الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَيْعَ كَانَ الْإِنْكَارُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
9 -
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ غَيْرَ صَالِحٍ بِأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
إنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ تَتَفَرَّعُ عَلَى مَادَّةِ (إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ) .
[
(الْمَادَّةُ 1578) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً]
الْمَادَّةُ (1578) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً، أَمَّا الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِرَجُلٍ مُشِيرًا إلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ فِي يَدِهِ، أَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَعْدُودِينَ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَقَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَهُمَا إذَا اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْمَالَ، وَيَمْلِكَانِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالِاشْتِرَاكِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُقِرِّ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ كَذَلِكَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُسْتَقِلًّا لِمَنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ دَعْوَاهُمَا، وَيَبْقَى الْمَالُ فِي يَدِهِ) .
الْجَهَالَةُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: جَهَالَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا بِجَهَالَةٍ فَاحِشَةٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الْمَجْهُولُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْمُقَرِّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُقِرِّ عَلَى بَيَانِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ فَائِدَةً مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ (الزَّيْلَعِيّ) .
السَّفْتَجَةُ الْمُبْهَمَةُ (الْحَوَالَةُ التِّجَارِيَّةُ الْمُبْهَمَةُ) .
وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ حُكْمُ السَّفْتَجَةِ التِّجَارِيَّةِ الْمُبْهَمَةِ، وَهُوَ السَّنَدُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ بِأَنَّ مُوَقِّعَهُ مَدِينٌ لِحَامِلِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِحَامِلِ ذَلِكَ السَّنَدِ حَقُّ طَلَبٍ وَدَعْوَى قِيمَةِ ذَلِكَ السَّنَدِ مِنْ مَوْقِعِهِ مَا لَمْ يُثْبِتْ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ بِأَنْ يُثْبِتَ مَثَلًا بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ الشَّخْصِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِرَجُلٍ مُشِيرًا إلَى الْمَالِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، أَوْ قَالَ: هُوَ لِأَحَدِ
النَّاسِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، أَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَعْدُودِينَ فَبِمَا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1646) .
فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ (الْمِائَةِ شَخْصٍ) فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِجَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ جَهَالَةً فَاحِشَةً؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ مَعْلُومٌ مِنْ أَهَالِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ، وَأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ مَجْهُولًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ، وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ بِوَجْهٍ آخَرَ.
أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ قَالَ: هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ أَيْ أُنَاسًا مَعْدُودِينَ (مِائَةَ نَفَرٍ، أَوْ أَقَلَّ) يَصِحُّ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ.
فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الثَّلَاثَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.
كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّجَالِ مِائَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا كَذَلِكَ.
يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْمِائَةِ رَجُلٍ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ كَوْنِ الْمَالِ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَبْرَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ حَالَ كَوْنِ الْحَاكِمِ مُكَلَّفًا بِإِيصَالِ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ إلَى حُقُوقِهِمْ، وَلَيْسَ بِإِبْطَالِهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
وَلَهُمَا إنْ اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَيَمْلِكَانِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالِاشْتِرَاكِ مُنَاصَفَةً.
وَإِنْ اخْتَلَفَا، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا، وَأَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ حَقٌّ فِيهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُقِرِّ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا الْيَمِينَ عَلَى حِدَةٍ يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُمْ اثْنَيْنِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ يَمِينَانِ.
، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعَيِّنَ مِنْ نَفْسِهِ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمْ، أَوْ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ.
أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
وَإِذَا نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَلَّفَ الْحَاكِمُ الْمُقِرَّ بِحَلِفِ الْيَمِينِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى حِدَتِهِ حَسَبَ الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ وَنَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ.
(الْهِنْدِيَّةُ) .
وَأَمَّا إذَا نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ يَمِينًا لِلْآخَرِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُسْتَقِلًّا لِلرَّجُلِ الَّذِي نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1819) .
، وَلَا يَأْخُذُ الشَّخْصُ الَّذِي حَلَفَ لَهُ الْيَمِينَ حِصَّةً فِي ذَلِكَ الْمَالِ.
إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْفِقْرَتَيْنِ سَبَبَ الْحُكْمِ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ.
أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ دَعْوَاهُمَا، وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِهِ.
وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّانِي الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَّفِقَا، وَأَنْ يَأْخُذَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَأَنْ يَتَمَلَّكَاهُ بِالِاشْتِرَاكِ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَهُمَا ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ:
إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمَالِ لِأَحَدٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّ الْمَالَ لَيْسَ لِفُلَانٍ بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ الْآخَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ.
إلَّا أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا سَلَّمَ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ يَضْمَنُ بَدَلَ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي.
أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّانِي وَيَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّالِثِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ الْعَارِيَّةِ وَنُقُولُ النَّتِيجَةِ) .
وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْمَجْهُولِ.
وَهِيَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدِيعَةُ زَيْدٍ ثُمَّ قَالَ: بَلْ وَدِيعَةُ عَمْرٍو فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدِيعَةَ زَيْدٍ، وَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ لَعَمْرٍو الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَحَّ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: لَا بَلْ وَدِيعَةُ عَمْرٍو إضْرَابٌ عَنْهُ وَرُجُوعٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مِثْلِ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا، وَقَدْ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِهَا لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُهَا لَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) .
النَّوْعُ الثَّانِي: جَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1579) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: جَهَالَةُ الْمُقِرِّ، وَتُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (الْكِفَايَةُ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مُتَعَيَّنًا فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَجُلَانِ: إنَّ عَلَى أَحَدِنَا لِفُلَانٍ دَيْنًا، أَوْ قَالَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ: إنَّ لَك عَلَى أَحَدِنَا كَذَا دَنَانِيرَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي سَيُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي سَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ مَجْهُولٌ، وَصُدُورُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُطَالَبَ وَالْمُقِرَّ هُوَ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ سُئِلَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ دَيْنُكَ عِنْدَ فُلَانٍ فَأَجَابَ قَائِلًا: كَلًّا.
فَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ الْآخَرَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ وَلَوْ مَحْصُورِينَ، لِشَخْصٍ: لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيّ عَلَيْهِ وَصُدُورُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَحَدِهِمْ لَا يُعَيِّنُ أَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ (التَّكْمِلَةُ) .
وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ الْجِدِّيَّةُ فَلِذَلِكَ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِخْفَافِ غَيْرُ صَحِيحٍ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّك مَدِينٌ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَجَابَهُ مُسْتَهْزِئًا (نَعَمْ) ، أَوْ قَالَ (كيسه بدوز وَقَبض كُنْ) يَعْنِي خِطْ كِيسَك وَاقْبِضْ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَدِّ لِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك فَأَجَابَهُ الْآخَرُ مُسْتَهْزَأ سَتَأْخُذُهَا قَرِيبًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ اسْتِهْزَاءً (نَعَمْ أَحْسَنْت) فَهُوَ إقْرَارٌ وَيُؤَاخَذُ بِهِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) فَإِذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ بِأَنَّ إقْرَارَهُ اسْتِهْزَاءٌ، وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ جِدًّا وَاخْتَلَفَا فَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ بِادِّعَاءِ الِاسْتِهْزَاءِ بِلَا بَيِّنَةٍ أَيْ أَنَّ مُجَرَّدَ ادِّعَاءِ الِاسْتِهْزَاءِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَقَرِينَةُ هَزِّ الرَّأْسِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ.
فَإِذَا عَجَزَ الْمُقِرُّ عَنْ إثْبَاتِ الِاسْتِهْزَاءِ فَيُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْإِقْرَارِ اسْتِهْزَاءً.