الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش: (وصح)(1): عطف على (وافق)، و (إسنادا): تمييز، و (هو القرآن): صغرى خبر (كل)(2)، (فهذه) مبتدأ و (الثلاثة) صفته، و (الأركان) خبره [وهى مفيدة](3) للحصر، أى: هذه الثلاثة هى الأركان لا غيرها.
ثم عطف فقال:
ص:
وحيثما يختلّ ركن أثبت
…
شذوذه لو انّه فى السّبعة
ش: (حيثما): اسم شرط، و «يختل ركن»: جملة الشرط، و (أثبت شذوذه): جملة الجواب، و (لو انّه): عطف على مقدر، أى:[ولو ثبت أنه فى السبعة](4)، و (أنه) فاعل عند سيبويه ومبتدأ عند غيره، وخبره محذوف، أى: ولو كونه (5) فى السبعة حاصل، وقيل: لا خبر له لطوله. والله تعالى أعلم.
اعلم- وفقنى الله تعالى وإياك- أن الاعتماد فى نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور [لا على](6) حفظ (7) المصاحف والكتب، وهذا من الله تعالى غاية المنة على هذه الأمة، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [«قال الله تعالى (8) لى: قم فى قريش فأنذرهم، فقلت:
يا ربّ إذا يثلغوا رأسى حتّى يدعوه خبزة، فقال: إنّى مبتليك ومبتل بك، ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان» (9) فأخبر الله تعالى أن القرآن لا يحتاج فى حفظه إلى صحيفة تغسل (10) بالماء، بل يقرؤه فى كل حال، كما جاء فى صفة أمته:«أنا جيلهم فى صدورهم» بخلاف أهل الكتاب الذين لا يقرءونه كله إلا نظرا.
ولما خص الله تعالى بحفظه من اختاره من أهله، أقام له أئمة متقنين تجردوا لتصحيحه راحلين ومستوطنين، وبذلوا جهدهم فى ضبطه وإتقانه، وتلقوه من النبى صلى الله عليه وسلم حرفا حرفا (11) فى أوانه، وكان منهم من حفظه كله، ومنهم من لم يبق عليه منه إلا أقله، وسيأتى كل ذلك، وأذكر عددهم هنالك.
(1) فى د: صح.
(2)
فى م: كان.
(3)
سقط فى ز.
(4)
فى م: إن لم يثبت أنه فى السبعة.
(5)
فى م: وكونه.
(6)
سقط فى د.
(7)
فى م، د: حط.
(8)
فى ص: قال تعالى. والعبارة سقط فى ز.
(9)
هو طرف من حديث طويل عن عياض بن حمار المجاشعى، أخرجه مسلم (4/ 2197) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة (63/ 2865) وأحمد (4/ 162، 266) والبخارى فى خلق أفعال العباد (48) وابن ماجة (5/ 598) كتاب الزهد باب البراءة من الكبر والتواضع (4179) وأبو نعيم فى الحلية (2/ 17). وزاد فى ص، م:«فابعث جندا أبعث مثلهم (أى من الملائكة) وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك» .
(10)
فى ز: يغسل.
(11)
فى م: بحرف.
ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام بالأمر بعده أحق الناس به، أبو بكر (1) المعلّم والمعلّم، وقاتل (2) هو والصحابة مسيلمة الكذاب (3)، أشير عليه (4) أن يجمع القرآن فى مصحف واحد؛ رجاء الثواب وخشية أن يذهب بذهاب قرائه (5)، توقف من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يشر عليهم فيه برأى من آرائه، ثم اجتمع رأيه ورأى الصحابة على ذلك، فأمر (6) زيد بن ثابت أن يتتبعه من صدور أولئك، قال زيد (7): والله لو كلفونى نقل (8) الجبال لكان أيسر على من ذلك. قال: فجعلت أتتبع القرآن من صدور الرجال والرقاع- وهى قطع الأدم- والأكتاف- وهى عظام الكتف المنبسط كاللوح والأضلاع- والعسب- سعف (9) النخل- واللخاف- الأحجار العريضة البيض- وذلك لعدم الورق حينئذ. قال زيد: فذكرت آية كنت [قد](10) سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ [التوبة:
128] فلم أجدها إلا عند خزيمة بن ثابت (11).
(1) هو عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر. من تيم قريش. أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم. من أعاظم الرجال، وخير هذه الأمة بعد نبيها. ولد بمكة، ونشأ فى قريش سيدا، موسرا، عالما بأنساب القبائل حرم على نفسه الخمر فى الجاهلية، وكان مألفا لقريش، أسلم بدعوته كثير من السابقين. صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هجرته، وكان له معه المواقف المشهورة. ولى الخلافة بمبايعة الصحابة له. فحارب المرتدين، ورسخ قواعد الإسلام. وجه الجيوش إلى الشام والعراق ففتح قسم منها فى أيامه توفى سنة 13 هـ. ينظر: الإصابة، ومنهاج السنة (3/ 118)، و «أبو بكر الصديق» للشيخ على الطنطاوى.
(2)
فى ز: قابل.
(3)
هو أبو ثمامة مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفى الوائلى متنبئ، من المعمرين، ولد ونشأ ب «اليمامة» بوادى حنيفة، فى نجد، تلقب فى الجاهلية ب «الرحمن» ، وعرف ب «رحمان اليمامة» ، وقد أكثر مسليمة من وضع أسجاع يضاهى بها القرآن، وكان مسيلمة ضئيل الجسم، قالوا فى وصفه:
كان رويجلا، أصيغر، أخينس، ويقال: كان اسمه «مسلمة» ، وصغره المسلمون تحقيرا له. قتل سنة 12 هـ فى معركة قادها خالد بن الوليد- فى عهد أبى بكر الصديق- للقضاء على فتنته. ينظر ابن هشام:(3/ 84)، والروض الأنف (2/ 340)، والكامل لابن الأثير (2/ 137).
(4)
فى د: إليه.
(5)
فى م: قراءة.
(6)
فى م: فأمروا. وهو زيد بن ثابت بن الضحاك من الأنصار، ثم من الخزرج. من أكابر الصحابة. كان كاتب الوحى. ولد فى المدينة، ونشأ بمكة، وهاجر مع النبى صلى الله عليه وسلم وعمره (11) سنة. تفقه فى الدين فكان رأسا فى القضاء والفتيا والقراءة والفرائض. وكان أحد الذين جمعوا القرآن فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وعرضه عليه. كتب المصحف لأبى بكر، ثم لعثمان حين جهز المصاحف إلى الأمصار توفى سنة 45 هـ. ينظر: الأعلام للزركلى، وتهذيب التهذيب (3/ 398)، وغاية النهاية (1/ 296).
(7)
زاد فى ص، م، د: ابن ثابت.
(8)
فى م: أنقل.
(9)
فى ص، ز: سغف.
(10)
زيادة من ز.
(11)
هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عمار الأنصارى الخطمى ذو الشهادتين، شهد بدرا وأحدا، له ثمانية وثلاثون حديثا. تفرد له مسلم بحديث. روى عنه ابنه عمارة وإبراهيم بن سعد
وقال أيضا: فقدت آية كنت أسمعها (1)[من رسول الله صلى الله عليه وسلم](2) ما وجدتها (3) إلا عند رجل من الأنصار، وهى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ
…
الآية [الأحزاب: 23].
فإن قيل: ما الداعى لتتبعه من الناس وقد (4) كان حافظه وقارئه؟ وكيف يحصل التواتر بالذى عند رجل؟
فالجواب: أن العلم الحاصل من يقينين (5) أقوى من واحد.
وأيضا فلاستكماله (6) وجوه قراءته ممن يجد (7) عنده (8) ما لا يعرفه هو، وكان المكتوب المتفرق أو أكثره إنما كتب بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم (9).
وأيضا فلأجل أن يضع خطه على وفق الرسم المكتوب؛ لأنه أبلغ فى الصحة.
ومعنى قوله: (تذكرت)(10) أى: قرأت (11). وفقدت (12) آية: لم أجدها مكتوبة، ولذلك (13) قال: عند رجل، وسيأتى أن الحفاظ جاوزوا عدد التواتر حينئذ.
ومفهوم سياق [كلام](14) أبى بكر وزيد: أن زيدا كتب القرآن كله بجميع أحرفه ووجوهه المعبّر عنها (15) بالأحرف السبعة؛ لأنه أمره (16) بكتب كل القرآن، وكل حرف منه بعض منه، وتتبعه ظاهر فى طلب الظفر بمتفقه ومختلفه، ولم يقع فى كلام أبى بكر وزيد تصريح بذلك، فلما تمت الصحف أخذها أبو بكر عنده حتى أتاه الموت، ثم عمر- رضى الله عنه- فلما مات أخذتها حفصة (17)، رضى الله عنها.
ولما كان (18) سنة ثلاثين فى خلافة عثمان حضر حذيفة (19) فتح أرمينية وأذربيجان،
ابن أبى وقاص. قتل مع على بصفين ينظر الخلاصة (1/ 289)(1836).
(1)
فى م، د: سمعتها.
(2)
فى م: منه.
(3)
فى م: فلم أجدها.
(4)
فى م: فقد.
(5)
فى م: اثنين، وفى د: نفسين.
(6)
فى ز: فلاستكمال.
(7)
فى م: يوجد.
(8)
فى م: عن.
(9)
فى م، ص: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(10)
فى د، ص: فذكرت.
(11)
فى ز: قرأه.
(12)
فى م: ومعنى فقدت.
(13)
فى د: وكذلك.
(14)
سقط فى م، ص.
(15)
فى م: عنه.
(16)
فى م: أمر.
(17)
هى حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين رضى الله عنهما. صحابية جليلة صالحة، من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، ولدت بمكة، وتزوجها خنيس بن حذافة السهمى، فكانت عنده إلى أن ظهر الإسلام، فأسلما.
وهاجرت معه إلى المدينة فمات عنها. فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها، فزوجه إياها. واستمرت فى المدينة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن توفيت بها. روى لها البخارى ومسلم فى الصحيحين ستين حديثا توفيت سنة 45 هـ. ينظر: الإصابة (4/ 273)، وأسد الغابة (5/ 425)، والأعلام (2/ 292).
(18)
فى م: كانت.
(19)
هو حذيفة بن اليمان واليمان لقبه واسمه: حسيل ويقال حسل أبو عبد الله العبسى. من كبار الصحابة، وصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسلم هو وأبوه وأرادا شهود بدر فصدهما المشركون،
ورأى اختلاف الناس فى القرآن وبعضهم يقول: قراءتى أصح من قراءتك وأقوم لسانا (1) فزع (2) من ذلك، وقدم على عثمان كالهالك، وقال: أدرك هذه الأمة قبل اختلافهم كالخارجين عن الملة؛ فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب منها الصحف (3)، وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير (4) وسعيد بن العاص (5) وعبد الرحمن (6) بن الحارث بنسخها فى المصاحف، ويردّون لحفصة الصحف (7)، وقال: إذا اختلفتم فى شىء فاكتبوه بلسان قريش؛ لأن القرآن به نزل، فكتب منها عدة، فوجّه إلى كل من البصرة والكوفة والشام ومكة، واليمن، والبحرين مصحفا، على اختلاف فى مكة، والبحرين، واليمن، وأمسك لنفسه مصحفا، وهو الذى يقال له:«الإمام» ، وترك بالمدينة واحدا.
وإنما أمرهم بالنسخ من الصحف (8)؛ ليستند (9) مصحفه إلى أصل أبى بكر المستند (10) إلى أصل النبى (11) صلى الله عليه وسلم، وعين زيدا لاعتماد أبى بكر وعمر عليه، وضم إليه جماعة مساعدة له، ولينضم العدد إلى العدالة، وكانوا هؤلاء؛ لاشتهار ضبطهم ومعرفتهم.
وشهد أحدا فاستشهد اليمان بها. شهد حذيفة الخندق وما بعدها، كما شهد فتوح العراق، وله بها آثار شهيرة. خيره النبى صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة. استعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد بيعة على بأربعين يوما. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم الكثير، وعن عمر، وروى عنه جابر وجندب وعبد الله بن يزيد وآخرون وفى سنة 36 هـ. ينظر: تهذيب التهذيب (2/ 219)، والإصابة (1/ 317)، وتهذيب تاريخ ابن عساكر (4/ 93).
(1)
فى ص، م، د: لسان.
(2)
فى د: ففزع.
(3)
فى ص: المصحف.
(4)
هو عبد الله بن الزبير بن العوام من بنى أسد من قريش. فارس قريش فى زمنه. أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق. أول مولود للمسلمين بعد الهجرة. شهد فتح إفريقية زمن عثمان، وبويع له بالخلافة بعد وفاة يزيد بن معاوية، فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وبعض الشام.
وكانت إقامته بمكة. سير إليه عبد الملك بن مروان جيشا مع الحجاج بن يوسف، وانتهى حصار الحجاج لمكة بمقتل ابن الزبير. له فى الصحيحين 33 حديثا. ينظر وفيات الأعيان (1/ 210)، ابن الأثير (4/ 135)، الأعلام للزركلى (4/ 218).
(5)
هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموى صحابى صغير. روى عن عمر، وعثمان وعائشة. وروى عنه ابنه عمرو، وعروة. أقيمت عربية القرآن على لسانه. وكان شريفا سخيّا فصيحا، ولى الكوفة لعلى، وافتتح طبرستان. قال البخارى: مات سنة سبع أو ثمان وخمسين. وقال خليفة: سنة تسع ينظر الخلاصة (1/ 382)(2482).
(6)
فى م: عبد الله. وهو عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى أبو محمد المدنى.
روى عن عمر وعثمان وعلى، وكان من كتاب المصحف. وروى عنه بنوه أبو بكر وعكرمة والمغيرة. قال ابن سعد: له رؤية. ووثقه العجلى. مات سنة ثلاث وأربعين.
(7)
فى ص: المصحف.
(8)
فى ز، ص، م: المصحف.
(9)
فى م: ليسند.
(10)
فى ص: المسند.
(11)
فى م: أصل من النبى صلى الله عليه وسلم.