الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهاتَيْنِ [القصص: 27] عند مشدّد النون فمقتضى إطلاقهم لا فرق فى قدر المد وصلا ووقفا.
قال [الناظم](1): ولو قيل بزيادته وقفا لما بعد، فقد قال كثير بزيادة ما شدد على غيره؛ فهذا (2) أولى لاجتماع ثلاث سواكن.
قلت: وفيه نظر؛ لأن العلة هناك اتصال الصوت، وهو حاصل هنا وصلا ووقفا، وليست علة المد فى اجتماع الساكنين كونهما ساكنين، بل مجرد اجتماع، وزاد المدغم (3) على غيره بالاتصال. والله أعلم.
ص:
والمدّ أولى إن تغيّر السّبب
…
وبقى الأثر أو فاقصر أحبّ
ش: (المد أولى) اسمية، إما جواب (إن) أو دليله على الخلاف، و (تغير السبب) فعلية شرطية، (وبقى الأثر) عطف عليها، و (فاقصر) جواب شرط معطوف على الشرط الأول، تقديره: أو إن لم يتغير فاقصر، فهو أحب، ف (أحب) خبر مبتدأ محذوف.
وهذه المسألة السادسة من فروع (4) القواعد، قيل: أى يجوز المد والقصر إذا غير سبب المد عن صفته التى من أجلها كان المد، سواء كان السبب همزا أم سكونا، وسواء كان تغير (5) الهمز بين (6) بين؛ نحو: هؤُلاءِ إِنْ [البقرة: 31] لقالون والبزى، وجاءَهُمْ [البقرة: 89]، وإِسْرائِيلَ [البقرة: 40] لحمزة، وها أَنْتُمْ [آل عمران: 66] لأبى عمرو وقالون، أم بدل؛ نحو: آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ [النساء: 11] فى وقف حمزة بالرسم، أو [حذف] (7) نحو: جا أجلهم [الأعراف: 34] لأبى عمرو ومن معه، أو نقل؛ نحو:
آلْآنَ* موضعى يونس [51، 91].
جاز المد؛ لعدم الاعتداد بالعارض واستصحاب حاله فيما كان أولا، وتنزيل السبب المتغير كالثابت، والمعدوم كالملفوظ، واختاره الدانى، وابن شريح، والقلانسى، والشاطبى، والجعبرى وغيرهم؛ لأن الاعتداد بالأصل أقوى وأقيس. و [جاز] القصر اعتدادا بالعارض، وقال به جماعة كثيرة.
والمذهبان قويان مشهوران نصّا وأداء، والأرجح عند المصنف التفصيل بين ما ذهب أثره- كالتغير بحذف- فالقصر، وما بقى أثر يدل عليه، فالمد؛ ترجيحا للموجود على
(1) سقط فى م.
(2)
فى د، ص: وزادوا مد لام من «الم» على مد ميم للتشديد.
(3)
فى د: المد.
(4)
فى م: فرع.
(5)
فى د: لتغير الهمزتين.
(6)
فى م، ص: الهمزتين.
(7)
سقط فى ص.
المعدوم.
وأيضا فقد حكى الداجونى عن ابن جبير عن أصحابه عن نافع فى الهمزتين المتفقتين أنهم يهمزون، ولا يطولون السَّماءِ [البقرة: 19] ولا يهمزونها، وهو نص فى المسألة.
ومما يرجح المد ترجيحه على القصر لأبى جعفر فى إِسْرائِيلَ [البقرة: 40]، ومنع المد فى شركاى [النحل: 27] ونحوه فى رواية من (1) حذف الهمزة، وقد يعارض [استصحاب](2) الأصل مانع آخر فيترجح الاعتداد [بالعارض](3) أو يمتنع البتة.
ولذلك (4) استثنى جماعة من لم يعتد بالعارض للأزرق آلْآنَ* موضعى يونس [51، 91] لعارض عليه التخفيف بالنقل.
ولذلك خص نافع نقلها من أجل توالى الهمزات فأشبهت اللازم.
وقيل: لثقل الجمع بين المدين، فلم يعتد بالثانية؛ لحصول الثقل [بها](5).
واستثنى جمهورهم عاداً الْأُولى [النجم: 50]؛ لغلبة التغيير وتنزيله بالإدغام منزلة اللازم، وأجمعوا على استثناء يُؤاخِذُ [النحل: 61]؛ للزوم البدل؛ ولذلك لم يجز فى الابتداء بنحو: الْأَيْمانَ*، لولى سوى القصر؛ لغلبة الاعتداد بالعارض كما تقدم.
واعلم أنه لا يجوز بهذه (6) القاعدة إلا المد؛ اعتدادا بالأصل، أو القصر؛ اعتدادا بالعارض، ولا يجوز التوسط إلا برواية، ولم توجد (7).
تفريع: يتفرع على القاعدة المذكورة فى البيت عشرة (8) فروع:
الأول: إذا قرئ، [نحو] (9) هؤلا إن كنتم [البقرة: 31] بالإسقاط أو فرعنا على قصر المنفصل، فإن قدر حذف الأولى- كالجمهور- فالقصر فى (ها)؛ لانفصاله مع وجهى المد، والقصر فى (أولا)؛ بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه، أو على مده تعين مد (أولا) مع مد (ها)؛ لأن (أولا): إما أن يقدر منفصلا فيمد، [أو يقصر](10) مع (ها)، أو متصلا، وهو مذهب الدانى، فيمد مع قصر (ها)، فحينئذ لا وجه لمد (ها) المتفق على انفصاله، وقصر أولا المختلف فى انفصاله، فجميع (11) ما فيها ثلاثة أوجه.
الثانى: إذا قرئ فى هذا ونحوه بتسهيل الأولى لقالون ومن معه، فالأربعة المذكورة
(1) فى ز: فى.
(2)
سقط فى م.
(3)
سقط فى ص.
(4)
فى ز: كذلك.
(5)
زيادة من م.
(6)
فى م: لهذه.
(7)
فى ص، د، ز: ولم يوجد.
(8)
فى م: عشر.
(9)
سقط فى م.
(10)
سقط فى ز.
(11)
فى م: فحاصل.
جائزة؛ بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه فى (أولا) سواء مد الأولى أم قصر، إلا أن (مدها)(1) مع قصر (أولا) ضعيف؛ لأن سبب الاتصال ولو تغير أقوى من الانفصال؛ لإجماع من قصر المنفصل على جواز مد المتصل المغير دون العكس. والله أعلم.
الثالث: إذا قرئ هانتم هؤلاء [محمد: 38] لأبى عمرو، وقالون، [وقد](2) زاد (ها) للتنبيه، فإن فرعنا على مد المنفصل ففي (ها أنتم) وجهان لتغير السبب، أو على قصره تعين قصرهما (3)، ولا وجه لقصر (هؤلاء) مع مد (ها [أنتم] (4)) فلا يجوز.
الرابع: إذا قرئ لحمزة، وهشام نحو: هُمُ السُّفَهاءُ [البقرة: 13]، ومِنَ السَّماءِ [البقرة: 19] وقفا بالروم، جاز المد والقصر على القاعدة، وإن قرئ بالبدل وقدر حذف المبدل فالمد على المرجوح عند المصنف، والقصر على الراجح من أجل الحذف.
وتظهر فائدة الخلاف فى نحو: هؤُلاءِ [آل عمران: 66] إذا وقف بالروم لحمزة، وسهلت الأولى، جاز فى الألفين المد والقصر معا؛ لتغير الهمزتين بعد حرفى (5) المد.
ولا يجوز مد أحدهما دون الآخر للتركيب، وإن وقف بالبدل- وقدر حذف المبدل أيضا- جاز فى ألف (ها) الوجهان مع قصر (أولا) على الأرجح (6)؛ لبقاء أثر التغير فى الأولى وذهابه فى الثانية، وجاز مدهما (7) وقصرهما كما جاز فى وجه الروم (8) على وجه التفرقة بين ما بقى أثره وذهب. والله أعلم.
الخامس: إذا وقف على زَكَرِيَّا [آل عمران: 37] لهشام بالتخفيف (9)؛ جاز له (10) البدل والقصر (11)، ويجب لحمزة القصر؛ للزوم التخفيف كبرى لورش.
السادس: لا يمنع لعموم القاعدة المذكورة إجراء المد والقصر لورش فى حرف المد المتأخر، بل القصر ظاهر عبارة صاحب «العنوان» و «الكامل» و «التلخيص» و «الوجيز» ، وكذلك (12) لم يستثن أحدهم ما أجمع على استثنائه، نحو يُؤاخِذُ [النحل: 61]، ولا ما اختلف فيه من آلان [يونس: 51، 91]، وعاداً الْأُولى [النجم: 50]، ولا مثلوا بشيء منه، ولم ينصوا إلا على الهمز المحقق، وهو صريح فى الاعتداد بالعارض، ووجهه قوى، وهو ضعف (13) سبب المد بالتقدم وبالتغير.
(1) فى ز: أمرها.
(2)
سقط فى م.
(3)
فى م: قصرها.
(4)
سقط فى ز.
(5)
فى د: حرف.
(6)
فى م: الراجح.
(7)
زاد فى م: معا.
(8)
فى د: اللزوم.
(9)
فى د: فى وجه التخفيف.
(10)
فى د، ص: حالة.
(11)
فى د، ص: المد والقصر.
(12)
فى م: لذلك، وفى د، ص: ولذلك.
(13)
فى ز: ضعيف.
وفائدة الخلاف تظهر فى نحو: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ [البقرة: 8] هل يمدان معا ويوسطان، أو يثلث الأول مع قصر الآخر؟ لكن العمل على عدم الاعتداد بالعارض فى الباب كله، إلا ما استثنى من ذلك فيما تقدم، قال المصنف: وبه قرأت، مع أنى لا أمنع الاعتداد بالعارض خصوصا من طريق من ذكرت.
السابع: آلان موضعى يونس [51، 91]، يجوز لنافع وأبى جعفر فى همزة الوصل إذا أبدلت ونقلت حركة الهمزة الثانية إلى اللام- القصر والمد؛ بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه، فإن وقف عليها جاز لهما فى الألف التى [قبل النون] (1) ثلاثة: الوقف مع كل منهما، وهذه الستة لحمزة فى وقفه بالنقل.
وأما ورش من طريق الأزرق فله حكم آخر، وذلك أنه اختلف عنه فى إبدال همزة الوصل التى نشأت عنها الألف الأولى وفى تسهيلها، وهل إبدالها لازم أو جائز؟ وسيأتى (فى الهمزتين من كلمة)، فعلى اللزوم حكمها حكم آمَنَ [البقرة: 13] ففيها الثلاثة، وعلى الجواز حكم (2) أَأَنْذَرْتَهُمْ [البقرة: 6]، أَأَلِدُ [هود: 72]، فإن اعتد بالعارض قصر مثل: وأَلِدُ [هود: 72]، وإلا مد ك أَأَنْذَرْتَهُمْ [البقرة: 6]، ولا يكون على هذا التقدير ك آمَنَ [البقرة: 13]؛ فلا يجرى التوسط.
وتظهر فائدة هذين التقديرين فى الألف الأخرى، فعلى مد الأولى يجوز فى الثانية ثلاثة: المد على تقدير عدم الاعتداد بعارض النقل قبل الثانية، سواء قلنا باللزوم بدل الأولى أم جوازه (3)، وهذا فى «تبصرة» مكى، و «الشاطبية» ، والتوسط على التقدير بين المذكورين، وهو «التيسير» ، و «الشاطبية» ، والعقد على الاعتداد (4) بعارض النقل ولازم بدل الأولى [لا](5) على عدم الاعتداد؛ لتصادم المذهبين، وهذا الوجه فى «الكفاية» (6)، [و «الهادى»](7)، و «الشاطبية» .
وعلى توسط الأولى [على تقدير لزوم البدل](8) يجوز فى الثانية وجهان: التوسط على [تقدير](9) عدم الاعتداد بعارض النقل، وهو طريق خلف بن خاقان فى «التيسير» ، وبينهم من «الشاطبية» ، والقصر على [عدم](10) الاعتداد بالعارض (11)، وعليهما توسط الأولى،
(1) فى د: بعد اللام.
(2)
فى د: حكمها حكم.
(3)
زاد فى د: إن لم يعتد بالعارض.
(4)
فى م: على عدم الاعتداد.
(5)
سقط فى م.
(6)
فى د: الكافى.
(7)
سقط فى د.
(8)
زيادة من د، ص.
(9)
زيادة من د.
(10)
سقط فى د. وفى ص: على تقدير.
(11)
فى د: بالعارض فيها.
على تقدير لزوم البدل، ويمتنع المد للتركيب.
وعلى قصر الأولى يجب قصر الثانية؛ لأن قصر الأولى إما أن يكون على لزوم البدل؛ فيكون على مذهب من لم ير المد بعد الهمز (1)، كطاهر بن غلبون، فوجوبه (2) فى الثانية أولى؛ لتحقيق (3) الهمزة الأولى (4) وتغير الثانية، وإما على جواز البدل والاعتداد بالعارض، ففي الثانية أولى، فهذا تحرير هذه المسألة بجميع أوجهها وطرقها، ونظم المصنف هذه الستة الممنوع غيرها فقال:
للازرق فى آلآن ستّة أوجه
…
على وجه إبدال لدى وصله تجرى
فمدّ وثلّث ثانيا ثمّ وسّطن
…
به وبقصر ثمّ بالقصر مع قصرى
وقوله: (لدى وصله) إشارة إلى مخالفة الوقف [له،](5) فإن الثلاثة الممنوعة جائزة لكل من نقل حالة الوقف كما تقدم.
وقوله: (على وجه إبدال) قيد للستة؛ لأن التسهيل ليس فيه (6) إلا ثلاثة: فى الثانية المد، وهو ظاهر كلام «الشاطبية» ، و «كامل» الهذلى، والتوسط، وهو طريق أبى الفتح فارس، وهو فى «التيسير» ، وظاهر كلام الشاطبى أيضا، والقصر، وهو غريب فى طرق (7) الأزرق؛ لأن طاهر بن غلبون، وابن بليمة اللذين رويا عنه القصر فى باب آمَنَ [البقرة:
13] مذهبهما فى همزة الوصل الإبدال، ولكنه ظاهر من «الشاطبية» ، ويحتمله «العنوان» ، نعم هو طريق الأصبهانى، وهو أيضا لقالون، وأبى جعفر. والله أعلم.
الثامن: يجوز فى الم اللَّهُ [آل عمران: 1، 2] فى الوصل لكل القراء، وفى الم أَحَسِبَ [العنكبوت: 1، 2] لورش القصر والمد؛ بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه، نص عليهما (8) مكى والمهدوى، والدانى، وقال أبو الحسن بن غلبون: كلاهما حسن، غير أنى بالقصر قرأت (9)، وبه آخذ.
قال الفارسى: ولو أخذ بالتوسط مراعاة لجانبى (10) اللفظ والحكم لكان وجها، وهو تفقه وقياس لا (11) نقل، بل يمتنع لما سيأتى فى العاشر.
التاسع: إذا قرئ لورش بإبدال ثانية الهمزتين المتفقتين مدّا، وحرك ما بعد المبدل
(1) فى د: المد.
(2)
فى د: فعدم جوازه.
(3)
فى م، ص: التحقيق.
(4)
فى م: فى الأولى.
(5)
سقط فى م.
(6)
فى ز: معه.
(7)
فى م: طريق.
(8)
فى م: عليه.
(9)
فى م: قرأت بالقصر.
(10)
فى م: بجانبى.
(11)
فى م: إلى.
بحركة عارضة للساكنين؛ نحو: من النساء يِنِ اتقيتن [الأحزاب: 32]، أو لنقل؛ نحو: على البغاء يِنَ اردن [النور: 33]، للنبىءِ يِنَ اراد [الأحزاب: 50]- جاز القصر والمد؛ بناء على الاعتداد بالعارض [وعدمه](1).
العاشر: تقدم التنبيه على منع التوسط فيما تغير سبب المد فيه على القاعدة المذكورة، ويجوز فيما تغير فيه سبب القصر؛ نحو: نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] وقفا، مع أن كلّا على (2) الاعتداد بالعارض وعدمه، والفرق: أن المد فى الأول هو الأصل، ثم عرض تغيّر (3) السبب، وهو علة للقصر، والقصر لا يتفاوت، وفى الثانى القصر هو الأصل، ثم عرض [له](4) سبب المد، فإن اعتد بالعارض طوّل ووسط لوجود علة ما هو أعم من كل منهما، [وكلاهما](5) ضد القصر. والله أعلم.
(1) سقط فى م.
(2)
فى م: مع.
(3)
فى ز: لغير.
(4)
زيادة من م، د.
(5)
سقط من د.