الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
مسألةٌ: (وَ) سُنَّ للإمام (انْتِظَارُ دَاخِلٍ) في ركوعٍ وغيره؛ لأنَّ الانتظار ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف لإدراك الجماعة [البخاري: 4129، ومسلم: 842]، وذلك موجودٌ هنا، (إِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ) فَيُكْرَهُ؛ لأنَّ حرمة الَّذي معه أعظمُ من حرمة الَّذي لم يدخل معه
.
(فَصْلٌ) في الإمامة
-
مسألةٌ: الأُولى بالإمامة: لا يخلو من أمرين:
الأمر الأوَّل: أن لا يكون لأحدهما ولايةٌ: فـ (الأَوْلَى بِالإِمَامَةِ) على تسع مراتبَ:
المرتبة الأُولى: يُقَدَّمُ (الأَجْوَدُ قِرَاءَةً الأَفْقَهُ)؛ لحديث أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا [مسلم 673]، ويُقَدَّمُ على الأكثر قرآنًا؛ لأنَّه أعظمُ أجرًا.
المرتبة الثَّانية: إن استووا في الجودة: يُقَدَّمُ الأكثر قرآنًا، (وَيُقَدَّمُ قَارِئٌ
لَا يَعْلَمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ) بل يأتي بها عادةً (عَلَى فَقِيهٍ أُمِّيٍّ)؛ للحديث السَّابق، ويأتي تعريف الأمِّيِّ.
وقيل: يُقَدَّمُ الأكثر قرآنًا على الأجود قراءةً؛ لحديث عمرو بن سلمةَ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» [البخاري 44302].
المرتبة الثَّالثة: إن استووا في القراءة وعدمها: يُقَدَّمُ الأفقه والأعلم بأحكام الصَّلاة؛ لمزيَّة الفقه.
(ثُمَّ) المرتبة الرَّابعة: إن استووا في القراءة والفقه، فَيُقَدَّمُ:(الأَسَنُّ)، أي: الأكبر؛ لحديث مالك بن الحويرث مرفوعًا: «وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» [البخاري 2848، ومسلم 674].
وعنه، واختاره ابن قدامةَ: يُقَدَّمُ الأقدمُ هجرةً على الأسَنِّ؛ لحديث أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه السَّابق، وأمَّا حديث مالك بن الحويرث فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قدَّم الأكبر؛ لأنَّهما متساويان في الهجرة والإسلام، ففي روايةِ أبي داودَ [589]:«وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي العِلْمِ» .
(ثُمَّ) المرتبة الخامسة: إن استووا في السُّنِّ: يُقَدَّمُ (الأَشْرفُ)، وهو القرشيُّ؛ إلحاقا للإمامة الصُّغرى بالكبرى؛ لحديث أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا:«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» [أحمد 12307].
المرتبة السَّادسة: إن استووا في الشَّرف: يُقَدَّمُ الأقدم هجرةً بنفسه لا
بآبائه؛ لحديث أبي مسعودٍ السَّابق.
المرتبة السَّابعة: إن استووا في الهجرة: يُقَدَّمُ الأسبق في الإسلام؛ لأنَّ في بعض ألفاظ حديث أبي مسعودٍ رضي الله عنه: «فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا» [مسلم 673].
وفي وجهٍ، واختاره شيخ الإسلام: يُقَدَّمُ أقدمُهم هجرةً، ثمَّ أشرفُهم؛ لحديث أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه السَّابق.
(ثُمَّ) المرتبة الثَّامنة: إن استووا فيما سبق: (الأَتْقَى وَالأَوْرَعُ)؛ لقوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13].
واختار شيخ الإسلام: تقديم الأتقى على الأشرف؛ لأنَّ شرف الدِّين خيرٌ من شرف الدُّنيا، وقد قال الله تعالى:{إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .
(ثُم) المرتبة التَّاسعة: إن استووا في كلِّ ما تقدَّم وتشاحُّوا: (يُقْرعُ)(1)، فمن قَرَع صاحبَه فهو أحقُّ؛ قياسًا على الأذان؛ لأنَّ سعدًا رضي الله عنه أقرع بين النَّاس في القادسيَّة [البيهقي 2013].
وعنه: يُقَدَّمُ من يختاره الجيران، ثمَّ يُقْرَعُ؛ لما يحصل من الائتلاف والاجتماع على الإمام.
(1) هذا المذهب، وفي الإقناع وشرحه (2/ 45): ثمَّ من يختاره الجيران، ثمَّ قرعة.