الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاعتصام بجانبه من خطل أو خلل يطرأ فى القراءة أو غيرها، والإقرار (1) له بالمعذرة، واعتراف (2) العبد بالضعف والعجز عن هذا العدو الذى لا يقدر على دفعه إلا الله تعالى.
الثانى: فى صفتها
.
والمختار لجميع القراء: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ، بل حكى الأستاذ أبو طاهر ابن سوار وأبو العز وغيرهما الاتفاق على ذلك، بل قال السخاوى: هو الذى عليه إجماع الأمة. وفى دعواهما (3) نظر، ولعلهما أرادا المختار؛ فقد ورد غير ذلك (4). أما (أعوذ) فنقل عن حمزة:«أعوذ» و «نستعيذ» و «استعذت» ولا يصح؛ لما سيأتى (5)، واختاره
كتاب الجمعة باب الخطبة على المنبر (919) ومسلم (2/ 579) كتاب الجمعة (2/ 844) وأحمد (1/ 330، 2/ 9) والترمذي (1/ 502) كتاب الجمعة باب ما جاء فى الاغتسال يوم الجمعة (492)، (493) والنسائى (3/ 105) كتاب الجمعة باب حض الإمام فى خطبته على الغسل يوم الجمعة، وابن خزيمة (1749)، وابن الجارود (283) والطحاوى فى شرح المعانى (1/ 115) والبيهقى (1/ 293).
(1)
فى م: وإقرار.
(2)
فى ز: والاعتراف.
(3)
فى م: دعواها.
(4)
اختلف الناس فى لفظ الاستعاذة قال فى شرح التيسير: حكى المصريون عن ورش: «أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم» .
وقد حكى هذا عن قنبل أيضا. وروى عن نافع، وابن عامر والكسائى:«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم» . وروى عن حفص: «أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم» .
وعن حمزة: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم» .
وعنه أيضا: «أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم» .
وعن بعضهم أنه اختار للجماعة: «أعوذ بالله القوى من الشيطان الغوى» .
وحكى أن أبا بكر الصديق- رضى الله عنه- كان يتعوذ بهذا التعوذ الأخير.
وذكر الحافظ فى «جامع البيان» أن الرواية فى الاستعاذة قبل القراءة وردت عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظين:
أحدهما: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» . روى ذلك جبير بن مطعم.
والثانى: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم» .
روى ذلك عنه أبو سعيد الخدرى.
قال: وروى أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس أنه قال:«أول ما نزل جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم علمه الاستعاذة- قال: «يا محمد؛ قل: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم» ثم قال:
«قل: بسم الله الرحمن الرحيم» .
قال الحافظ: وعلى استعمال هذين اللفظين عامة أهل الأداء من أهل الحرمين، والعراقين، والشام، فأما أهل مصر، وسائر أهل المغرب فاستعمال أكثر أهل الأداء منهم لفظ ثالث وهو:
«أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم» .
ثم رجح التعوذ الأول، وعليه عول رغبة فى «التيسير» فقال: اعلم أن المستعمل عند الحذّاق من أهل الأداء فى لفظها: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» دون غيره.
وهذا التعوذ هو المختار- أيضا- عند الشيخ أبى محمد مكى، وعند الإمام أبى عبد الله بن شريح.
(5)
فى م: كما سيأتى.
صاحب «الهداية» من الحنفية.
قال: لمطابقة لفظ القرآن، يعنى فَاسْتَعِذْ [النحل: 98].
ويؤخذ من هذا التعليل: أنه لا يجزئ عنده إلا «أستعيذ» وفيه نظر، بل لا يجزئ «أستعيذ» .
والدليل عليه أن السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب إيذانا بطلب التعوذ؛ فمعنى «استعذ بالله» : اطلب من الله أن يعيذك. فامتثال الأمر [قولك](1): «أعوذ» ؛ لأن قائله متعوذ ومستعيذ، قد عاذ والتجأ، وقائل:«أستعيذ» طالب العياذ لا متعوذ، ك «أستخير» [الله](2)، أى: أطلب خيرته، وكذلك [أستغفره](3) وأستقيله، فدخلت [استعذ](4) على الأمر إيذانا بطلب هذا المعنى من المعاذ به، فإذا قال المأمور:(أعوذ) فقد امتثل ما طلب منه؛ فإن المطلوب منه نفس الاعتصام، وفرق بينه وبين طلب الاعتصام، فلما كان المستعيذ هاربا ملتجئا معتصما بالله أتى بالفعل الدال على ذلك (5)، فتأمله.
فإن قلت: فما تقول فى الحديث الذى رواه أبو جعفر الطبرى بسنده إلى ابن عباس (6) قال: أول ما نزل جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا محمّد استعذ» (7).
قال: «أستعيذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرّجيم (8)» .
فالجواب: أن التمسك به يتوقف على صحته، وقد قال الحافظ أبو الفداء (9) إسماعيل ابن كثير:«فى إسناده ضعف وانقطاع» . انتهى.
ومع ذلك فإن الدانى (10) رواه على الصواب عن ابن عباس: أن جبريل قال: «يا محمّد قل: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم» .
والحاصل أن المروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع تعوذاته: أعوذ، وهو الذى أمره الله به وعلمه له فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ [المؤمنون: 97]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس: 1]، وقال تعالى عن موسى: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [البقرة: 67]، وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ [الدخان: 20]، وقال سيد البشر: «إذا تشهّد أحدكم
(1) سقط فى م.
(2)
سقط فى ص.
(3)
سقط فى م.
(4)
سقط فى د، ز، ص.
(5)
فى د، ص: على طلب ذلك.
(6)
فى م: إلى أن قال.
(7)
فى م: فقال: يا محمد استعذ بالسميع العليم.
(8)
أخرجه الطبرى فى تفسيره (1/ 77)(137).
(9)
فى م، ص: أبو العز.
(10)
فى م: ومن ذلك قال الدانى، وفى د: ومع ذلك أن الدانى.
فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهمّ إنّى أعوذ بك
…
الحديث (1)».
ولم يقل: أستعيذ، ولا أصرح فى بيان الآية من هذا.
وأما «بالله» فجاء عن ابن سيرين [أعوذ](2) بالسميع العليم. قيل: وعن حمزة.
وأما «الرجيم» ففي «كامل (3) الهذلى» «أعوذ بالله القادر من الشيطان الغادر» .
وعن أبى السمال (4): «أعوذ بالله القوى من الشيطان الغوى» .
الثالث: فى الجهر (5) بها والإخفاء (6).
والمختار: الجهر بها عند جميع القراء، إلا ما سنذكر (7) عن حمزة، وفى كل حال من أحوال القراءة.
قال (8) الدانى: لا أعلم خلافا فى الجهر بالاستعاذة عند افتتاح القرآن، وعند ابتداء كل قارئ لعرض (9) أو تدريس أو تلقين، وفى جميع القرآن، إلا ما جاء (10) عن حمزة ونافع.
(1) أخرجه مسلم (1/ 412) كتاب: المساجد، باب: ما يستعاذ منه فى الصلاة، الحديث (130/ 588)، وأحمد (2/ 237)، والدارمى (1/ 310) كتاب: الطهارة، باب: الدعاء بعد التشهد، وأبو داود (1/ 601) كتاب: الصلاة، باب: ما يقول بعد التشهد، الحديث (983)، والنسائى (3/ 58) كتاب: السهو، باب: التعوذ فى الصلاة، وابن ماجة (1/ 294) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما يقال فى التشهد، الحديث (909)، وابن الجارود: كتاب: الصلاة، باب: فى التشهد، الحديث (207)، والبيهقى (2/ 154) كتاب: الصلاة، باب: ما يستحب له ألا يقصر عنه من الدعاء، وأبو عوانة (2/ 235)، وأبو نعيم فى الحلية (6/ 79)، وابن حبان (1958)، وأبو يعلى (10/ 515) رقم (6133)، من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع، من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجّال» .
وأخرجه مسلم (1/ 414) كتاب: المساجد، باب: ما يستعاذ منه فى الصلاة، رقم (132/ 588)، والنسائى (8/ 277 - 288) كتاب: الاستعاذة من عذاب الله.
والحميدى: (2/ 432) رقم (982)، وأحمد (1/ 258)، والحاكم (1/ 533)، وأبو يعلى (11/ 168) رقم (6279)، من طريق أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ:
«عوذوا بالله من عذاب القبر، عوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال، عوذوا بالله من فتنة المحيا والممات. وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبى بإخراج مسلم له.
(2)
زيادة من ز.
(3)
فى م: كلام.
(4)
فى ز: أبو السماك.
(5)
زاد فى م: فى كل حال.
(6)
وأيهما فعل من الجهر والإخفاء، فهو جائز؛ فقد روى أن عبد الله بن عمر- رضى الله تعالى عنهما- لما قرأ، أسر بالتعويذ.
وعن أبى هريرة- رضى الله تعالى عنه-: أنه جهر به، ذكره الشافعى- رحمه الله تعالى- فى «الأم» ، ثم قال: فإن جهر به جاز، وإن أسر به جاز ينظر اللباب (1/ 88).
(7)
فى م، ص، د: سيذكر.
(8)
فى د: فقال.
(9)
فى ص: لغرض.
(10)
فى م: ما روى.