الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الثَّانِي - الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ. وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَطْلُوبِ الْمُدَّعِي.
مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ مِنْ الْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ عَيْنَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ بَدَلَهَا لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ أَقَرَّ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُقُوعِ الْإِقْرَارِ (الْبَحْرُ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ) .
كَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْمُدَّعِي الصُّلْحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعِي كَذَا مَبْلَغًا بَدَلَ صُلْحٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ بَيْعًا، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ، وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى سُكُوتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي.
إنَّ أَقْسَامَ الصُّلْحِ الثَّلَاثَةَ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَمَشْرُوعَةٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ تُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128](مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَأَحْكَامُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَارِدَةٌ فِي الْمَوَادِّ (الـ 1547، 1549، 1550) .
[
(الْمَادَّةُ 1536) الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ]
الْمَادَّةُ (1536) - (الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ، وَثَانِيهِمَا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ فَهُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ تَمَامِ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ هَذَا، وَأَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِرَافِ أَحَدٍ بِقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ) .
يَكُونُ الْإِبْرَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ إسْقَاطٍ وَالْآخَرُ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ، وَإِبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ هُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِسْقَاطِ تَمَامِ حَقِّهِ الْقَابِلِ لِلْإِسْقَاطِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ الْآخَرِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1562) .
وَتُسْتَعْمَلُ أَلْفَاظُ " أَسْقَطْت "، أَوْ " حَطَطْت "، أَوْ " أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ " فِي بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، وَفَائِدَةُ تَعْبِيرِ " قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ " تُفْهَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمَادَّةِ (الـ 51) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ " تَمَامِ حَقِّهِ " بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ يَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْحَقِّ فَإِذَا أَضَافَ الْمُبْرِئُ الْإِبْرَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ: إنَّ زَيْدًا بَرِيءٌ مِنِّي يَتَنَاوَلُ نَفْيَ الْمُوَالَاةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَلَيْسَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحُقُوقِ. أَلَا يُرَى بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفْسِ الْغَيْرِ هِيَ إظْهَارٌ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ وَالْوَحْشَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْرَأِ. أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَهُوَ إنْعَامٌ، وَإِظْهَارٌ لِلْمَحَبَّةِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) كَذَلِكَ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَجَلِ: إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ الْأَجَلِ، أَوْ إنَّنِي مُسْتَغْنٍ عَنْ الْأَجَلِ فَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ للشرنبلالي) وَهَذَا هُوَ الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ
وَأَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِرَافِ أَحَدٍ بِقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1572) لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْإِقْرَارِ يَشْمَلُ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْإِقْرَارِ وَتُسْتَعْمَلُ أَلْفَاظُ:" أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ الِاسْتِيفَاءِ "، أَوْ " بِبَرَاءَةِ الْقَبْضِ "، أَوْ " أَبْرَأْتُك مِنْ الِاسْتِيفَاءِ " فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْمُبْرِئُ الْإِبْرَاءَ كَأَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُك بِدُونِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، أَوْ بِبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، وَالْآخَرُ أَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْإِبْرَاءَ يُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ. لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ إبْرَاءٌ أَقَلُّ مِنْ إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ فَالْأَقَلُّ يَكُونُ مُتَيَقَّنًا وَالْأَكْثَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ. الْفَرْقُ بَيْنَ بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ وَبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ.
يُوجَدُ بَيْنَ هَذَيْنِ الإبراءين فُرُوقٌ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَقَدْ بُيِّنَ آنِفًا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ إنْشَاءٌ فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْكَذِبِ أَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ إخْبَارٌ فَتُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْكَذِبِ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1589) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بَعْدَ إيفَائِهِ الدَّيْنَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلِلْمَدِينِ اسْتِرْدَادُ الدَّيْنِ الَّذِي دَفَعَهُ. أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ أَقَلُّ، وَإِبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ أَكْثَرُ.
ثَانِيًا إنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ عَامَّةٌ وَشَامِلَةٌ كَافَّةَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْأَمَانَاتِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحُقُوقِ الْغَيْرِ مَالِيَّةٍ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَتَشْمَلُ الدُّيُونَ وَالْأَعْيَانَ كَقَوْلِك: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، فَكَلِمَةُ قِبَلَ تَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1561)، وَبَعْضُهَا يُسْتَعْمَلُ لِلدُّيُونِ كَقَوْلِك: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ، وَهَذَا اللَّفْظُ خَاصٌّ بِالدُّيُونِ وَلَا يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " عَلَيْهِ " لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الدُّيُونِ، وَالْأَمَانَاتُ لَا تَدْخُلُ فِي الدُّيُونِ. وَبَعْضُهَا يَكُونُ مَخْصُوصًا بِالْأَمَانَاتِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الدَّيْنُ وَالْغَصْبُ كَقَوْلِك: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ، أَوْ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ شَيْءٌ. فَبِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَقَطْ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " عِنْدَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَضْمُونَاتِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّ عِنْدِي لِفُلَانٍ عَشْرَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْ أَقَرَّ بِالْأَمَانَةِ. كَذَلِكَ كَلِمَةُ " مَعَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الدُّيُونِ. لِأَنَّ الْأَمَانَاتِ قَائِمَةٌ فَلِذَلِكَ يُتَصَوَّرُ مُقَارَنَتُهَا مَعَ شَخْصٍ. أَمَّا الدَّيْنُ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي النَّفْسِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُقَارَنَتُهُ مَعَ شَخْصٍ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
ثَالِثًا الْإِبْرَاءُ إمَّا خَاصٌّ، أَوْ عَامٌّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي يُقَسَّمُ الْإِبْرَاءُ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ أَيْضًا.
أَوَّلًا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مُتَعَلِّقًا فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ، أَوْ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، أَوْ دَعْوَى الْعَيْنِ الْأَمَانَةِ، أَوْ دَعْوَى الْحُقُوقِ الْأُخْرَى كَدَعْوَى الشُّفْعَةِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ، وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِي ذَلِكَ.
إنَّ الْإِبْرَاءَ الْوَارِدَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (الْ 1565) هُوَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ كَمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْوَارِدَ ذِكْرُهُ فِي مَادَّتَيْ (1564، 1566) هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
ثَانِيًا الْإِبْرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِ الدَّيْنِ كَإِبْرَاءِ الدَّائِنِ الْمَدِينَ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ كُلِّهِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَيْنًا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ بَدَلِ الضَّمَانِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) .
ثَالِثًا - يَكُونُ الْإِبْرَاءُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الْمَضْمُونِ كَقَوْلِك لِشَخْصٍ: أَبْرَأْتُك مِنْ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ إثْبَاتُ الْبَرَاءَةِ لِذَلِكَ اللَّفْظِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ، وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَهَذَا الْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى وَلَا يَثْبُتُ مِلْكُ الْمُبْرَأِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) أَيْ: إنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّ الْعَيْنَ لَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ فَلِذَلِكَ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُبْرَأِ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ وَلِلْمُبْرِئِ أَنْ يَدَّعِيَ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُخَاطَبِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ وَصْفِ الضَّمَانِ. يَعْنِي أَنَّهُ يُحْمَلُ هَذَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الرَّدِّ وَتَدْخُلُ الْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ فِي حَالَةِ الْأَمَانَةِ، فَإِذَا تَلِفَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِ الْمُبْرِئِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ مَا لَمْ تَتْلَفْ بَعْدَ مَنْعِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ، أَوْ أَنْ يَسْتَهْلِكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ حَقُّ الْمُبْرِئِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) وَلَيْسَ هَذَا الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مِنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ. لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا عَيْنًا فَالْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ تِلْكَ الْعَيْنِ وَلَيْسَ رَدَّ قِيمَتِهَا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ)
رَابِعًا - الْإِبْرَاءُ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَقَوْلِهِ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا إلَيَّ قِبَلَهُ وَهَذَا اللَّفْظُ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ بَرَاءَةٍ سَابِقَةٍ حَاصِلَةٍ عَنْ سَبَبٍ صَالِحٍ، وَنَفْيٍ أَصْلِيٍّ لِعَيْنِ الْمَالِ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ يَشْمَلُ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ وَالْأَمَانَةَ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " قِبَلَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ، رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمُنَازِعِ: لَيْسَ لِي فِي هَذِهِ الْعَيْنِ مِلْكٌ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّعْوَى عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِتِلْكَ الدَّارِ، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَرَاءَةٌ مِنْ مِلْكِهَا وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ فِيهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا حَادِثًا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فَتُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ) خَامِسًا - الْإِبْرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِعَيْنِ الْأَمَانَةِ: إنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ بَاطِلٌ دِيَانَةً. يَعْنِي لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ الْفَرَسِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ أَمَانَةً كَانَ الْإِبْرَاءُ بَاطِلًا وَلِلْمُبْرِئِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ إذَا ظَفِرَ بِتِلْكَ الْفَرَسِ أَنْ