الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: (وبتكرير) جعل الراء فقط بتكرير، يعنى (1): أنها جمعت بين صفتى الانحراف والتكرير، كما نص عليه سيبويه فيما رأيت، ونص عليه ابن الحاجب وابن مريم الشيرازى وغيرهما. وظاهر (2) كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية فى الراء، وإليه ذهب المحققون، وتكريرها ربوّها فى اللفظ لا إعادتها (3) بعد قطعها، ويجب
التحفظ من إظهار تكريرها لا سيما إذا شددت، و [القراء](4) يعدون ذلك عيبا فظيعا [فى القراءة](5)، والله أعلم.
وقوله: «وللتفشى الشين» يعنى: أن حرف (6) التفشى الشين (7) فقط باتفاق؛ لأنه تفشى فى مخرجه حتى اتصل بمخرج الظاء (8)، وأضاف بعضهم إليها حروفا أخر ولا يصح (9).
والحرف المستطيل هو الضاد؛ لأنه استطال عن الفم عند النطق به حتى اتصل بمخرج اللام؛ وذلك لما فيه من القوة بالجهر والاستعلاء (10).
وهذا (11) آخر الكلام على الحروف، وأوان الشروع فى التجويد؛ فلذا (12) قال:
ص:
ويقرأ القرآن بالتّحقيق مع
…
حدر وتدوير وكلّ متّبع
ش: (ويقرأ القرآن) فعلية، [و](بالتحقيق) يتعلق ب (يقرأ)[والباء للمصاحبة](13)، و (مع حدر) محله النصب (14) على الحال، و (تدوير) عطف على (حدر)، و (كل متبع) اسمية.
ص:
مع حسن صوت بلحون العرب
…
مرتّلا مجوّدا بالعربى
ش: (مع حسن صوت) محله نصب على الحال، والباء [فى (بلحون العرب)](15) للمصاحبة، و (مرتلا مجودا) حال و (بالعربى) صفة محذوف، أى: باللسان العربى، [ويتعلق ب (مجودا)] (16) وهذا شروع فى قوله:(وكيف يتلى [الذكر)] (17)، [أى:] (18)
(1) فى م: أى.
(2)
فى ص: فظاهر.
(3)
فى ز: إعادته.
(4)
سقط فى ز.
(5)
سقط فى م.
(6)
فى ص: حروف.
(7)
فى م: الشين التفشى.
(8)
فى ص، م: الطاء.
(9)
من هؤلاء صاحب شرح التيسير حيث أضاف الفاء إلى الشين قائلا: التفشى ومعناه الظهور، وهى صفة الشين، والفاء، وصفا بذلك لما يبدو على ظاهر الفم من التكيف والتأثر عند النطق بهما.
(10)
فى ز: والإطباق، وجاء فى شرح التييسير: أن الاستطالة هى صفة الضاد؛ لأن مخرجها يبدأ من أول حافة اللسان من أقصاه، وينتهى إلى مخارج الطرف، فيستوعب طول حافته، فيسمى بذلك مستطيلا.
قاله فى شرح التيسير.
(11)
فى م، ص: تنبيه: الحروف الخفية أربعة: الهاء وحروف المد وقد تقدم وهنا انتهى الكلام على مخارج الحروف وصفاتها والآن يشرع فى التجويد.
(12)
فى م: ولهذا، وفى ص: فلهذا.
(13)
سقط فى م.
(14)
فى م، ص، د: نصب.
(15)
سقط فى ز.
(16)
زيادة من ز.
(17)
سقط فى م.
(18)
زيادة من ز.
كلام الله تعالى يقرأ بالتحقيق وبالحدر وبالتدوير الذى هو التوسط بين الحالتين، مرتلا مجودا بلحون العرب وأصولها، وتحسين اللفظ والصوت بحسب الاستطاعة.
أما التحقيق فمعناه: المبالغة فى الإتيان بالشىء (1) على حقه (2) إلى نهاية شأنه، وعند القراء عبارة عن: إعطاء كل حرف حقه: من إشباع المد، وتحقيق الهمز، وإتمام الحركات، واعتماد (3) الإظهار، والتشديدات، وتوفية (4) الغنات، وتفكيك الحروف: وهو بيانها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتّؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف، ولا يكون معه غالبا قصر، ولا اختلاس، ولا إسكان متحرك (5)، ولا إدغام.
فالتحقيق (6) يكون لرياضة الألسن (7) وتقويم الألفاظ وإقامة القراءة بغاية (8) الترتيل، وهو الذى يستحسن ويستحب الأخذ به على المتعلمين، من غير أن يتجاوز فيه (9) إلى حد الإفراط: من تحريك السواكن، وتوليد الحروف من (10) الحركات، وتكرير الراءات، وتطنين النونات فى الغنات، كما قال حمزة- وهو إمام المحققين- لبعض من سمعه يبالغ فى ذلك: أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قطط، وما كان فوق البياض فهو برص؟! وما كان فوق القراءة فليس بقراءة؟! والتحقيق يروى (11)
عن أبى بكر [هو مذهب حمزة وورش من غير طريق الأصبهانى عنه وقتيبة عن الكسائى والأعشى عن أبى بكر](12) وعن بعض طرق الأشنانى عن حفص، وبعض البصريين (13) عن الحلوانى عن هشام، وأكثر (14) طرق العراقيين عن هشام (15) عن ابن ذكوان (16)، وساق الناظم سنده لقراءته بالتحقيق (17) إلى أبى بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الحدر: [فمصدر حدر](18) بالفتح، يحدر بالضم، إذا أسرع، فهو من الحدور الذى هو الهبوط؛ لأن الإسراع من لازمه، بخلاف الصعود، وهو عندهم عبارة عن: إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها (19) بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير
(1) فى م: على الشيء.
(2)
فى م: بحقه.
(3)
فى ص: والاعتماد.
(4)
فى م: وتغنين.
(5)
فى م: بتحريك، وفى ز: بتحرك.
(6)
فى ز: بالتحقيق، وص: والتحقيق.
(7)
فى ص: اللسان.
(8)
فى م: بغير.
(9)
فى م، ص: فى ذلك.
(10)
فى ص: عن.
(11)
فى م: مروى.
(12)
سقط فى ز، م.
(13)
فى ز: المصريين.
(14)
فى ص: وعن أكثر.
(15)
فى د: عن الأخفش.
(16)
فى ص: عن الأخفش بالتحقيق عن ابن ذكوان.
(17)
فى ز، م: به، وفى ص: لقراءته عن هشام عن الأخفش بالتحقيق.
(18)
سقط من ز.
(19)
فى م: وتحقيقها.
وتخفيف (1) الهمز (2) ونحو ذلك، مع إيثار الوصل وإقامة الإعراب وتقويم اللفظ وتمكين (3) الحروف، وهو عندهم ضد التحقيق.
فالحدر يكون لتكثير (4) الحسنات فى القراءة وحوز فضيلة التلاوة وليحترز فيه من (5) بتر حروف المد وذهاب صوت الغنة واختلاس [أكثر](6) الحركات ومن التفريط إلى غاية لا تصح (7) بها القراءة، ولا تخرج (8) عن حد الترتيل (9).
والحدر مذهب ابن كثير وأبى جعفر وسائر من قصر المنفصل، كأبى عمرو ويعقوب وقالون والأصبهانى، وكالولى عن حفص، وأكثر العراقيين عن الحلوانى عن هشام.
وأما التدوير فهو: التوسط بين المقامين، وهو الوارد عن الأكثر ممن روى مد المنفصل ولم يبلغ فيه إلى الإشباع، وهو مذهب سائر القراء، وصح عن الأئمة، وهو المختار.
وأما الترتيل فهو مصدر من: رتل فلان كلامه، إذا أتبع بعضه بعضا على مكث، وهو الذى نزل به القرآن، قال (10) تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4]، وعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّ الله تعالى يحبّ أن يقرأ القرآن كما أنزل» (11) أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه. وقال ابن عباس فى قوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا: [بيّنه](12)، وقال [ابن] (13) مجاهد: تأنّ فيه، وقال الضحاك: انبذه حرفا حرفا، يقول تعالى: تثبت فى قراءته وتمهل فيها وافصل الحرف من الحرف الذى بعده، ولم يقتصر سبحانه على الأمر بالفعل حتى أكده بالمصدر اهتماما به وتعظيما له؛ ليكون ذلك عونا على تدبر القرآن وتفهمه، وكذلك كان [النبى](14) صلى الله عليه وسلم يقرأ، ففي جامع الترمذى وغيره عن يعلى أنه سأل أم سلمة عن قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فإذا هى قراءة مفسرة حرفا حرفا (15). وقالت السيدة حفصة-
(1) فى ص: وتحقيق.
(2)
فى م: الهمزة.
(3)
فى م: وتسكين، وفى ز: وتمكن.
(4)
فى ز: لتكثر.
(5)
فى ص: عن.
(6)
سقطت من م.
(7)
فى د: لا يصح.
(8)
فى د، م: ولا يخرج.
(9)
فى م، د: التنزيل.
(10)
فى م: فقال.
(11)
ذكره الهندى فى كنز العمال (3069) وعزاه للسجزى فى الإبانة عن زيد بن ثابت.
(12)
سقطت من ز.
(13)
سقطت فى ص.
(14)
زيادة من ز.
(15)
أخرجه عبد الرزاق (4709)، وأحمد (6/ 294، 297، 300، 308)، والبخارى فى خلق أفعال العباد (23)، وأبو داود (1/ 463) كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل فى القراءة (1466)، والنسائى (2/ 181) كتاب الافتتاح باب تزيين القرآن بالصوت، والترمذى (5/ 43) كتاب فضائل القرآن باب ما جاء كيف كانت قراءة النبى صلى الله عليه وسلم (2923)، وابن خزيمة (1158)، والطحاوى فى شرح المشكل (5408)، والطبرانى فى الكبير (23، 645، 646، 977) وأبو الشيخ فى أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم (157)، وابن نصر فى قيام الليل (85)، والبيهقى (3/ 13).
رضى الله عنها-: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة فإذا هى أطول من أطول منها» (1)، وعن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«كانت مدّا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد: الله، ويمد: الرحمن، ويمد: الرحيم» (2).
واختلفوا فى الأفضل:
فقال بعضهم: السرعة وكثرة القراءة أفضل؛ لحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها» (3) الحديث رواه الترمذى، ورواه غيره «بكلّ حرف عشر حسنات» ، ولأن عثمان قرأه فى ركعة.
والصحيح بل الصواب، وهو مذهب السلف والخلف: أن الترتيل والتدبر (4) مع قلة القراءة أفضل؛ لأن المقصود فهم القرآن والفقه فيه والعمل به، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه، وقد جاء ذلك نصّا عن ابن مسعود وابن عباس- رضى الله عنهما- والكلام على هذا يطول.
وفرق بعضهم بين الترتيل والتحقيق: [بأن التحقيق يكون](5) للرياضة والتعليم والتمرين (6)، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط، فكل تحقيق ترتيل ولا عكس، وقال على- رضى الله عنه-: الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وأما حسن الصوت فروى الضحاك قال: قال عبد الله بن مسعود: «جودوا القرآن وزينوه بأحسن الأصوات وأعربوه؛ فإنه عربى، والله يحب أن يعرب» ؛ فلذلك ذكر نبذة (7) من التجويد فقال:
ص:
والأخذ بالتّجويد حتم لازم
…
من لم يجوّد (8) القرآن آثم
لأنّه به الإله أنزلا
…
وهكذا منه إلينا وصلا
(1) أخرجه مسلم (1/ 507) كتاب صلاة المسافرين باب جواز النافلة قائما وقاعدا (118/ 733)، وأحمد (6/ 285)، وعبد الرزاق (4089)، والترمذى (1/ 399) كتاب الصلاة باب فيمن يتطوع جالسا (373)، وفى الشمائل له (281)، والنسائى (3/ 223) كتاب قيام الليل باب صلاة القاعد، وأبو يعلى (7055)، وابن خزيمة (1242)، وابن حبان (2508، 2530)، والبيهقى (2/ 490).
(2)
أخرجه البخارى (10/ 111) كتاب فضائل القرآن باب مد القراءة (5045، 5046) وفى خلق أفعال العباد (37، 38)، وأحمد (3/ 119، 127، 131)، وأبو داود (1/ 463) كتاب الصلاة باب استحباب الترتيل (1465)، والترمذى فى الشمائل (315)، والنسائى (2/ 79) كتاب الافتتاح باب مد الصوت بالقراءة.
(3)
تقدم.
(4)
فى ص: والتدوير.
(5)
فى م: بأن تكون التحقيق.
(6)
فى م: والتمرين والتعليم.
(7)
فى م: جملة.
(8)
فى ز، د، ص: من لم يصحح.
وهو إعطاء الحروف حقّها
…
من صفة لها ومستحقّها
مكمّلا من غير ما تكلّف
…
باللّطف فى النّطق بلا تعسّف
ش: (والأخذ بالتجويد حتم) اسمية، و (لازم) توكيد معنوى، و (من) موصولة (1)، و (لم يجود (2)[القرآن](3)) جملة الصلة، و (آثم) خبره، و (لأنه) يتعلق (4) ب (آثم)، والهاء اسم (إن) تعود (5) على (القرآن)، و (الإله) مبتدأ و (أنزل) خبره (6)، والعائد محذوف، والجملة خبر (لأنه) و (به) يتعلق ب (أنزل)، والهاء تعود على التجويد، و (إلينا) و (عنه) يتعلقان ب (وصل)، و (هكذا) صفة لمصدر محذوف تقديره: ووصل إلينا عنه وصولا كهذا (7) الوصول (8)، يعنى وصل إلينا [عن النبى صلى الله عليه وسلم](9) مجردا كما وصل إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
اعلم أن التجويد مصدر: جوّد تجويدا، وهو عندهم عبارة عن: الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الرداءة فى النطق ومعناه: انتهاء الغاية فى التصحيح، وبلوغ النهاية فى التحسين، ولا شك أن الأمة كما هى متعبّدة (10) بفهم القرآن وإقامة حدوده، متعبّدة بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القرآن المتصلة (11) بالحضرة النبوية- على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربى الفصيح وعدل إلى غيره؛ استغناء بنفسه، واستبدادا برأيه، واستكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه- فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاش بلا مرية؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الدين النّصيحة، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم» (12)، أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى
(1) فى م: موصول مبتدأ.
(2)
فى ز، د، ص: ولم يصحح.
(3)
سقطت من م.
(4)
فى م: متعلق.
(5)
فى ص: يعود.
(6)
فى م: خبره فعلية.
(7)
فى م، د: هكذا.
(8)
فى ز: الوصل.
(9)
سقطت من م، د.
(10)
فى م: متعبدون.
(11)
فى م: المتصلين.
(12)
أخرجه مسلم (1/ 74) كتاب: الأيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، حديث (95/ 55)، وأبو داود (5/ 233، 234) كتاب: الأدب، باب: فى النصيحة، حديث (4944)، والنسائى (7/ 156) كتاب: البيعة، باب: النصيحة للإمام، وأحمد (4/ 102)، والحميدى (2/ 369) رقم (837)، وأبو عوانة (1/ 36 - 37)، والبخارى فى التاريخ الصغير (2/ 34)، وأبو عبيد فى الأموال (ص- 10) رقم (1)، وأبو يعلى (13/ 100) رقم (7164)، وابن حبان فى «روضة العقلاء» (ص- 194)، والطبرانى فى الكبير (2/ 52، 54)، والبيهقى فى «شعب الإيمان» (6/ 26) رقم (7401)، والبغوى فى شرح السنة (6/ 485)، والقضاعى فى مسند الشهاب رقم (17، 18) كلهم
الصواب، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وعد العلماء القراءة بغير (1) تجويد لحنا وقسموا اللحن إلى جلى وخفى، والصحيح أن اللحن خلل يطرأ على الألفاظ فيخل (2)، إلا أن الجلى يخل إخلالا ظاهرا يعرفه (3) القراء وغيرهم، والخفى يختص بمعرفته [أئمة](4) القراء الذين ضبطوا [ألفاظ الأداء](5) وتلقوها (6) من أفواه (7) العلماء.
قال الإمام أبو عبد الله الشيرازى: ويجب (8) على القارئ أن يتلو (9) القرآن حق تلاوته؛ صيانة للقرآن عن أن يجد (10) اللحن إليه سبيلا، على أن العلماء اختلفوا فى وجوب حسن الأداء فى القرآن: فذهب بعضهم إلى أن ذلك مقصور على ما يلزم المكلف قراءته فى المفروضات، وآخرون إلى وجوبه فى [كل](11) القرآن؛ لأنه لا رخصة فى تغيير اللفظ بالقرآن [وتعويجه](12). انتهى.
والخلاف الذى ذكره غريب، بل الصواب الوجوب فى كل القرآن، وكذلك قال
من طريق سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن عطاء بن يزيد عن تميم الدارى؛ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» قالوا: لمن يا رسول الله قال: «لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم» .
وفى الباب عن أبى هريرة، وابن عباس، وغيرهما.
حديث أبى هريرة:
أخرجه الترمذى (4/ 286) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء فى النصيحة، حديث (1926)، والنسائى (7/ 157) كتاب: البيعة، باب: النصيحة للإمام، وأحمد (2/ 297)، والبخارى فى التاريخ الصغير (2/ 35)، وأبو نعيم فى الحلية (6/ 242، 7/ 142) عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ثلاث مرات قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم» .
وقال الترمذى: حسن صحيح.
حديث ابن عباس:
أخرجه أحمد (1/ 351)، والبزار (1/ 49 - 50 - كشف) رقم (61)، وأبو يعلى (4/ 259) رقم (2372) من حديث ابن عباس.
أما أبو يعلى والبزار، فأخرجاه من طريق زيد بن الحباب: ثنا محمد بن مسلم الطائفى، ثنا عمرو ابن دينار، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ، قالوا: لمن يا رسول الله؟
قال: «لكتاب الله ولنبيه ولأئمة المسلمين» .
(1)
فى م: بلا.
(2)
فى ز، م: فتخل.
(3)
فى م: تعرفه.
(4)
سقط فى ز.
(5)
فى م: الألفاظ للأداء.
(6)
فى ص: وتلقوه.
(7)
فى ص: ألفاظ.
(8)
فى ص، م: يجب.
(9)
فى ص: يقرأ.
(10)
فى م: لا يجد.
(11)
سقط فى م.
(12)
سقط فى ص.
أبو الفضل الرازى، فالتجويد حلية التلاوة (1)، وزينة القراءة (2)، وهو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها فى مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه، وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على كل حال من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله:
من أحبّ أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أمّ عبد» (3)
يعنى ابن مسعود، وكان- رضى الله عنه- قد أعطى حظّا عظيما فى [تجويد](4) القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى، وناهيك برجل أحب النبى صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه! ولما قرأ بكى النبى صلى الله عليه وسلم. وعن أبى عثمان [النهدى] (5) قال: صلى (6) بنا ابن مسعود المغرب [قصرا](7) فقرأ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] ولوددت (8) أنه قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله، وهذه سنة الله تعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا (9) كما أنزل، تلتذ (10) الأسماع بتلاوته، وتخشع القلوب عند قراءته، ولقد بلغنا عن الإمام تقى الدين بن الصائغ المصرى، وكان أستاذا فى التجويد: أنه قرأ يوما فى صلاة الصبح: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل: 20] وكرر [هذه](11) الآية، فنزل طائر على رأس الشيخ فسمع قراءته حتى أكملها، فنظروا إليه فإذا هو هدهد. وبلغنا عن الأستاذ أبى محمد البغدادى، المعروف بسبط الخياط (12)، وكان قد أعطى من ذلك حظّا عظيما: أنه أسلم جماعة من اليهود
(1) فى م: الأداء.
(2)
فى ز، م: القرآن.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 7، 445، 446، 454)، وابن ماجة (1/ 148) فى المقدمة، باب: فضل عبد الله بن مسعود (138)، وابن حبان (7066، 7067) وأبو يعلى فى مسنده (16، 17، 5058، 5059)، والبزار (2681)، والطبرانى (8417).
(4)
سقط فى م.
(5)
سقط فى ص، وفى م: المهدى، وهو عبد الرحمن بن مل- بضم أوله وكسر اللام- ابن عمرو ابن عدى النهدى أبو عثمان الكوفى. أسلم وصدق ولم ير النبى صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر
وعلى وأبى ذر.
وعنه قتادة وأيوب وأبو التياح والجريرى وخلق. وثقه ابن المدينى وأبو حاتم والنسائى. قال سليمان التيمى: إنى لأحسب أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا، كان ليله قائما ونهاره صائما. وقيل: إنه حج واعتمر ستين مرة. قال عمرو بن على: مات سنة خمس وتسعين. وقال ابن معين: سنة مائة، عن أكثر من مائة وثلاثين سنة.
ينظر: الخلاصة (2/ 153 - 4258).
(6)
فى ص: أمنا.
(7)
سقط فى م، ص.
(8)
فى م، ص: فوددت.
(9)
فى ز: صحيحا.
(10)
فى ز: يلتذ.
(11)
سقطت من م.
(12)
هو عبد الله بن على بن أحمد بن عبد الله أبو محمد البغدادى سبط أبى منصور الخياط الأستاذ البارع الكامل الصالح الثقة شيخ الإقراء ببغداد فى عصره، ولد سنة أربع وستين وأربعمائة، قرأ القراءات على جده أبى منصور محمد بن أحمد وأبى الفضل محمد بن محمد بن الطيب الصباغ وأبى طاهر