الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي خَطَأً فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِحَدِّ الزِّنَا أَوْ بِحَدِّ السَّرِقَةِ وَيُجْرِيَ الْحُكْمَ ثُمَّ يَثْبُتُ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ كَظُهُورِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ فَالضَّمَانُ يَجِبُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ فِي حُقُوقِ اللَّهِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَأَجْرَى الْحُكْمَ ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْقَاضِي وَيُعْزَلُ الْقَاضِي وَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَنَى، وَأَتْلَفَ الْمَالَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَجْلِ فَصْلٍ وَحَسْمٍ، وَيَكُونُ هَذَا بِبَيَانِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَبِمَنْعِ غَيْرِ الْمُحِقِّ، وَإِلْزَامِهِ. مَثَلًا: إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُبْطِلًا. الْمَنْصُوبُ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ، وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ يَخْرُجُ الْمُحَكَّمُ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَفْصِلَ الدَّعْوَى أَوْ الْمُخَاصِمَةَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بَلْ هُوَ مَنْصُوبٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ يُشَارُ إلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ 1800.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى لُزُومِ نَصْبِ الْقَاضِي مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا حَكَمَ السُّلْطَانِ الْعَادِلُ فِي دَعْوَى حَسَبَ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ فَيَصِحُّ حُكْمُهُ وَيَنْفُذُ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ حُكْمِ الْقَاضِي هُوَ نَاشِئٌ؛ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالْحُكْمِ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ وَلِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ فَنَفَاذُ حُكْمِ السُّلْطَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إنَّ نَصْبَ قَاضٍ مِنْ مُوَظِّفٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ مِنْ السُّلْطَانِ بِنَصْبِ الْقُضَاةِ كَالْوَالِي وَالْعَامِلِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ ذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِهِ كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ 1805 الَّتِي لَا تُجَوِّزُ نَائِبَ الْقَاضِي غَيْرَ الْمَأْذُونِ بِالِاسْتِنَابَةِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ، وَبِمَا أَنَّ فِي زَمَانِنَا وُلَاةِ الْوِلَايَاتِ غَيْرُ مَأْذُونِينَ بِالْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْذَنُوا بِنَصْبِ الْقُضَاةِ فَالْقُضَاةُ الْمَنْصُوبُونَ مِنْ قِبَلِهِمْ تَبْطُلُ أَحْكَامُهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِنَّ الْأُصُولَ الْمَرْعِيَّةَ الْآنَ أَنَّ الْقُضَاةَ الشَّرْعِيِّينَ يُعَيَّنُونَ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بَعْدَ تَرْشِيحِهِمْ مِنْ طَرَفِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
[
(الْمَادَّةُ 1786) الْحُكْمُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا]
الْمَادَّةُ (1786)(الْحُكْمُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ إلْزَامُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ حَكَمْت أَوْ أَعْطِ الشَّيْءَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك وَيُقَالُ لَهُ قَضَاءُ الْإِلْزَامِ وَقَضَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: هُوَ مَنْعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِي عَنْ الْمُنَازَعَةِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لَك حَقٌّ أَوْ أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا قَضَاءُ التَّرْكِ) وَالْحُكْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ لُغَةً بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَتَسْمِيَةُ الْقَاضِي بِالْحَاكِمِ لِمَنْعِهِ الْمُبْطِلَ مِنْ
الْأَبْطَالِ. مَثَلًا: إذَا حَكَمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالثُّبُوتِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَكُونُ قَدْ مَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ إعْطَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يُقَالُ قَدْ حَكَمَ الْقَاضِي أَيْ أَنَّهُ وَضَعَ الْحَقَّ فِي أَهْلِهِ أَيْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَمَنَعَ الْغَيْرَ الْمُحِقِّ مِنْ الْإِبْطَالِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَالْحُكْمُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ. وَقَيْدُ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ لِإِخْرَاجِ الصُّلْحِ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ أَلْفَاظُ الْقَاضِي كَأَلْزَمْت أَوْ حَكَمْت أَوْ أَنْفَذْت الْقَضَاءَ عَلَيْك (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَإِنَّ عَدَمَ ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْمَجَلَّةِ الْوَارِدِ فِي رَدُّ الْمُحْتَارِ هُوَ لِلسَّبَبِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرَفَيْنِ الْمُنَازَعَةَ بَيْنَهُمَا صُلْحًا يَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْقَاضِي كَمَا أَنَّهَا تَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْمُحَاكَمَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1531) . وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى قِسْمَيْنِ وَوَجْهُ الِانْحِصَارِ هُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ أَوْ مُبْطِلًا فَإِذَا ظَهَرَ مُحِقًّا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا ظَهَرَ مُبْطِلًا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ التَّرْكِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ إلْزَامُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ حَكَمْت أَوْ قَضَيْت أَوْ أَلْزَمْت فَأَعْطِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك لِهَذَا الْمُدَّعِي أَوْ سَلِّمْهُ أَوْ ادْفَعْ الدَّيْنَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك (الْحَمَوِيُّ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (كَقَوْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي بِإِقْرَارِك أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَظَهَرَ ذَلِكَ أَوْ صَحَّ أَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عِنْدَك كَذَا حَقًّا فَهُوَ حُكْمٌ أَمَّا لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّنِي أَظُنُّ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك كَذَا أَوْ إنَّنِي أَرَى أَنَّ لَهُ حَقًّا عِنْدَك فَلَا يَكُونُ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتِمُّ بِأَلْفَاظِ الشَّكِّ (الْخَانِيَّةُ) . وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَضَاءِ قَضَاءُ إلْزَامٍ وَقَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ وَقَضَاءُ مِلْكٍ، وَإِنْ قُسِّمَ قَضَاءُ الْإِلْزَامِ وَالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ كَمَا يُسْتَدَلُّ مِنْ أَلْفَاظِهِ يَكُونُ فِي حَالَةِ ظُهُورِ حَقِّ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا حَكَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالتَّزْكِيَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ هَذَا الْقَضَاءُ قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ.
نَفَاذُ الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَعَدَمُ نَفَاذِهِ. إذَا كَانَتْ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ حَقَّةٌ فَلَا شُبْهَةَ بِأَنَّهَا نَافِذَةٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَمَّا إذَا كَانَتْ بَاطِلَةً فَهِيَ اسْتِحْقَاقٌ ظَاهِرٌ لَا بَاطِنٌ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بَاطِلًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى؛ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ
الْمَبْلَغَ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ، وَلَا يَجْعَلُ حُكْمُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَالَ حَلَالًا لَهُ.
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذِبًا أَنَّ ثِيَابَ غَيْرِهِ لَهُ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ الثِّيَابَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُ تِلْكَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ آخَرَ بِلَا سَبَبٍ مَشْرُوعٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (907) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ مَنْكُوحَةَ غَيْرِهِ هِيَ مَنْكُوحَتُهُ، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلًا، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1827) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - هُوَ مَنْعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ عَنْ الْمُنَازَعَةِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِ: لَيْسَ لَك حَقٌّ أَوْ أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِهَذَا قَضَاءُ التَّرْكِ أَنْوَاعُ قَضَاءِ التَّرْكِ إنَّ قَضَاءَ التَّرْكِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ فِي الدَّيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَيُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَعْجِزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ الْيَمِينَ أَوْ لَا يَطْلُبُ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي قَائِلًا (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ قَضَاءَ تَرْكٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ مِلْكِيَّةَ الْفَرَسِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ مُسْتَقِلًّا، وَعَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَفَ ذُو الْيَدِ الْيَمِينَ لِكِلَيْهِمَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِقَضَاءِ التَّرْكِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: تَبْقَى الْفَرَسُ كَالْأَوَّلِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَحْكُمُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لَا يَحْكُمُ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ بِالْقَوْلِ (إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لَك) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ فَيَحْكُمُ بِالْفَرَسِ لِلْمُدَّعِيَيْنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُ دَعْوَاهُ وَلَوْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1819) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَّفَ الْقَاضِي بِالطَّلَبِ عَمْرًا بِالْيَمِينِ فَيَحْكُمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ التَّرْكِ يَعْنِي يُخَاطِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ زَيْدًا قَائِلًا لَهُ (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو) وَفِي هَذَا الْحَالِ تَبْقَى الدُّكَّانُ فِي يَدِ عَمْرٍو كَالسَّابِقِ. وَالدَّلِيلُ وَالسَّبَبُ لِهَذَا الْقَضَاءِ هُوَ وَضْعُ الْيَدِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَضَاءِ التَّرْكِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَادِثَةٍ لَا يَكُونُ مَقْضِيًّا لَهُ أَبَدًا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، أَمَّا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي حَادِثَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقْضَى لَهُ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.