الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلّا سلّمت عشرا؟» (1) ولهذا الحديث عطف (السلام) على (الصلاة)، ولاقترانه به فى الأمر بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56].
وعن أبى سعيد: «ما من قوم يقعدون ثمّ يقومون ولا يصلّون على النّبىّ صلى الله عليه وسلم، إلّا كان عليهم حسرة يوم القيامة» (2).
ثم عطف فقال:
ص:
وآله وصحبه ومن تلا
…
كتاب ربّنا على ما أنزلا
ش: (وآله) عطف على النبى صلى الله عليه وسلم، وأصله: أهل، أو: أول (3) وسيأتى تصريفه،
(1) أخرجه أحمد (4/ 30) والنسائى (3/ 44) كتاب السهو باب فضل التسليم على النبى صلى الله عليه وسلم عن عبد الله ابن أبى طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر فى وجهه فقلنا إنا لنرى البشر فى وجهك فقال: إنه أتانى الملك فقال: يا محمد إن ربك يقول
…
» فذكره.
(2)
أخرجه أحمد (2/ 446، 453، 481، 484، 495) والترمذى (5/ 391) كتاب الدعوات باب فى القوم يجلسون ولا يذكرون الله (3380) وابن حبان (853) والطبرانى فى الدعاء (1923، 1924، 1925) وأبو نعيم فى الحلية (8/ 130) وابن السنى فى عمل اليوم والليلة (451) والحاكم (1/ 496) والبيهقى (3/ 210) وفى الشعب (1569) عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم» .
وفى الباب عن أبى أمامة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مغفل وغيرهم.
(3)
فى ص: وأصل أهل: أول. قلت: قال ابن منظور فى اللسان: وآل الله وآل رسوله أولياؤه أصلها أهل ثم أبدلت الهاء همزة فصارت فى التقدير أأل فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا كما قالوا
آدم وآخر وفى الفعل آمن وآزر فإن قيل ولم زعمت أنهم قلبوا الهاء همزة ثم قلبوها فيما بعد وما أنكرت من أن يكون قلبوا الهاء ألفا فى أول الحال فالجواب أن الهاء لم تقلب ألفا فى غير هذا الموضع فيقاس هذا عليه فعلى هذا أبدلت الهاء همزة ثم أبدلت الهمزة ألفا وأيضا فإن الألف لو كانت منقلبة عن غير الهمزة المنقلبة عن الهاء كما قدمناه لجاز أن يستعمل آل فى كل موضع يستعمل فيه أهل ولو كانت ألف آل بدلا من أهل لقيل انصرف إلى آلك كما يقال انصرف إلى أهلك وآلك والليل كما يقال أهلك والليل فلما كانوا يخصون بالآل الأشرف الأخص دون الشائع الأعم حتى لا يقال إلا فى نحو قولهم القراء آل الله وقولهم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ووَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [غافر: 28] وكذلك ما أنشده أبو العباس للفرزدق:
نجوت ولم يمنن عليك طلاقة
…
سوى ربة التقريب من آل أعوجا
لأن أعوج فيهم فرس مشهور عند العرب فلذلك قال آل أعوجا كما يقال أهل الإسكاف دل على أن الألف ليست فيه بدلا من الأصل وإنما هى بدل من الأصل فجرت فى ذلك مجرى التاء فى القسم؛ لأنها بدل من الواو فيه والواو فيه بدل من الباء فلما كانت التاء فيه بدلا من بدل وكانت فرع الفرع اختصت بأشرف الأسماء وأشهرها وهو اسم الله فلذلك لم يقل تزيد ولا تلبيت كما لم يقل آل الإسكاف ولا آل الخياط فإن قلت فقد قال بشر:
لعمرك ما يطلبن من آل نعمة
…
ولكنما يطلبن قيسا ويشكرا
فقد أضافه إلى نعمة وهى نكرة غير مخصوصة ولا مشرفة فإن هذا بيت شاذ قال ابن سيده هذا كله قول ابن جنى قال والذى العمل عليه ما قدمناه وهو رأى الأخفش قال فإن قال ألست تزعم أن الواو فى وا بدل من الباء فى با وأنت لو أضمرت لم تقل وهـ كما تقول به لأفعلن فقد تجد أيضا بعض البدل لا يقع موقع المبدل منه فى كل موضع فما ننكر أيضا أن تكون الألف فى آل بدلا من الهاء وإن كان لا
خصّ (1) استعماله فى الأشراف وأولى الحظوة (2).
وآل النبى صلى الله عليه وسلم: قيل: أتباعه.
وقيل: أمته، واختاره الأزهرى (3) وغيره من المحققين.
وقيل: أهل بيته (4) وذريته.
وقيل: أتباعه من رهطه وعشيرته.
يقع جميع مواقع أهل- فالجواب أن الفرق بينهما أن الواو لم يمتنع من وقوعها فى جميع مواقع الباء من حيث امتنع من وقوع آل فى جميع مواقع أهل وذلك أن الإضمار يرد الأسماء إلى أصولها فى كثير من المواضع ألا ترى أن من قال أعطيتكم درهما قد حذف الواو التى كانت بعد الميم وأسكن الميم فإنه إذا أضمر للدرهم قال أعطيتكموه فرد الواو لأجل اتصال الكلمة بالمضمر فأما ما حكاه يونس من قول بعضهم أعطيتكمه فشاذ لا يقاس عليه عند عامة أصحابنا فلذلك جاز أن تقول بهم لأقعدن وبك لأنطلقن ولم يجز أن تقول وك ولا وه بل كان هذا فى الواو أحرى لأنها حرف منفرد فضعفت عن القوة وعن تصرف الباء التى هى أصل أنشدنا أبو على قال أنشدنا أبو زيد:
رأى برقا فأوضع فوق بكر
…
فلا بك ما أسال ولا أغاما
قال وأنشدنا أيضا عنه:
ألا نادت أمامة باحتمال.
…
ليحزننى فلا بك ما أبالى
قال وأنت ممتنع من استعمال الآل فى غير الأشهر الأخص وسواء فى ذلك أضفته إلى مظهر أو أضفته إلى مضمر قال ابن سيده فإن قيل ألست تزعم أن التاء فى تولج بدل من واو وأن أصله وولج لأنه فوعل من الولوج ثم إنك مع ذلك قد تجدهم أبدلوا الدال من هذه التاء فقالوا دولج وأنت مع ذلك قد تقول دولج فى جميع هذه المواضع التى تقول فيها تولج وإن كانت الدال مع ذلك بدلا من التاء التى هى بدل من الواو- فالجواب عن ذلك أن هذه مغالطة من السائل وذلك أنه إنما كان يطرد هذا له لو كانوا يقولون وولج ودولج ويستعملون دولجا فى جميع أماكن وولج فهذا لو كان كذا لكان له به تعلق وكانت تحتسب زيادة فأما وهم لا يقولون وولج البتة كراهية اجتماع الواوين فى أول الكلمة وإنما قالوا تولج ثم أبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو فقالوا دولج فإنما استعملوا الدال مكان التاء التى هى فى المرتبة قبلها تليها ولم يستعملوا الدال موضع الواو التى هى الأصل فصار إبدال الدال من التاء فى هذا الموضع كإبدال الهمزة من الواو فى نحو أقتت وأجوه لقربها منها ولأنه لا منزلة بينهما واسطة وكذلك لو عارض معارض بهنيهة تصغير هنة فقال ألست تزعم أن أصلها هنيوة ثم صارت هنية ثم صارت هنيهة وأنت قد تقول هنيهة فى كل موضع قد تقول فيه هنية- كان الجواب واحدا كالذى قبله ألا ترى أن هنيوة الذى هو أصل لا ينطق به ولا يستعمل البتة فجرى ذلك مجرى وولج فى رفضه وترك استعماله فهذا كله يؤكد عندك أن امتناعه من استعمال آل فى جميع مواقع أهل إنما هو لأن فيه بدلا من بدل كما كانت التاء فى القسم بدلا من بدل. ينظر: لسان العرب (1/ 164 - 165).
(1)
فى د: رخص.
(2)
فى ص، د: وأولى الخطر.
(3)
هو محمد بن أحمد بن الأزهرى الهروى أبو منصور أحد الأئمة فى اللغة والأدب، مولده ووفاته بهراة. نسبته إلى جده الأزهر. عنى بالفقه فاشتهر به أولا. ثم غلب عليه التبحر فى العربية فرحل فى طلبها وقصد القبائل وتوسع فى أخبارها وقع فى إسار القرامطة. من مصنفاته: تهذيب اللغة والزاهر فى غريب ألفاظ الشافعى التى أودعها المزنى فى مختصره توفى سنة 370 هـ. ينظر طبقات السبكى (2/ 106) والوفيات (1/ 501).
(4)
فى د: ابنته، وفى ص: أمته.
وقيل: آل الرجل: نفسه؛ ولهذا كان الحسن يقول: اللهم صل على آل محمد. وفى الحديث: «اللهم صلّ على آل إبراهيم» (1).
و (صحبه): معطوف أيضا، وهو اسم جمع ل «صاحب» ، ك «ركب وراكب» .
وقال الجوهرى (2): هما جمعان.
والصحابى: من لقى النبى صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام ولو تخللت ردة، على (3) الأصح.
والمراد باللقاء- ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكلمه.
و (من): موضوعة للعقلاء، وهى هنا (4) موصولة وصلتها (تلا)، ووحّد مرفوع (تلا)(5) باعتبار لفظ (من).
و (كتاب): مفعول (تلا) وهو: الكلام المنزل للإعجاز.
و (ربنا): مضاف إليه ومضاف باعتبارين.
والرب: المالك، وهو فى الأصل بمعنى التربية، وهى (6): تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، ثم وصف به للمبالغة، كالصوم والعدل، وقيل: هو نعت من: ربّه يربّه فهو ربّ، سمى به المالك؛ لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه، ولا يطلق على غيره تعالى إلا مقيدا؛ كقوله تعالى: ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ [الفجر: 28].
و (على): متعلق (7) ب (تلا)، و (ما): موضوعة لما لا يعقل، وهى هنا موصولة، أى:
(1) هو طرف من حديث كعب بن عجزة أخرجه البخارى (8/ 392) كتاب التفسير باب «إن الله وملائكته يصلون
…
» (4797) ومسلم (1/ 305) كتاب الصلاة باب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم (66/ 406) والترمذى (2/ 352) أبواب الصلاة باب ما جاء فى صفة الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم (483) والنسائى (3/ 47 - 48) كتاب السهو باب نوع آخر وابن ماجة (1/ 292 - 293) كتاب إقامة الصلاة باب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم (904) ولفظه: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك قال: «قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
…
» الحديث.
(2)
هو إسماعيل بن حماد الجوهرى، أبو نصر: أول من حاول «الطيران» ومات فى سبيله، لغوى من الأئمة. وخطه يذكر مع خط ابن مقلة. أصله من فاراب، ودخل العراق صغيرا، وسافر إلى الحجاز فطاف بالبادية، وعاد إلى خراسان، ثم أقام فى نيسابور، وصنع جناحين من خشب، وصعد داره، فخانه اختراعه فسقط إلى الأرض قتيلا. من أشهر كتبه:«الصحاح» . انظر معجم الأدباء (2/ 369)، النجوم الزاهرة (4/ 207)، نزهة الألباء (418)، الأعلام (1/ 313).
(3)
فى د، م، ز: فى.
(4)
فى د: هاهنا.
(5)
فى ص: تلاه.
(6)
فى ص: وهو.
(7)
فى د: يتعلق.