الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ [النحل: 60]، فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ [الماعون: 4] فالوقف على ذلك كله لا يجوز إلا اضطرارا؛ لانقطاع النفس [ونحو ذلك](1) من عارض لا يمكنه الوصل معه.
تتمة: الابتداء لا يكون إلا اختياريّا؛ لأنه ليس كالوقف تدعو إليه الضرورة (2)؛ فلا يجوز إلا بمستقل بالمعنى موف بالمقصود، وهو فى أقسامه كالوقف، ويتفاوت تماما، وكفاية، وحسنا، وقبحا (3)؛ بحسب التمام وعدمه، وفساد المعنى وإحالته، نحو الوقف على: وَمِنَ النَّاسِ [البقرة: 8] فإن الابتداء بالناس قبيح، فلو وقف على مَنْ يَقُولُ
[البقرة: 8] كان الابتداء ب يَقُولُ أحسن من الابتداء ب مِنَ، وكذا الوقف على خَتَمَ اللَّهُ [البقرة: 7] قبيح، والابتداء ب اللَّهُ أشد منعا، وب خَتَمَ أقبح منهما. والوقف على بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ [البقرة: 120] ضرورة، والابتداء بما بعده (4) قبيح وكذا بما قبله، بل من أول الكلام.
[و] قد يكون الوقف حسنا والابتداء به قبيحا، نحو: يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ [الممتحنة: 1] الوقف عليه (5) حسن لتمام الكلام، والابتداء ب وَإِيَّاكُمْ قبيح لفساد المعنى، وقد يكون الوقف قبيحا والابتداء به جيد، نحو: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا [يس: 52] للفصل (6) فى الوقف بين (7) المبتدأ وخبره والابتداء بها (8) كاف أو تام؛ لأنه وما بعده جملة مستأنفة [رد](9) بها قولهم. والله أعلم.
ص:
وليس فى القرآن من وقف يجب
…
ولا حرام غير ما له سبب
ش: (فى القرآن)(10) خبر مقدم، و (وقف) اسم (ليس) و (من) زائدة للتوكيد و (يجب) صفة (وقف)، و (لا حرام) بالجر عطفا (11) على محل (يجب) (12)؛ لأنه فى تقدير: ليس فى القرآن من وقف واجب ولا حرام، مثل قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ [الأنعام: 95]، و (غير) يجوز نصب رائها على الاستثناء وجرها على الإتباع، و (ما) يجوز أن تكون نكرة موصوفة و (له سبب) صفتها، و [يجوز أن تكون] موصولة فصلتها.
أى: ليس فى القرآن وقف واجب ولا حرام إلا ما حصل فيه سبب يوجب تحريمه كما
(1) سقط من ز.
(2)
فى د: ضرورة.
(3)
فى ز: وقبيحا.
(4)
فى م: بعدهما.
(5)
فى م: على وإياكم.
(6)
فى ز: الفصل.
(7)
فى ز، م: على.
(8)
فى م، د: به.
(9)
سقط فى م.
(10)
فى م: الوقف.
(11)
فى ص: عطف.
(12)
فى م، ص: وجب.
لو وقف على قالُوا، وابتدأ: إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة: 73] واعتقد ظاهره؛ فإن هذا الوقف حرام بسبب الاعتقاد، وأشار بهذا إلى ما اصطلح (1) السجاوندى (2) على تسميته (3) لازما، وعبر عنه بعضهم بالواجب، وليس معناه عنده أنه لو تركه أثم، وكذلك (4) أكثر السجاوندى من قوله: لا، أى: لا تقف، فتوهم (5)[بعض الناس أنه قبيح محرم الوقف عليه والابتداء بما بعده، وليس كذلك، بل هو من الحسن بحيث يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده، فصار متبعو السجاوندى](6) إذا اضطرهم النفس يتركون الوقف على الحسن الجائز ويعتمدون (7) القبيح الممنوع، والصواب: أن الأول يتأكد استحباب الوقف عليه لبيان المعنى المقصود؛ لأنه لو وصل طرفاه لأوهم معنى غير مراد (8)، ويجيء هذا فى التام والكافى، وربما يجيء فى الحسن.
فمن التام الوقف على قوله: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ [يونس: 65]، والابتداء إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ [يونس: 65] ومنه وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران: 7] عند الجمهور وعلى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران: 7] عند الآخرين.
وقوله: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ [الزمر: 32] والابتداء وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ [الزمر: 33] لئلا يوهم العطف وقوله: أَصْحابُ النَّارِ بغافر [الآية: 6] [والابتداء:
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ [غافر: 7]؛ لئلا يوهم النعت] (9) وقوله: إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ [إبراهيم: 38][والابتداء: وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [إبراهيم: 38]؛ لئلا يوهم وصل ما وعطفها] (10).
ومن الكافى الوقف على نحو: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8] والابتداء يُخادِعُونَ اللَّهَ [9] لئلا يوهم أن يُخادِعُونَ حال، ونحو: وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة: 212] والابتداء وَالَّذِينَ اتَّقَوْا [البقرة: 212] لئلا يوهم الظرفية ل وَيَسْخَرُونَ، ونحو: تِلْكَ
(1) فى م: ما اصطلح عليه.
(2)
فى ز: السخاوى، وهو محمد بن محمد بن عبد الرشيد بن طيفور، سراج الدين، أبو طاهر السجاوندى الحنفى. فقيه، مفسر، فرضى، حاسب. من آثاره:«السراجية» فى الفرائض، و «التجنيس» فى الحساب، و «عين المعانى فى تفسير السبع المثانى» ، و «رسالة فى الجبر والمقابلة» ، و «ذخائر النثار فى أخبار السيد المختار» صلى الله عليه وسلم.
ينظر: الجواهر المضيئة (2/ 119)، ومعجم المؤلفين (11/ 322)، وهدية العارفين (2/ 106)، وتاج التراجم (57).
(3)
فى ص: عليه بتسميته.
(4)
فى ص: ولذلك.
(5)
فى د: وتوهم.
(6)
ما بين المعكوفين سقط فى م.
(7)
فى د: ويتعمدون.
(8)
فى م: مراده.
(9)
سقط من ز.
(10)
سقط من ز.
الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [البقرة: 253][والابتداء: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ](1)[البقرة: 253]؛ لئلا يوهم التنقيص للمفضل عليهم، ونحو: ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة: 73]؛ لئلا يوهم أن ما بعده من قولهم، ونحو: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً [الأعراف: 34] والابتداء وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: 34] لئلا يوهم العطف على جواب الشرط، ونحو:
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر: 3] والابتداء تَنَزَّلُ [القدر: 4] لئلا يوهم الوصفية.
ومن الحسن: الوقف على نحو: مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى [البقرة: 246]، والابتداء إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ [البقرة: 246]؛ لئلا يوهم أن العامل فيه أَلَمْ تَرَ [البقرة: 246]، ونحو: ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ [المائدة: 27]، والابتداء إِذْ قَرَّبا [المائدة: 27]، ونحو: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ [يونس: 71]، والابتداء إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ [يونس: 71] كل ذلك ألزم السجاوندى الوقف عليه؛ لئلا يوهم أن العامل فى إِذْ الفعل المتقدم، ونحو: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: 9] والابتداء وَتُسَبِّحُوهُ [الفتح: 9] فإن ضمير الأولين عائد إلى النبى صلى الله عليه وسلم والثالث إلى الله تعالى.
وأما الذى منعه السجاوندى، وهو القسم الثانى، فكثير منه (2) يجوز الابتداء بما بعده، وأكثره يجوز الوقف عليه، وتوهم بعض تابعى السجاوندى أن منعه من الوقف على ذلك يقتضى أنه قبيح، أى: لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده؛ وليس كذلك، بل هو من الحسن، بحيث يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ فصاروا لضرورة النفس يتركون الجائز ويتعمدون القبيح الممنوع، فيقفون على أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ [الفاتحة: 7]، وعلى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ [البقرة: 2، 3] وهو قبيح إجماعا، ويتركون عَلَيْهِمْ، ولِلْمُتَّقِينَ وحجتهم قول السجاوندى: لا. فليت شعرى لما منع الوقف عليهما؟! هل أجازه على غَيْرِ وعلى الَّذِينَ؟ وفهم كلام السجاوندى على هذا فى غاية السقوط نقلا وعقلا، بل مراده بقوله: أى لا يوقف عليه على أن يبتدأ بما بعده كغيره من الأوقاف.
ومن المواضع التى منع السجاوندى الوقف عليها: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2] وقد تقدم فيه جواز الثلاثة، ومنها يُنْفِقُونَ [البقرة: 3] وجوازه ظاهر، وقد روى عن ابن عباس أنه صلى الصبح فقرأ فى الأولى الفاتحة والم [البقرة: 1] إلى لِلْمُتَّقِينَ [2] وفى الثانية (3) إلى يُنْفِقُونَ [3]، وناهيك بالاقتداء بحبر القرآن. ومنها فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة: 10] قال: لأن الفاء للجزاء (4)، ولو جعله من اللازم لكان ظاهرا
(1) سقط من ز.
(2)
فى د: منهم.
(3)
فى ز، ص: وبالثانية.
(4)
فى م: للجواز.