الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 1555) يَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى الْحُقُوقِ]
الْمَادَّةُ (1555) - (يَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى الْحُقُوقِ كَدَعْوَى حَقِّ الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ) .
إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي حَقًّا يَلْزَمُ الْخَصْمَ فِيهِ الْيَمِينُ فَيَجُوزُ افْتِدَاءُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْبَدَلِ مَهْمَا كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِلْمُدَّعِي لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْحُقُوقِ كَحَقِّ الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ وَكَحَقِّ وَضْعِ الْجُذُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقَّ شُفْعَةٍ فِي الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا آخَرُ، وَتَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمَشْفُوعِ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الشَّفِيعُ دَعْوَى الشُّفْعَةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ صَحَّ الصُّلْحُ وَأَصْبَحَ بَدَلُ الصُّلْحِ حَقًّا لِلشَّفِيعِ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَحِقُّ لِمَنْ كَانَ شَفِيعًا فِي دَرَجَةِ ذَلِكَ الشَّفِيعِ أَوْ لِمَنْ كَانَ مُؤَخَّرًا عَنْهُ أَنْ يَطْلُبَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ إذَا رَاعَى شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ.
مُسْتَثْنًى: وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ، وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْمُودِعِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا (الْأَشْبَاهُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّ الصُّلْحَ بَعْدَ حَلِفِ الْيَمِينِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1550)(وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
إيضَاحُ عِبَارَةِ (دَعَاوَى) أَنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ:
1 -
حَقُّ الشُّرْبِ.
2 -
حَقُّ الشُّفْعَةِ.
3 -
حَقُّ الْمُرُورِ.
وَيُوجَدُ فِي كُلٍّ مِنْهَا احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: الصُّلْحُ فِيهَا عَنْ الدَّعْوَى، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فَالصُّلْحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ جَائِزٌ، وَاَلَّذِي بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنْ نَفْسِ هَذِهِ الْحُقُوقِ أَيْ عَنْ نَفْسِ حَقِّ الشُّرْبِ وَنَفْسِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَنَفْسِ حَقِّ الْمُرُورِ وَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ، وَتَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي جَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ.
1 -
الصُّلْحُ عَنْ عَيْنِ حَقِّ الشُّرْبِ، فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ.
لِأَنَّهُ حَسَبَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1533) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا يَقْبَلُ الِاعْتِيَاضَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (216) بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَمْلِيكُ حَقِّ الشُّرْبِ لِآخَرَ بَعُوضٍ.
2 -
أَنْ يُسْقِطَ الشَّفِيعُ نَفْسَ حَقِّ الشُّفْعَةِ، وَأَنْ يُسَلِّمَ الْعَقَارَ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي
مُقَابِلَ بَدَلِ صُلْحٍ مَعْلُومٍ فَهَذَا الصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ (الْكِفَايَةُ) وَيَسْقُطُ بَدَلُ الصُّلْحِ بِلَا بَدَلٍ (الْخَانِيَّةُ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُعِيدَ لِلْمُشْتَرِي بَدَلَ الصُّلْحِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1534) .
أَمَّا إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَعْضِ الْمَشْفُوعِ فَيُنْظَرُ: إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ، أَوْ ثُلُثَ، أَوْ رُبْعَ الْمَشْفُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، فَإِذَا كَانَ صُلْحُ الشَّفِيعِ بَعْدَ التَّأَكُّدِ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فَيَكُونُ الشَّفِيعُ قَدْ أَخَذَ مَأْخُوذَهُ بِالشُّفْعَةِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي الْبَاقِي، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شِرَاءً جَدِيدًا وَمُبْتَدَأً.
حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْمُصَالِحُ شَرِيكًا فِي نَفْسِ الْمَشْفُوعِ، أَوْ فِي طَرِيقِهِ فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِالشُّفْعَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ صُلْحُ الشَّفِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَصَلَ قَبْلَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ كَانَ الْمِقْدَارُ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّفِيعُ شِرَاءً مُبْتَدَأً، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ فِي الْكُلِّ؛ فَلِذَلِكَ يَحِقُّ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ الْمَشْفُوعِ، وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ أَخَذَ مَحَلًّا مُعَيَّنًا مِنْ الْعَقَارِ كَأَخْذِهِ غَرْفَةً مُعَيَّنَةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَتَصَالَحَ عَلَى تَسْلِيمِ حَقِّ شُفْعَتِهِ فِي الْبَاقِي فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، وَلَا تُعْلَمُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى حَقُّ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ فِي جَمِيعِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ قَدْ أَعْرَضَ عَنْ شُفْعَتِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1534) ثُمَّ إنَّهُ إذَا أَعْطَى الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي مَبْلَغًا أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى الَّذِي أَدَّاهُ الْمُشْتَرِي، وَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَخْذِ الْمَشْفُوعِ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ الْمُبْتَدَأِ (الْخَانِيَّةُ) .
3 -
الصُّلْحُ عَنْ حَقِّ الْمُرُورِ، فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ، وَجَوَازُ بَيْعِهِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (316) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1533) .