الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة أم القرآن
قال القتبى: أصل «السورة» الهمز، من: أسأرت: أبقيت، أو الواو من: سورة المجد، وهو الارتفاع (1).
(1) قال ابن سيده: سميت السورة من القرآن سورة؛ لأنها درجة إلى غيرها، ومن همزها جعلها بمعنى بقية من القرآن وقطعة، وأكثر القراء على ترك الهمزة فيها، وقيل: السورة من القرآن يجوز أن تكون من سؤرة المال، ترك همزه لما كثر فى الكلام.
التهذيب: وأما أبو عبيدة فإنه زعم أنه مشتق من سورة البناء، وأن السورة عرق من أعراق الحائط ويجمع: سورا، وكذلك الصورة تجمع: صورا، واحتج أبو عبيدة بقوله: سرت إليه فى أعالى السور وروى الأزهرى بسنده عن أبى الهيثم أنه رد على أبى عبيدة قوله، وقال: إنما تجمع «فعلة» على:
فعل- بسكون العين- إذا سبق الجمع الواحد مثل: صوفة وصوف، وسورة البناء وسوره، فالسور جمع سبق وحدانه فى هذا الموضع، قال الله عز وجل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ قال: السور عند العرب: حائط المدينة وهو أشرف الحيطان، وشبه الله تعالى الحائط الذى حجز بين أهل النار وأهل الجنة بأشرف حائط عرفناه فى الدنيا، وهو اسم واحد لشىء واحد، إلا أنا إذا أردنا أن نعرف العرق منه قلنا: سورة، كما نقول: التمر، وهو اسم جامع للجنس، فإذا أردنا معرفة الواحدة من التمر قلنا: تمرة، وكل منزلة رفيعة فهى سورة مأخوذة من سورة البناء، وأنشد للنابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة
…
ترى كل ملك دونها يتذبذب
معناه: أعطاك رفعة وشرفا ومنزلة، وجمعها: سور، أى: رفع. قال: وأما سورة القرآن فإن الله جل ثناؤه جعلها سورا مثل: غرفة وغرف، ورتبة ورتب، وزلفة وزلف؛ فدل على أنه لم يجعلها من سور البناء؛ لأنها لو كانت من سور البناء لقال: فأتوا بعشر سور مثله، ولم يقل: بعشر سور. والقراء مجتمعون على سور، وكذلك اجتمعوا على قراءة سور فى قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ ولم يقرأ أحد:
بسور؛ فدل ذلك على تميز «سورة» من سور القرآن عن «سورة» من سور البناء. قال: وكأن أبا عبيدة أراد أن يؤيد قوله فى الصور أنه جمع صورة، فأخطأ فى الصور والسور، وحرف كلام العرب عن صيغته فأدخل فيه ما ليس منه؛ خذلانا من الله لتكذيبه بأن الصور قرن خلقه الله تعالى للنفخ فيه حتى يميت الخلق أجمعين بالنفخة الأولى ثم يحييهم بالنفخة الثانية؛ والله حسيبه.
قال أبو الهيثم: السورة من سور القرآن عندنا قطعة من القرآن سبق وحدانها جمعها، كما أن الغرفة سابقة للغرف، وأنزل الله عز وجل القرآن على نبيه شيئا بعد شىء وجعله مفصلا، وبين كل سورة بخاتمتها وبادئتها وميزها من التى تليها، قال وكأن أبا الهيثم جعل السورة من سور القرآن من: أسأرت سؤرا، أى: أفضلت فضلا، إلا أنها لما كثرت فى الكلام وفى القرآن ترك فيها الهمز كما ترك فى «الملك» ، ورد على أبى عبيدة، قال الأزهرى فاختصرت مجامع مقاصده، قال: وربما غيرت بعض ألفاظه والمعنى معناه.
ابن الأعرابى: سورة كل شىء: حده، ابن الأعرابى: السورة: الرفعة، وبها سميت السورة من القرآن، أى: رفعة وخير، قال: فوافق قوله قول أبى عبيدة، قال أبو منصور: والبصريون جمعوا الصورة والسورة وما أشبهها صورا وصورا سورا سورا، ولم يميزوا بين ما سبق جمعه وحدانه وبين ما سبق وحدانه جمعه، قال: والذى حكاه أبو الهيثم هو قول الكوفيين وهو يقول به إن شاء الله تعالى.
ابن الأعرابى: السورة من القرآن معناها: الرفعة لإجلال القرآن، قال ذلك جماعة من أهل اللغة.
قاله فى اللسان ينظر لسان العرب (سور).
ولها خمسة عشر اسما: فاتحة الكتاب؛ لأنها يفتح بها القرآن (1)، [وأم الكتاب](2)، وأم القرآن (3)؛ لأنها [مبدأ القرآن ومفتتحه](4)، فكأنها أصله ومنشؤه، وكذلك (5) تسمى أساسا (6)، وسورة الكنز، والواقية، والكافية (7)، والشافية، والشفاء (8)، وسورة (9) الحمد والشكر والدعاء، وتعليم المسألة لاشتمالها عليها، والصلاة (10)؛ لوجوب قراءتها أو استحبابها فيها، والسبع المثانى (11)؛ لأنها سبع آيات
(1) ولأنها يفتتح بها التعليم والقراءة فى الصلاة، وقيل: لأنها أول سورة نزلت من السماء. ينظر اللباب (1/ 160).
(2)
سقط فى ز.
(3)
قال ابن عادل الحنبلى فى تعليل هذه التسمية: قيل: لأن أم الشيء: أصله، ويقال لمكة: أم القرى؛ لأنها أصل البلاد، دحيت الأرض من تحتها.
وقال الثعلبى: سمعت أبا القاسم بن حبيب قال: سمعت أبا بكر القفال قال: سمعت أبا بكر بن دريد يقول: «الأم فى كلام العرب: الراية التى ينصبها العسكر» .
قال قيس بن الخطيم:
أصبنا أمّنا حتى ازعرّوا
…
وصاروا بعد ألفتهم شلالا
فسميت هذه السورة بأم القرآن؛ لأن مفزع أهل الإيمان إلى هذه السورة، كما أن مفزع العسكر إلى الراية، والعرب تسمى الأرض أمّا؛ لأن معاد الخلق إليها فى حياتهم ومماتهم، ولأنه يقال:
أم فلان فلانا، إذا قصده. ينظر اللباب (1/ 160 - 161).
(4)
زيادة من م، د.
(5)
فى د: ولذلك.
(6)
قيل: لأنها أول سورة من القرآن؛ فهى كالأساس.
وقيل: إن أشرف العبادات بعد الإيمان هى الصلاة، وهذه السورة مشتملة على كل ما لا بد منه فى الإيمان، والصلاة لا تتم إلا بها. ينظر اللباب (1/ 163).
(7)
سميت بذلك؛ لأنها تكفى عن غيرها، وغيرها لا يكفى عنها، روى محمود بن الربيع، عن عبادة ابن الصامت- رضى الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم وفخم-: «أم القرآن عوض عن غيرها، وليس غيرها عوضا عنها» . ينظر اللباب (1/ 162 - 163).
(8)
عن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم وفخم-: «فاتحة الكتاب شفاء من كل سقم» .
ومر بعض الصحابة- رضى الله عنهم- برجل مصروع فقرأ هذه السورة فى أذنه، فبرئ، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«هى أم القرآن، وهى شفاء من كل داء» . ينظر: اللباب (1/ 163).
(9)
فى د: والقرآن العظيم.
(10)
قال عليه الصلاة والسلام: «يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين» ، والمراد هذه السورة. ينظر: اللباب (1/ 163).
(11)
قيل: لأنها مثنى، نصفها ثناء العبد للرب، ونصفها عطاء الرب للعبد.
وقيل: لأنها تثنى فى الصلاة، فتقرأ فى كل ركعة.
وقيل: لأنها مستثناة من سائر الكتب، قال عليه الصلاة والسلام: «والذى نفسى بيده، ما أنزلت