الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب البسملة
هى مصدر «بسمل» ، إذا قال: بسم الله، ك «حوقل» إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، و «حمدل» إذا قال: الحمد لله، وهو شبيه بباب النسب، أى أنهم يأخذون اسمين فيركبون منهما اسما واحدا فينسبون إليه، كقولهم: حضرمى، وعبشمى، وعبقسى، نسبة إلى:
حضر موت، وعبد شمس، وعبد القيس، لا جرم أن بعضهم قال فى «بسمل» و «هلل»: إنها لغة مولدة.
قال الماوردى: يقال لمن بسمل مبسمل، وهى لغة مولدة (1)، ونقلها غيره كثعلب، والمطرز، ولم يقل: إنها مولدة. [وذكرها بعد التعوذ؛ لوقوعها بعده فى التلاوة](2).
ص:
بسمل بين السّورتين (ب) ى (ن) صف
…
(د) م (ث) ق (ر) جا وصل (3)(ف) شا وعن خلف
فاسكت فصل والخلف (ك) م (حما)(ج) لا
…
...
…
...
ش: (بين السورتين) ظرف [بسمل](4) و (بى) فاعله، إما باعتبار أنه صار عند القراء اسما للقارئ، فحيث قالوا: بسمل (بى)، فكأنهم قالوا: بسمل قالون، وإما على حذف
(1) جاء فى «شرح التيسير» : يقال لمن قال: باسم الله-: بسمل، وهى لغة مولدة وقد جاءت فى الشعر، قال عمر بن أبى ربيعة:
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها
…
فيا حبّذا ذاك الحبيب المبسمل
والمذكور عن أهل اللغة كما قال يعقوب بن السكيت والمطرز، والثعالبى، وغيرهم من أهل اللغة:«بسمل الرجل» إذا قال: باسم الله.
ويقال: «قد أكثر من البسملة» أى: من «باسم الله» .
والبسملة: مصدر جمعت حروفه من «باسم الله» كالحوقلة من «لا حول ولا قوة إلا بالله» ، «والحسبلة» من حسبى الله، تقول فى الفعل:«بسمل» ومعناه قل: «باسم الله» ، ويجرى فى تصاريفه مجرى «دحرج» ، وكذلك «حوقل» و «حسبل» ونحوهما [مثل:«هلل» إذا قال: لا إله إلا الله، و «حمدل» إذا قال: الحمد لله، و «حيعل» إذا قال: حى على الصلاة، و «جعفل» إذا قال: جعلت فداك، و «طلبق» إذا قال: أطال الله بقاءك، و «دمعز» إذا قال: أدام الله عزك.
وهذا شبيه بباب النحت فى النسب، أى أنهم يأخذون اسمين، فينحتون منهما لفظا واحدا، فينسبون إليه؛ كقولهم: حضرمى، وعبقسى، وعبشمى؛ نسبة إلى: حضر موت، وعبد قيس، وعبد شمس؛ قال الشاعر:
وتضحك منى شيخة عبشمية
…
كأن لم ترى قبلى أسيرا يمانيا
وهو غير مقيس؛ فلا جرم أن بعضهم قال فى «بسمل، وهلّل» : إنهما لغة مولدة.
(2)
ما بين المعقوفين ورد فى م مع تقديم وتأخير.
(3)
فى د، ص: فصل.
(4)
سقط فى م.
مضاف، وكأنهم قالوا: بسمل ذو باء (بى)، وهكذا جميع رموز (1) الكتاب تجعل كأنها أسماء مستقلة (2)، سواء كانت الكلمة فى صورة الاسم أو الفعل أو الجار والمجرور، فيحكم على تلك الكلمة بالفاعلية والابتدائية، والخبرية والمفعولية، سواء كان مفعولا صريحا، أو بنزع الخافض أو بالإضافة (3) إليها، وحاصله أنه لا ينظر إلى صورته أصلا، وكذلك إذا جمع الناظم بين كلمات رمز بلا عاطف (4) فتجعل معطوفات (5) بحذف العاطف، فقوله:(بى) فاعل) والأربعة بعده معطوفات بمحذوف، (وصل) أمر متعد ل (فشا) بلام مقدرة، فهو (6) فى محل نصب، و (فاسكت) جواب شرط مقدر، أى: وأما عن خلف، و «صل» معطوف على (اسكت)، و (الخلف) مبتدأ، وخبره كائن عن (كم).
و (حمى وجلا) معطوفان (7) على (كم)، ومحلها نصب، أى: بسمل (8) بين السورتين باتفاق ذو باء (بى) قالون (9)، ونون (نصف) عاصم، ودال (دم) ابن كثير وثاء (ثق)(أبو جعفر) وراء (رجا)(الكسائى)، ووصل بينهما باتفاق ذو فاء (فشا)[حمزة](10).
واختلف عن (خلف) فى اختياره فى الوصل والسكت، وعن ذى كاف (كم) ابن عامر، وحما (البصريّين)، وجيم جلا (ورش) من طريق الأزرق.
أما خلف: فنص له على الوصل أكثر المتقدمين، وهو الذى فى «المستنير» (11) و «المبهج» و «كفاية سبط الخياط» و «غاية أبى العلاء» ، وعلى السكت أكثر المتأخرين.
وأما ابن عامر: فقطع له بالوصل صاحب «الهداية» ، وبالسكت صاحب «التلخيص» و «التبصرة» ، وابن غلبون، واختاره الدانى، وبه قرأ على أبى الحسن، ولا يؤخذ من
(1) فى م: رموز جميع.
(2)
فى م: مستقبلة.
(3)
فى ز، ص، د: وبالإضافة.
(4)
فى ز: عطف.
(5)
فى د، ص: معطوفان.
(6)
فى م: فهى.
(7)
فى م: فهما معطوفان.
(8)
زاد فى م، د: ومعنى الرمز.
(9)
فى د، م: بسمل بين السورتين قارئ نصف، أى: متوسط فى المذهب والطريق من قول الشاعر:
لا تنكحن عجوزا أو مطلقة
…
ولا يسوقنها فى رحلك القدر
وإن أتوك وقالوا إنها نصف
…
فإن أطيب نصفيها الذى غبرا
أى: وسط- والمبسمل يتوسط فى المذهب، ودم عليها وثق بها أى: بالمذهب القائل بها حالة كونك راجيا عليها الثواب، وصل بين السورتين والوصل قد فشا وكثر وليس بقليل ولا منكر، والخلف كم كشف حما والحمى ما يحميه الله أو رسوله أو غيرهما، ومنه «وإن حمى الله محارمه» أى: كم كشفت مخالفة الله تعالى من محارمه التى لا تحصى وإسناد الكشف للخلف مجاز لأنه بسببه أى: بسمل بين السورتين باتفاق ذو باء بى قالون.
قلت: والبيتان فى لسان العرب (نصف)، (قوا) والمخصص (1/ 40).
(10)
سقط فى م.
(11)
فى د: التيسير.
«التيسير» بسواه، وبالبسملة صاحب «العنوان» و «التجريد» وجمهور العراقيين.
وبه قرأ الدانى على الفارسى، وأبى الفتح.
وأما أبو عمرو فقطع له بالوصل صاحب «العنوان» و «الوجيز» .
وبه قرأ على الفارسى عن (1) أبى طاهر.
وبه قرأ صاحب «التجريد» على عبد الباقى، وبالسكت صاحب «التبصرة» و «تلخيص العبارات» و «المستنير» و «الروضة» وسائر كتب العراقيين، وبالبسملة صاحب «الهادى» ، واختاره صاحب «الكافى» ، وهو الذى رواه ابن حبش (2) عن السوسى والثلاثة فى «الهداية» .
وقال الخزاعى والأهوازى، ومكى، وابن سفيان، والهذلى: والتسمية بين السورتين مذهب البصريين عن أبى عمرو.
وأما يعقوب فقطع له بالوصل صاحب «غاية الاختصار» ، وبالسكت صاحب «المستنير» و «الإرشاد» و «الكفاية» وسائر العراقيين، وبالبسملة صاحب «التذكرة» و «الكافى» و «الوجيز» و «الكامل» وابن الفحام.
وأما الأزرق فقطع له بالوصل صاحب «الهداية» و «العنوان» و «المفيد» وجماعة، وبالسكت ابنا غلبون وجماعة، وهو الذى فى «التيسير» .
وبه قرأ الدانى على جميع شيوخه، وبالبسملة صاحب «التبصرة» من (3) قراءته على أبى عدى، وهو الذى اختاره صاحب «الكافى» .
وبه كان يأخذ أبو حاتم وأبو بكر الأدفوي وغيرهما عن الأزرق والثلاثة فى «الشاطبية» .
وجه إثباتها بين السور: ما روى [عن](4) سعيد بن جبير قال: «كان النّبىّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم انقضاء السّورة حتّى تنزل بسم الله الرّحمن الرّحيم» (5).
ولثبوتها فى المصحف بين السور عدا «براءة» .
ووجه تركها: قول ابن مسعود: كنا نكتب (باسمك اللهم)، فلما نزل بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] كتبنا (بسم الله)، فلما نزل قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء: 110] كتبنا (بسم الله الرحمن)، فلما نزل إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ
…
الآية [النمل: 30] كتبناها (6).
(1) فى د: على.
(2)
فى م: حبيش.
(3)
فى ز: فى.
(4)
زيادة من ص.
(5)
أخرجه أبو داود (1/ 269) كتاب الصلاة، باب من جهر بها (788).
(6)
ذكره السيوطى فى الدر المنثور (5/ 200) وعزاه لعبد الرزاق وابن سعد وابن أبى شيبة وابن المنذر وابن أبى حاتم عن الشعبى مرسلا، وله طريق آخر: أخرجه أبو عبيد فى فضائله عن الحارث العكلى