الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنصارى من قراءته (1).
ولا أعلم شيئا لبلوغ نهاية (2) الإتقان والتجويد، ووصول غاية (3) التصحيح والتشديد، مثل رياضة الألسن والتكرار على اللفظ المتلقى من المرشد، ولله در الإمام أبى عمرو [الدانى] (4) حيث يقول:«ليس [شىء] (5) بين التجويد وتركه إلا رياضة [لمن] (6) تدبره بفكره» ، ولقد صدق وبصر، وأوجز فى القول وما قصر، فليس التجويد بتصنيع اللسان، ولا بتقعير (7) الفم، ولا بتعويج (8) الفك، ولا بترعيد الصوت، ولا بتمطيط الشدّ، ولا بتقطيع المدّ، بل القراءة السهلة (9) العذبة التى لا مضغ فيها ولا لوك ولا تعسف، ولا تصنع ولا تنطع، ولا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء.
ثم أشار المصنف إلى شىء من ذلك فقال:
ص:
فرقّقن مستفلا من أحرف
…
وحاذرن تفخيم لفظ الألف
ش: الفاء سببية، و (رققن) فعل أمر مؤكد بالخفيفة، و (مستفلا) مفعوله (10)، و (من أحرف) صفة (مستفلا)، و (حاذرن) أمر مؤكد، و (تفخيم) مفعوله، و (لفظ الألف) مضاف إليه.
اعلم أن أول ما يجب على مريد (11) إتقان قراءة القرآن تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به [تصحيحا](12) يمتاز به عن مقارنه، وتوفية كل حرف صفته، فإن كل حرف شارك (13) غيره فى مخرج فإنه لا يمتاز عن مشاركه إلا بالصفات، وكل حرف شاركه
ابن سوار وأبى الخطاب بن الجراح، وقال أحمد بن صالح الجبلى: سار ذكر سبط الخياط فى الأغوار والأنجاد ورأس أصحاب الإمام أحمد ولم أسمع فى جميع عمرى من يقرأ الفاتحة أحسن ولا أفصح منه وكان جمال العراق بأسره وكان ظريفا كريما قال الحافظ أبو عبد الله: كان إماما محققا واسع العلم متين الديانة قليل المثل وكان أطيب أهل زمانه صوتا بالقرآن على كبر السن. ألف كتاب المبهج وكتاب الروضة وكتاب الإيجاز وكتاب التبصرة والمؤيدة فى السبعة والموضحة فى العشرة والقصيدة المنجدة فى القراءات العشر. توفى فى ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ببغداد وصلى عليه ولى الله الشيخ عبد القادر الجيلى. ينظر: الغاية (1/ 434، 435 - 1817).
(1)
فى د، ص: من سماع قراءته.
(2)
فى م: غاية.
(3)
فى م: نهاية.
(4)
سقطت فى ز.
(5)
زيادة من ز.
(6)
فى م: من.
(7)
فى م، ص: بتقصير، وفى د: بتغيير.
(8)
فى م: بتفريج.
(9)
فى م: المسهلة.
(10)
فى م: مفعول به.
(11)
فى م: مريدى.
(12)
سقط فى ز، م.
(13)
فى م، ص: مشارك.
فى صفاته فلا يمتاز (1) عنه إلا بالمخرج: كالهمزة والهاء اشتركا مخرجا وانفتاحا واستفالا [وانفردت الهمزة بالجهر والشدة. والعين والحاء اشتركا مخرجا واستفالا وانفتاحا](2)، وانفردت الحاء بالهمس والرخاوة الخالصة، فإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته فليعمل نفسه بأحكامه حالة التركيب؛ لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد، فكم ممن يحسن الحروف مفردة ولا يحسنها مركبة، بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب، وقوى وضعيف، ومفخّم ومرقّق، ونحو ذلك، فيجذب القوى الضعيف، ويغلب المفخم المرقق؛ فيصعب على اللسان النطق بذلك على حقه، إلا بالرياضة [الشديدة](3) حالة (4) التركيب.
وحينئذ فيجب (5) ترقيق الحروف المستفلة كلها ولا يجوز تفخيم شىء منها إلا اللام (6) من اسم الله تعالى بعد فتحة أو ضمة إجماعا، وإلا الراء المضمومة أو المفتوحة مطلقا فى أكثر الروايات، والساكنة فى بعض الأحوال، كما سيأتى فى بابه (7).
ويجب (8) تفخيم الحروف المستعلية كلها، وأما الألف فالصحيح أنها لا توصف بترقيق ولا تفخيم، بل بحسب ما تقدمها فإنها تتبعه (9) ترقيقا وتفخيما، وما وقع فى كلام بعضهم من إطلاق ترقيقها فإنما يريدون التحذير مما يفعله بعض العجم (10) من التفخيم فى لفظها إلى أن يصيّروها كالواو، ويريدون التنبيه على ما هى مرققة فيه.
وأما نص بعض المتأخرين على ترقيقها بعد الحروف المفخمة فشىء وهم فيه ولم يسبقه [إليه](11) أحد، ورد عليه محققو زمانه وألف فيه (12) العلامة أبو عبد الله بن بضحان (13) كتابا قال فيه: اعلم أيها القارئ أن من أنكر تفخيم الألف فإنكاره صادر عن جهله، أو غلظ طباعه، أو عدم اطلاعه. قال: والدليل على جهله: أنه يدعى (14) أن الألف فى قراءة ورش
(1) فى ص: فإنه لا يمتاز.
(2)
سقط فى م، ص.
(3)
سقط فى م.
(4)
فى ص: حال.
(5)
فى م: فحينئذ يجب.
(6)
سقط فى ز.
(7)
فى ص: باب.
(8)
فى م: وتقدم.
(9)
فى م: تابعه.
(10)
فى ص، م: الأعاجم.
(11)
سقط فى م.
(12)
فى ص: فيها.
(13)
فى ص، م: ابن الضحاك. وهو محمد بن أحمد بن بضحان بن عين الدولة بدر الدين أبو عبد الله الدمشقى الإمام الأستاذ المجود البارع شيخ مشايخ الإقراء بالشام، ولد سنة ثمان وستين وستمائة، وسمع الحديث وعنى بالقراءات سنة تسعين وستمائة وبعدها فقرأ لنافع وابن كثير وأبى عمرو. توفى خامس ذى الحجة سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. ينظر: الغاية (2/ 57، 59)(2710).
(14)
فى ص: ادعى.