الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتَفَرَّقَا وَلَا تَلْتَقِيَا حَتَّى تَقْضِيَا نُسُكَكُمَا، وَأَهْدِيَا هَدْيًا» [البيهقي: 9782، وإسناده صحيح].
(وَلَا يَبْطُلُ) إحرامه (بَلْ يَلْزَمُ إِتْمَامُهُ) أي: المضي فيه مع فساده، اتِّفاقًا؛ لعموم قوله تعالى:(وأتمُّوا الحج والعمرة لله)، وللأثر السَّابق، (وَ) يلزمه (القَضَاءُ) على الفور بغير خلافٍ، قاله في «المبدع» ، للأثر السَّابق.
(فَصْلٌ) في محظورات الإحرام
أي: المحرَّمات بسبب الإحرام.
-
مسألةٌ: يحرم على المُحْرِمِ فعلُ شيءٍ من المحظورات لغير عذرٍ؛ لأنَّ الأصل في النَّهي أنَّه للتَّحريم
.
-
مسألةٌ: (وَمَحْظُورَاتُ الإِحْرَامِ تِسْعٌ):
الأوَّل: (إِزَالَةُ شَعْرٍ) بحلقه، أو قلعه، أو قصِّه، أو نتفه، أو غير ذلك.
وشعر البدن لا يخلو من ثلاثة أقسامٍ:
1 -
شعر الرَّأس: وإزالته من محظورات الإحرام إجماعًا؛ لقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).
2 -
الشَّعر المتعلِّق بسنن الفطرة، من قصِّ الشَّارب، ونتف الإِبْط، وحلق العانة: فإزالته من المحظورات اتِّفاقًا؛ لقوله تعالى في آيات الحجِّ: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما:«التَّفَثُ الرَّمْيُ، وَالذَّبْحُ، وَالحَلْقُ، وَالتَّقْصِيرُ، وَالأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ وَالأَظْفَارِ وَاللِّحْيَةِ» [ابن أبي شيبة: 15673].
3 -
بقيَّة شعور البدن: إزالته من محظورات الإحرام؛ قياسًا على ما تقدَّم؛ لأنَّه يتنظَّف ويترفه به، فأشبه حلق الرَّأس.
(وَ) الثَّاني: (تَقْلِيمُ ظُفُرِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ) أو قصُّه، اتِّفاقًا؛ لما تقدَّم في تفسير قوله تعالى:(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ).
(وَ) الثَّالث: (تَغْطِيَةُ رَأْسِ ذَكَرٍ) إجماعًا في الجملة، لا أنثى، فلا يحرم عليها تغطية رأسها.
ويدخل في ذلك:
1 -
تغطية الرَّأس بملاصقٍ معتادٍ؛ كالعمامة، والغترة، ونحوها: فيحرم إجماعًا، لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله؛ ما يَلْبَسُ المحْرِمُ من الثِّياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ
فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ» [البخاري: 1543، ومسلم: 1177].
2 -
تغطية الرَّأس بملاصقٍ غير معتادٍ؛ كقرطاسٍ، وحنَّاءٍ، ونحوها: فيحرم؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في الَّذي وقصته ناقتُه وهو مُحْرِمٌ: «وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» [البخاري: 1265، ومسلم: 1206].
3 -
أن يعصب رأسه بسيرٍ، أو لفافةٍ، ونحو ذلك: فيحرم؛ لما ورد عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: «لَا يَعْصِب المُحْرِمُ رَأْسَهُ بِسَيْرٍ وَلَا خِرْقَةٍ» [ابن أبي شيبة: 13283].
أمَّا إذا حمل على رأسه شيئًا أو وضع يده عليه: فليس من المحظورات، ولو قصد به السِّتر؛ لأنَّه لا يُقْصَدُ به السِّتر عادةً.
(وَ) الرَّابع: (لُبْسُهُ) أي: الذَّكَر، (المَخِيطَ)، وهو ما خيط على البدن كلِّه، أو على عضوٍ من الأعضاء.
- فرعٌ: لباس المحرم لا يخلو من ثلاثة أمورٍ:
1 -
ما كان منصوصًا على تحريمه: فيحرم إجماعًا.
2 -
ما كان في معنى المنصوص؛ كالتُّبَّان، والقَلَنْسوة، ونحوهما: فيحرم أيضًا بالاتِّفاق؛ قياسًا على المنصوص.
3 -
ما ليس في معنى المنصوص؛ كالخاتم، وربط الجرح، وتعليق القِرْبة، ونحوها: فلا يحرم لبسُه؛ لأنَّه ليس بمنصوصٍ ولا في معنى المنصوص.
- فرعٌ: يُمْنَعُ الرَّجُل من لبس المخيط (إِلَّا) في حالين:
1 -
لُبْسُه (سَرَاوِيلَ لِعَدَمِ) قدرته على لبس (إِزَارٍ)، ولا فديةَ عليه؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: خطبنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ، فقال:«مَنْ لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ» [البخاري: 1843، ومسلم: 1178].
2 -
(وَ) لُبْسُهُ (خُفَّيْنِ لِعَدَمِ) قدرته على لبس (نَعْلَيْنِ)، إمَّا لعدم وجودهما، أو لضيقهما عليه، أو غير ذلك، ولا يقطع الخفَّيْن، ولا فديةَ عليه، واختاره شيخ الإسلام؛ لظاهر حديث ابن عبَّاسٍ السَّابق.
(وَ) الخامس: (الطِّيبُ) اتِّفاقًا، وهو ما أُعِدَّ للتَّطيُّب، وذلك أنَّ ما له رائحةٌ لا يخلو من أمرين:
1 -
أن يكون مُعَدًّا للتَّطيُّب: كالمسك، والعنبر، والورد، والياسمين، والزَّعفران، والبخور، ونحوها: فَيُعَدُّ طيبًا، ويحرم على المحْرِمِ استعماله؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق في الَّذي وقصته ناقته وهو مُحْرِمٌ، وفيه:«وَلا تُحَنِّطُوهُ» .
2 -
ألَّا يكون مُعَدًّا للتَّطيُّب؛ كالفواكه، ونباتات الصَّحراء؛ كالخزامى،
والإذخر، والقرنفل، ونحوها، فلا يُعَدُّ طيبًا، ولا يُمْنَعُ منه المحْرِم؛ لأنَّه ليس بطيبٍ، ولا يُسَمَّى:«طيبًا» عادةً.
(وَ) السَّادس: (قَتْلُ صَيْدِ البَرِّ الوَحْشِيِّ المَأَكُولِ)، أو اصطياده ولو لم يقتله، وهو من المحظورات إجماعًا؛ لقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم)[المائدة: 95].
- فرعٌ: يُشْتَرَطُ لكونه محظورًا أربعة شروطٍ:
1 -
أن يكون بريًّا: فلا يحرم صيد البحريِّ، إجماعًا؛ لقوله تعالى:(أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا)[المائدة: 96].
2 -
أن يكون وحشيًّا؛ كحمامٍ، وبطٍ: فلا يحرم إن كان أهليًّا؛ كبهيمة الأنعام إجماعًا؛ لأنَّه ليس بصيدٍ، ولذلك يَذْبَح المُحْرِم الهدايا.
3 -
أن يكون أصله وحشيًّا: فلا يحرم الحيوان الإنسيُّ لو توحَّشَ؛ كإبلٍ، وبقرٍ توحَّشت، ويحرم الوحشيُّ ولو صار أهليًّا؛ لأنَّ الاعتبار يكون بالأصل لا بالعارض.
4 -
أن يكون مأكولًا: فأمَّا غير مأكول اللَّحم فلا أثرَ للإحرام في تحريم قتلها؛ لأنَّ الله تعالى إنَّما أوجب الجزاء في الصَّيد، وليس هذا بصيدٍ.
- فرعٌ: (وَالمُتَوَلِّدِ مِنْهُ) أي: الوحشيِّ المأكول (وَمِنْ غَيْرِهِ) كمتولِّدٍ بين وحشيٍّ وأهليٍّ، وبين وحشيٍّ وغير مأكولٍ؛ حكمه كصيد