الَّذِي نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَبَدَلُ الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهِ مَالَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبُهُ إلَى نَفْسِهِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ، وَمَعَ أَنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْقٍ مُهِمٍّ إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيّ عَدَّ ذَلِكَ إحْدَى الصُّوَرِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ: صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ يُوجِبُ بَقَاءَ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ سَالِمًا لِلْمُدَّعِي، وَيَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْمَقْصُودِ بِتَمَامِ الْعَقْدِ فَصَارَ فَوْقَ الضَّمَانِ وَالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
فَعَلَيْهِ إذَا حَصَلَ لِلْمُدَّعِي عِوَضٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَتِمُّ رِضَاؤُهُ، وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْفُضُولِيِّ الْمُصَالِحِ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ بِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ التَّسْلِيمُ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَكُونُ الْفُضُولِيُّ الْمُصَالِحُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَجْرَى هَذَا الْعَمَلَ بِلَا أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفُضُولِيِّ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ.
لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ كَأَنْ يَكُونَ صَبِيًّا مَأْذُونًا، أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) .
تَتِمَّةٌ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي عَقَارٍ تَحْتَ يَدِ وَرَثَةٍ، وَأَقَامَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِمُوَاجِهَةِ عَدَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَكَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَصَالَحَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرِينَ عَنْ عُمُومِ الْوَرَثَةِ عَلَى مَالٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مُتَبَرِّعِينَ فِي حَقِّ شُرَكَائِهِمْ.
وَكَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُدَّعِي لِلْوَرَثَةِ الْمُصَالِحِينَ، وَأَلَّا يَكُونَ لِغَيْرِهِمْ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَارِثَ يَتَمَلَّكُ حَقَّ الْمُدَّعِي بِهَذَا الْعَقْدِ ثُمَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إثْبَاتِ حَقِّهِ فَإِنْ أَثْبَتَ سُلِّمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ بِحِصَّةِ الشُّرَكَاءِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْبَدَلِ (الْخَانِيَّةُ) .
مَسْئُولِيَّةُ الْفُضُولِيِّ عَنْ سَلَامَةِ بَدَلِ الصُّلْحِ إذَا ضُبِطَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الصُّلْحَ بِنَظَرِهِ فَفِي الصُّورَةُ الْأُولَى يَعْنِي إذَا كَانَ الْفُضُولِيُّ ضَامِنًا لِبَدَلِ الصُّلْحِ يُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالضَّمَانِ فَأَصْبَحَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
أَمَّا فِي الْوُجُوهِ وَالصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَلَا يُطَالَبُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ.
وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَهَّدْ بِإِيفَائِهِ مِنْ مَالٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مَالٍ آخَرَ؛ إذْ لَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ إلَّا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَرْكِ دَعْوَاهُ بِدُونِ بَدَلٍ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) .
وَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي مَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ ابْتِدَاءً، وَالْحُكْمُ بِالتَّوْكِيلِ هُوَ حَسَبُ مَا ذَكَرَ (الشِّبْلِيُّ) وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ الْتَزَمَ هَذَا الْبَدَلَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَخْرُجُ الْأَجْنَبِيُّ الْفُضُولِيُّ مِنْ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (الْخَانِيَّةُ) ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (الْخَانِيَّةُ) .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، أَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ لَمْ يُضِفْ بَدَلَ الصُّلْحِ لِنَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِيجَابُهُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَحَيْثُ إنَّ سُقُوطَ حَقِّ الْمُدَّعِي بِلَا عِوَضٍ مُخَالِفٌ لِرِضَائِهِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مَوْقُوفًا (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا، لِأَنَّهُ حَسَبُ أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (52) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ.