الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الِاسْتِقَبَالُ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) من ركوعٍ، أو سجودٍ، أو إيماءٍ بهما، وطمأنينةٍ؛ لحديث أبي هريرةَ السَّابق:«وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
-
مسألةٌ: (وَيُعْتَبَرُ المَقَرُّ لِأَعْضَاءِ السُّجُودِ)
؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَاليَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ» [البخاري 812، ومسلم 490]، (فَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى قُطْنٍ مَنْفُوشٍ)، ونحوه ممَّا لا تستقرُّ عليه الأعضاء، ولم ينكبس؛ لم تصحَّ صلاته، (أَوْ صَلَّى فِي أُرْجُوحَةٍ، وَلَا ضَرُورَةَ) تمنعه من أن يصلِّيَ بالأرض كالمربوط ونحوه؛ (لَمْ تَصِحَّ) صلاته؛ لعدم تمكنه عُرْفًا، وعدم ما يستقرُّ عليه.
(فَصْلٌ) في قصر الصَّلاة
-
مسألةٌ: (يُسَنُّ قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ) وهي الظُّهر والعصر والعشاء، بخلاف المغرب والصُّبح فلا يقصران إجماعًا، (لِمَنْ نَوَى سَفَرًا)؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم
داوم عليه، قال ابن عمرَ رضي الله عنهما:«صَحِبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله» [مسلم: 689].
- فرعٌ: يُشْتَرَطُ للقصر في السَّفر أربعة شروطٍ:
الشَّرط الأوَّل: أن يكون السَّفر (مُبَاحًا)، فيدخل فيه السَّفر الواجب والمندوب والمباح، (وَلَوْ لِنُزْهَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ) أو تجارةٍ، فإن كان السَّفر محرَّمًا، أو مكروهًا، لم يجز له القصر؛ ، لقول الله تعالى:(فمن اضطرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه) قال مجاهدٌ: (لا قاطعًا للسَّبيل، ولا مفارقًا للأئمَّة، ولا خارجًا في معصية الله، فله الرُّخصة، ومن خرج باغيًا، أو عاديًا في معصية الله، فلا رُخصةَ له وإن اضطرَّ إليه)[تفسير ابن جرير 3/ 59]، فإذا ثبت أنَّ الميتة لا تحلُّ لهم فسائر الرُّخص من باب أَوْلى، ولأنَّ الرُّخَص لا تُنَاط بالمعاصي.
واختار شيخ الإسلام: يجوز التَّرخُّص في السَّفر المحرَّم والمكروه؛ لأنَّ الكتاب والسُّنَّة أطلقا السَّفر، ولم ينقل عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه خصَّ سفرًا من سفرٍ، مع علمه أنَّ السَّفر يكون حرامًا وحلالًا، وأمَّا الآية فالصَّحيح -وهو قول الأكثرِ-أنَّ معناها: غير باغٍ للميتة، ولا عادٍ في أكله. [تفسير ابن جرير 3/ 61].
الشَّرط الثَّاني: أن يكون قاصدًا (لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) في ابتداء السَّفر، فلا
قصرَ ولا فطرَ لتائهٍ ضالِّ الطَّريق، ولا لسائحٍ لا يقصد مكانًا معيَّنًا؛ لأنَّ السَّفر إذنٌ ليس بمباحٍ، والسِّياحة لغير موضعٍ معيَّنٍ مكروهةٌ، قال شيخ الإسلام:(السِّياحة في البلاد لغير قصدٍ شرعيٍّ، كما يفعله بعض النُّسَّاك أمرٌ منهيٌّ عنه).
الشَّرط الثَّالث: أن يكون السَّفر طويلًا، وهو ما (يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا) تقريبًا لا تحديدًا، (بَرًّا وَبَحْرًا)؛ للعمومات، (وَهِيَ) أي: السِّتَّة عشرَ فرسخًا (يَوْمَانِ قَاصِدَانِ) أي: مسيرة يومين معتدلين بسير الأثقال ودبيب الأقدام، وهي تساوي أربعة بُرُدٍ؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا:«يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَسْفَانَ» [الدَّارقطنيُّ: 1447، والبيهقيُّ: 5404 قال في التَّلخيص: والصَّحيح عن ابن عبَّاسٍ من قوله]، وقد روي نحوه موقوفًا عن ابن عبَّاسٍ وابن عمرَ رضي الله عنهم [البخاريُّ معلَّقًا 2/ 43، ووصله البيهقيُّ 5397].
واختار شيخ الإسلام: يترخَّص في طويل السَّفر وقصيره، ولا يُحَدَّدُ بمسافةٍ بل بالعُرْف، فما اعتبره العُرْف سفرًا جاز القصر فيه؛ لأنَّ السَّفر جاء في النُّصوص مطلقًا دون تحديدٍ بمسافةٍ، والقاعدة:(ما ورد مطلقًا ولم يحدِّده الشَّرع ولا اللُّغة فإنَّ المرجع في تحديده هو العُرْف)، وأمَّا حديث ابن عبَّاسٍ المرفوعُ فضعيفٌ، وأمَّا الآثار المذكورة فقد قال ابن قدامةَ:(أقوال الصَّحابة متعارضةٌ مختلفةٌ، ولا حجَّةَ فيها مع الاختلاف).
- فرعٌ: البريد الواحد يساوي أربعة فراسخَ، والفرسخ يساوي ثلاثة