الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانِيَةِ فُصُولٍ] [
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ وَنصابهَا]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ وَنِصَابِهَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ فِي الشَّهَادَةِ وَهِيَ: تَعْرِيفُهَا، رُكْنُهَا؛ شَرْطُهَا؛ سَبَبُ وُجُوبِهَا، حُكْمُهَا، صِفَتُهَا، مَحَاسِنُهَا، دَلِيلُهَا؛ صِفَةُ الْإِشْهَادِ، أَوْصَافُ الشُّهُودِ.
أَوَّلًا: تَعْرِيفُهَا: يُعْلَمُ تَعْرِيفُهَا بِإِيضَاحِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَالشَّهَادَةُ لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ الْخَبَرِ الْقَاطِعِ وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَأْخُوذَةً مِنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الْمُعَايَنَةُ وَقَدْ أُشِيرَ إلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَتَسْمِيَةُ الْإِخْبَارِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَنْ صِفَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْمُدَّعَى بِهِ شَهَادَةً يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ حَيْثُ أُطْلِقَ اسْمُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ أَوْ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشُّهُودِ وَمَعْنَى الشُّهُودِ الْحُضُورُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَحْضُرُ بَعْدَ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ مَجْلِسَ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ فَيُطْلَقُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ عَلَيْهَا شَهَادَةٌ «وَالْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ» فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَعِبَارَةُ " شَهِدَ " بِمَعْنَى " حَضَرَ "(الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ) .
ثَانِيًا: رُكْنُهَا: عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظِ " أَشْهَدُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1689) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْرَدَ فِي آخِرِ الشَّهَادَةِ عِبَارَةً تُفِيدُ الشَّكَّ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ فَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ قَوْلُ الشُّهُودِ فِي آخِرِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَا أَعْلَمُ مُوجِبَةً لِلشَّكِّ عُرْفًا فَهِيَ تُبْطِلُ الشَّهَادَةَ كَقَوْلِ الشَّاهِدِ فِي شَهَادَتِهِ: أَشْهَدُ (عَلَى مَا أَعْلَمُ أَوْ عَلَى مَا أَظُنُّ كَذَا) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الشَّاهِدِ الْمُعَدَّلِ: إنَّهُ عَادِلٌ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لِلشَّاهِدِ (الْبَحْرُ)
ثَالِثًا: شَرْطُهَا وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - شَرْطُ التَّحَمُّلِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: (أَوَّلًا) الْعَقْلُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْعَاقِلِ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا
تَحَمَّلَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَهُوَ غَيْرُ عَاقِلٍ الشَّهَادَةَ وَشَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا أَخْفَى زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ يَكُونُ شَاهِدًا كَاذِبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فِي وَقْتِ التَّحَمُّلِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ رَجُلًا غَيْرَ عَادِلٍ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَتَابَ الرَّجُلُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ الَّتِي تَحَمَّلَهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ.
(ثَانِيًا) الْبَصَرُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَلِذَلِكَ فَتَحَمُّلُ الْأَعْمَى غَيْرُ صَحِيحٍ، فَعَلَيْهِ إذَا تَحَمَّلَ أَحَدٌ شَهَادَةً فِي حَالِ الْعَمَى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا وَشَهِدَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا كَتَمَ زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ كَانَ كَاذِبًا.
(ثَالِثًا) يَكُونُ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَايَنَ وَنَظَرَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] . (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1688) فَلِذَلِكَ إذَا عَايَنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِغَيْرِهِ أَيْ أَنَّهُ شَاهَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ وَأَخْبَرَ الشَّاهِدَ فَأَدَاؤُهُ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِنَاءً عَنْ تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، مَثَلًا لَوْ تَبَايَعَ شَخْصَانِ مَالًا وَلَمْ يَحْضُرْ الشَّاهِدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَشْهَدَ دَعْوَى ذَلِكَ الْبَيْعِ كَأَنَّهُ شَاهِدَ الْبَيْعَ فَإِذَا شَهِدَ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ وَإِذَا بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اسْتِخْبَارِهِ مِنْ الْغَيْرِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.
فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ رَجُلَانِ عَادِلَانِ إلَى رَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ وَشَهِدَا لَهُمَا بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ اسْتَوْفَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةَ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ فَلَيْسَ لِذَيْنِك الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّهُمَا لَمْ يُشَاهِدَا الْإِيفَاءَ بِذَاتِهِمَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ الدَّائِنَ بِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ بِحُضُورِهِمَا كَمَا أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا بِالشَّهَادَةِ لِتَجُوزَ شَهَادَتُهُمَا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ مُدَّةَ السَّفَرِ. كَذَلِكَ إذَا تَحَمَّلَ رَجُلَانِ شَهَادَةً بِمُعَايَنَتِهِمَا أَنَّ زَيْدًا أَقْرَضَ عَمْرًا عِشْرِينَ دِينَارًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ شَهِدَ لَهُمَا رَجُلَانِ بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَبْرَأَ عَمْرًا مِنْ الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةِ لَهُ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَا بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ الْوَاقِعَةِ لَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ عَنْ اقْتِرَاضِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ الْعِشْرِينَ دِينَارًا مَا لَمْ يُعَايِنَا بِالذَّاتِ الْإِبْرَاءَ أَوْ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِحُضُورِهِمَا الْإِبْرَاءَ وَالِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَعْلَمَانِ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَوُجُوبَ الْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ تَحَمُّلُهُمَا هَذَا إلَّا بِالْحُجَّةِ وَلَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ بِحُضُورِهِمَا حُجَّةً لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْحُكْمِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (676 1) .
وَهَذِهِ الْمُعَايَنَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِلْمِلْكِيَّةِ كَرُؤْيَةِ أَحَدٍ آخَرَ يَشْتَرِي مَالًا أَوْ يَتَّهِبُ وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ. كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ أَحَدٌ عَقْدَ إيجَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَسَمِعَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ لَوْ رَأَى بِعَيْنِهِ أَنَّ رَجُلًا أَقْرَضَ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ وَضْعِ الْيَدِ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْمِلْكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) وَشَرْحَهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ بِدُونِ أَيِّ مُنَازَعَةٍ وَمُعَارَضَةٍ مِنْ أَحَدٍ فَلِلْوَاقِفِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَالْمُطْمَئِنِّ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَتَحِلُّ لَهُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ (الشِّبْلِيُّ) ؛ لِأَنَّ وَضَاعَةَ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالْيَدُ هِيَ أَقْصَى وَمُنْتَهَى الدَّلَائِلِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْمِلْكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُعْلَمُ بِالدَّلِيلِ الْحَقِيقِيِّ. مَثَلًا لَوْ رَأَى أَحَدٌ آخَرَ يَشْتَرِي مَالًا فَبِرُؤْيَتِهِ الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ قَدْ عَلِمَ بِالدَّلِيلِ الْحَقِيقِيِّ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَنَّهُ رُئِيَ اشْتِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الْمَالِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَائِعَ الْبَائِعِ غَيْرُ مَالِكٍ لِذَلِكَ الْمَالِ وَإِنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ فَلِذَلِكَ وَتَسْهِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ يُكْتَفَى بِظَاهِرِ الْيَدِ فَجُوِّزَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ.
سُؤَالٌ: يَكُونُ الْمَالُ بَعْضًا فِي يَدِ وَقَبْضَةِ غَيْرِ صَاحِبِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ، فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِالْيَدِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَجْوِيزُ الشَّهَادَةِ اسْتِنَادًا عَلَى مُعَايَنَةِ وَضْعِ الْيَدِ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ الْأَمْلَاكِ فِي يَدِ أَصْحَابِهَا وَأَنَّ وُجُودَهَا فِي يَدِ غَيْرِ أَصْحَابِهَا هُوَ عَارِضٌ فَلِذَلِكَ تُرَجَّحُ جِهَةُ الْمِلْكِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَلِهَذَا التَّرْجِيحِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِذِي الْيَدِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ (الزَّيْلَعِيّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1786) .
إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ وُجُودُ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُطْلِقَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِدُونِ أَنْ يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ فَإِذَا فَسَّرَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي اسْتَنْتَجَهَا مِنْ مُعَايَنَةِ الْيَدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُطْمَئِنًّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ لِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ هُوَ اعْتِبَارُ الْيَقِينِ وَبِالِاطْمِئْنَانِ يَحْصُلُ نَوْعُ الْعِلْمِ أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرَرُ) . مَثَلًا لَوْ رَأَى أَحَدٌ فِي يَدِ كَنَّاسٍ جَوْهَرَةً أَوْ لُؤْلُؤَةً ذَاتَ قِيمَةٍ أَوْ رَأَى كِتَابًا فِي يَدِ جَاهِلٍ لَيْسَ فِي آبَائِهِ أَهْلٌ لِلْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْجَوْهَرَةَ وَاللُّؤْلُؤَةَ لِلْكَنَّاسِ وَأَنَّ الْكِتَابَ لِلْجَاهِلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَالْبَحْرِ) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُخْبِرَ رَجُلَانِ عَادِلَانِ هَذَا الشَّاهِدَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِوَاضِعِ الْيَدِ وَأَنَّهُ مِلْكٌ لِآخَرَ فَإِذَا أَخْبَرَا الشَّاهِدَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمِلْكِيَّةِ ذِي الْيَدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
أَمَّا إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدَ رَجُلٌ عَادِلٌ فَقَطْ فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا
شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ لَا يَزُولُ مَا كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ صَادِقٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْأَوَّلِ.
وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ مَعَ التَّصَرُّفِ وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ بِدُونِ التَّصَرُّفِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِسْعَافِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ مُعَايَنَةِ الْيَدِ حَيْثُ إنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ يَدُ أَمَانَةٍ وَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ هِيَ كَيَدِ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَمَّا صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ رَجَّحَ جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ بِدُونِ التَّصَرُّفِ قَائِلًا: إنَّ التَّصَرُّفَ يَتَنَوَّعُ إلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا تَصَرُّفُ الْأَصَالَةِ. وَالْآخَرُ تَصَرُّفُ النِّيَابَةِ، كَتَصَرُّفِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ (انْتَهَى مَعَ ضَمٍّ مِنْ الزَّيْلَعِيّ) . فَلِذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِي ضَمِّ التَّصَرُّفِ عَلَى الْيَدِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يُكْتَفَى بِظَاهِرِ الْيَدِ وَأَنْ يُسَهَّلَ أَمْرُ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .
وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ هِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ الْمَالِكِ وَالْمِلْكِ وَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ أَحَدٌ الْمَالِكَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَوَجْهِهِ وَأَنْ يَعْرِفَ أَيْضًا الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ يَرَاهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَهُ عِنْدَ الدَّعْوَى بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْمِلْكَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ الْأَوَّلِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ عَايَنَ الْمِلْكَ وَلَمْ يُعَايِنْ الْمَالِكَ. مَثَلًا لَوْ كَانَ قَدْ عَلِمَ عَقَارًا بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَالِكَهُ بِوَجْهِهِ وَنَسَبِهِ ثُمَّ جَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَنْسُوبُ لَهُ الْمِلْكُ وَادَّعَى عَلَى آخَرَ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ الْمَحْدُودَ هُوَ مِلْكُهُ فَلِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ هُوَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَصَارَ الْمَالِكُ مَعْلُومًا بِالتَّسَامُحِ وَالْمِلْكُ بِالْمُعَايَنَةِ وَلَوْ لَمْ يُسْمَعْ
مِثْلُ هَذَا لَضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ
؛ لِأَنَّ فِيهِمْ الْمَحْجُوبَ وَمَنْ لَا يَبْرُزُ أَصْلًا وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرَاهُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ بِالتَّسَامُحِ وَإِنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ النَّسَبِ بِالتَّسَامُحِ وَفِي ضِمْنِهِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ بِهِ وَهُوَ لَا يَمْتَنِعُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إثْبَاتُهُ قَصْدًا (الزَّيْلَعِيّ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ تَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ وَكَذَا فِي الْمَشْهُودِ لَهُ (الشِّبْلِيُّ) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ قَدْ عَايَنَ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ بَلْ إنَّهُ سَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَقَارًا فِي الْقَرْيَةِ مَحْدُودًا بِكَذَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ الْعَقَارَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ أَنَّ فُلَانًا الْمَذْكُورَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُجَازِفٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) .
النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَايَنَ الْمَالِكَ وَلَمْ يُعَايِنْ الْمِلْكَ، مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ زَيْدًا وَيَسْمَعُ أَنَّ لَهُ عَقَارًا فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِلْكٌ لِزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَصَّلْ لَهُ الْعِلْمُ بِالْمَحْدُودِ وَهُوَ شَرْطٌ لِلشَّهَادَةِ.
(مُسْتَثْنًى) : إنَّ الْخُصُومَاتِ الَّتِي
يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا تَسَامُعًا بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ شَرْطِ التَّحَمُّلِ الثَّالِثِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَايَنَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (688 1) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - شَرْطُ الْأَدَاءِ وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: مَا يُرْجَعُ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ (1) الْبُلُوغُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ.
(2)
الْحُرِّيَّةُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ.
(3)
الْبَصَرُ.
(4)
النُّطْقُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1686) .
(5)
الْعَدَالَةُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1705) .
(6)
أَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ بِالْقَذْفِ.
(7)
أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّاهِدِ جَرُّ مَغْنَمٍ أَوْ دَفْعُ مَغْرَمٍ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1700) .
(8)
أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ خَصْمًا فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ وَالْوَكِيلِ لِلْمُوَكَّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3 170) .
(9)
يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا لِلْمَشْهُودِ بِهِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَذَاكِرًا إيَّاهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6821) وَشَرْحَهَا.
(10)
ذُكُورَةُ الشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ.
(11)
تَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ بِلَا سَبْقِ دَعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1696) .
(12)
مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى فَلَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يَكُنِ التَّوْفِيقُ مُمْكِنًا فِيهَا وَيُوَفَّقُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1706) .
(13)
الْأَصَالَةُ فِي الشَّهَادَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ.
(14)
بِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي حَالَةِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَذِّرًا حُضُورُ الْأَصْلِ وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1815)(الْبَحْرُ) .
الصِّنْفُ الثَّانِي: الرَّاجِعُ لِلشَّهَادَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلًا - لَفْظُ الشَّهَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1689) . (ثَانِيًا) عَدَدٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلرِّجَالِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) .
(ثَالِثًا) اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1712) .
الصِّنْفُ الثَّالِثُ: الرَّاجِعُ عَلَى مَكَانِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (687 1) .
رَابِعًا: سَبَبُهَا، وَسَبَبُ وُجُوبِ الشَّهَادَةِ اثْنَانِ: أَوَّلًا - أَنْ يَطْلُبَ صَاحِبُ الْحَقِّ إيفَاءَ الشَّهَادَةِ مِنْ الشَّاهِدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] فَلِذَلِكَ إذَا طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ مُنْحَصِرَةٌ فِيهِمَا الشَّهَادَةُ إيفَاءُ الشَّهَادَةِ وَكَتَمَا الشَّهَادَةَ يَأْثَمَانِ؛ لِأَنَّ كَتْمَ
الشَّهَادَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283](الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) .
ثَانِيًا - أَنْ يَخَافَ مِنْ ضَيَاعِ حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدٌ شَاهِدًا عَلَى حَقِّ آخَرَ وَخِيفَ عَلَى حَقِّهِ لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّاهِدَ هُوَ شَاهِدٌ عَلَى حَقِّهِ فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُخْبِرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ عَنْ كَيْفِيَّةِ شَهَادَتِهِ وَأَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي إذَا طَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ وَإِلَّا لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ حَقَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
خَامِسًا: حُكْمُهَا، وَحُكْمُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي وُجُوبُ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1828) إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ لِأَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ: أَوَّلًا - أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بَيْنَ الْأَقْرِبَاءِ فَيَأْمَلُ الْقَاضِي حُصُولَ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا. ثَانِيًا - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لَدَيْهِ دَفْعًا لِلدَّعْوَى وَيَطْلُبَ الْإِمْهَالَ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ لَدَى الْقَاضِي رَيْبٌ وَشُبْهَةٌ فِي الشُّهُودِ. وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الْأَسْبَابُ الثَّلَاثَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1828)(الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
سَادِسًا: صِفَتُهَا إنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ وَأَدَاءَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ: تَحَمُّلُهَا - إذَا طَلَبَ الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ أَحَدٍ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ حِينَ الْعَقْدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَجَاءَا إلَى مَحْضَرِ الشُّهُودِ، فَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الشُّهُودِ وَفَرْضِيَّةُ ذَلِكَ ثَابِتَةٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ذَهَابُهُمْ إلَى مَحْضَرِ الْعَاقِدَيْنِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ أَنْ يَذْهَبَا إلَى مَحْضَرِ الشُّهُودِ وَقَدْ وُضِّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (292) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَجِدَ آخَرَ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَحَمُّلِهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ آثِمًا.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ، أَنَّ التَّحَمُّلَ كَالْأَدَاءِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ. طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدٍ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ يَجِدُ غَيْرَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ.
أَدَاؤُهَا - إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ قَائِلًا: فَلْيَحْضُرْ الْقَاضِي إلَيَّ وَيَسْتَمِعْ شَهَادَتِي فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ آثِمًا (الْبَحْرُ) .
وَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً عَلَى شَهَادَتِهِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ فَإِذَا طَلَبَ الشَّاهِدُ أُجْرَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .
وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ الشَّاهِدُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَحْضَرَهُ الْمُدَّعِي أَمَامَ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ شَهَادَتَهُ مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْيَمِينِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدَ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
شُرُوطُ فَرْضِيَّةِ الْأَدَاءِ: إنَّ فَرْضِيَّةَ الْأَدَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ:
1 -
أَنْ يَطْلُبَ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَكَمَا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ طَلَبُهَا أَيْضًا (الدُّرَرُ) . وَلَكِنْ فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ فِي الْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طَلَبُ الشَّهَادَةِ وَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَبِلَا دَعْوَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَيَشْهَدَ فِي ظَرْفِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخَّرَ الشَّهَادَةَ إلَى بَعْدِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يُعَاشِرَانِ بَعْضَهُمَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
مَثَلًا: إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَوَرَثَتَهُ الْآخَرِينَ ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورَ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَكَانُوا عَالِمِينَ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ تُعَاشِرُ زَوْجَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَرَكُوا وَأَخَّرُوا الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْبَحُوا فَاسْقِينَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهِمْ الشَّهَادَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1705) أَمَّا إذَا كَانَ تَأْخِيرُ الشَّهَادَةِ لِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْبَحْرُ وَالنَّتِيجَةُ) .
2 -
أَنْ يَعْلَمَ الشَّاهِدُ أَنَّ الْقَاضِيَ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَتَضَرَّرَ الشَّاهِدُ بِسَبَبِ عَدَمِ تَعْدِيلِ شَهَادَتِهِ وَجَرْحِهَا فَيَثْلِمُ شَرَفَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
3 -
أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادُ وَمَذْهَبُ الْقَاضِي مُخَالِفًا لِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ الشَّاهِدِ. مَثَلًا إذَا كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَبِمَا أَنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ، وَكَانَ الشَّاهِدُ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ وَيَقُولُ بِجَوَازِ هِبَتِهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى تِلْكَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلِلشَّاهِدِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ وَعَلَيْهِ فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْقَاضِي هُوَ عُذْرٌ لِلشَّاهِدِ لِتَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ (الْحَمَوِيُّ) .
4 -
أَنْ يَكُونَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مُتَعَيِّنًا عَلَى الشَّاهِدِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّهُودُ جَمْعًا وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فَيَسْقُطُ وُجُوبُ الشَّهَادَةِ عَنْ الْآخَرِينَ. أَمَّا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْآخَرِينَ أَنْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّ الْآخَرِينَ إذَا لَمْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ يَتْلَفُ حَقُّ الْمُدَّعِي وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّلَفَ يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ مُتَسَبِّبِينَ بِتَلَفِ حَقِّ الْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
كَذَلِكَ إذَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ بَعْضِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ لِشَهَادَةِ الْآخَرِينَ فَيَجِبُ عَلَى الْآخَرِينَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ قَبُولُ شَهَادَةِ بَعْضِ الشُّهُودِ أَسْرَعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْآخَرِينَ فَتَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّهُودِ الَّذِينَ يَكُونُونَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمْ عَنْهَا يُؤَدِّي إلَى تَضْيِيعِ الْحَقِّ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَحْرُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا الْحَقِّ.
5 -
أَنْ لَا يُخْبِرَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ بِبُطْلَانِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبَضَ دَيْنَهُ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَقَالَا الْبَيْعَ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بُطْلَانُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ مَنْ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَخْبَرُوا الشَّاهِدَ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرَ عَادِلِينَ فَالشَّاهِدُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ شَهِدَ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ الْخَبَرَ الَّذِي أَخْبَرَهُ إيَّاهُ الرَّجُلَانِ وَإِنْ شَاءَ امْتَنَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ لِلشَّاهِدِ وَاحِدًا فَلَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ تَرْكُ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ الْوَاحِدُ عَدْلًا. كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ خَبَرًا مُخَالِفًا لِمَا سَمِعَهُ فَإِذَا تَعَيَّنَ عِنْدَ الشَّاهِدِ صِدْقُ ذَلِكَ الْخَبَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّسَامُعِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مُتَيَقِّنًا كَذِبَ ذَيْنِكَ الْمُخْبِرَيْنِ. كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ الشَّاهِدَ خَبَرًا مُخَالِفًا لِمَا سَمِعَهُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ حَسَبَ مَسْمُوعِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَ الشَّاهِدِ صِدْقُ خَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ.
6 -
أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي الَّذِي سَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ فِي حُضُورِهِ عَادِلًا فَلِلشَّاهِدِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَشْهَدَ أَمَامَ قَاضٍ غَيْرِ عَادِلٍ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ قَاضٍ عَادِلٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرُدَّ وَيَجْرَحَ الْقَاضِي الْغَيْرُ الْعَادِلِ شَهَادَتَهُ وَيَتَحَمَّلُ الشَّاهِدُ الْعَارَ وَالْخَجَلَ. أَمَّا إذَا حَصَلَ ظَنٌّ غَالِبٌ عِنْدَ الشَّاهِدِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ الْغَيْرَ الْعَادِلِ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِشُهْرَتِهِ فَاللَّائِقُ أَنْ تَتَعَيَّنَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّاهِدِ (الْبَحْرُ) .
7 -
إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ يَجِبُ أَلَا يَكُونَ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ بُنِيَ عَلَى الْخَوْفِ فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ عَنْ خَوْفٍ فَلَهُ أَلَا يَشْهَدَ (الْبَحْرُ) .
8 -
أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَ مَحِلُّ الْقَاضِي بَعِيدًا عَنْ الشَّاهِدِ بِدَرَجَةِ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى مَحْضَرِ الْقَاضِي لَا يَسْتَطِيعُ الْعَوْدَةَ إلَى بَيْتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلِلشَّاهِدِ