الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
-
مسألةٌ: (وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا) أي: الجمعة (أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ)
.
- فرعٌ: (لَيْسَ مِنْهَا) أي: شروط صحَّتها؛ (إِذْنُ الإِمَامِ)؛ لأنَّ عليًّا صلَّى بالنَّاس، وعثمانُ محصورٌ، فلم ينكره أحدٌ [البخاريُّ 695].
(أَحَدُهَا: الوَقْتُ)؛ لأنَّها صلاةٌ مفروضةٌ فاشْتُرِطَ لها الوقت كبقيَّة الصَّلوات، فلا تصحُّ قبل الوقت، ولا بعده إجماعًا، قاله في «المبدع» .
- فرعٌ: (وَهُوَ) أي: وقت الجمعة:
بدايته: على ثلاثة أقسامٍ:
1 -
وقت الجواز: يبدأ (مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ) صلاة (العِيدِ)؛ لقول عبد الله بن سِيدان: (شَهِدْتُ الجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْنَا مَعَ عُمَرَ، فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْنَا مَعَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولُ: زَالَ النَّهَارُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ، وَلَا أَنْكَرَهُ)[الدارقطني 1623]، ولحديث سهل بن سعدٍ رضي الله عنه:«مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ» [البخاري 2349، ومسلم 859]، واحتجَّ بهما أحمدُ.
وعنه، واختاره ابن قدامةَ: يجوز فعلُها في السَّاعة السَّادسة؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ
الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» [البخاري 881، ومسلم 850]، وعليه تُحْمَل الأحاديث والآثار السَّابقة، قال ابن قدامةَ:(ما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه أنَّهم صَلَّوا أوَّل النَّهار)، وأمَّا حديث عبد الله بن سيدانَ فقال عنه البخاريُّ:(لا يُتَابَعُ على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه).
آخر وقت الجمعة: يمتدُّ (إِلَى آخِرِ وَقْتِ) صلاة (الظُّهْرِ) بلا خلافٍ. قاله في «المبدع» ؛ لأنَّ الجمعةَ واقعةٌ موقعها فوجب الإلحاق؛ لما بينهما من المشابهة.
2 -
وقت الوجوب: فقال رحمه الله: (وَتَلْزَمُ) الجمعة (بِزَوَالٍ) الشَّمس؛ لأنَّ ما قبله وقت جوازٍ.
3 -
وقت الاستحباب: وهو ما أشار إليه بقوله: (وَ) فعلُها (بَعْدَهُ) أي: الزَّوال (أَفْضَلُ) وفاقًا؛ لما روى سلمةَ بن الأكوع رضي الله عنه: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الفَيْءَ» [مسلم 860]، وخروجًا من الخلاف.
(وَ) الشَّرط (الثَّانِي: اسْتِيطَانٌ) أي: أن يكونوا بقريةٍ مستوطنين بها، بما جرت به العادة، وقد سبق إيضاحه، (أَرْبَعِينَ) رجلًا (وَلَوْ بِالإِمَامِ) من أهل وجوب صلاة الجمعة؛ لقول كعب بن مالكٍ رضي الله عنه:«أسْعَدُ بْن زُرَارَةَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ، يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الخَضَمَاتِ، قيل: كَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: أَرْبَعُونَ» [أبو داود 106]، واحتجَّ به أحمدُ.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: تنعقد بثلاثةٍ؛ لأنَّ الخطاب ورد بصيغة الجمع في قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله)[الجمعة: 9]، ولا بدَّ من جماعةٍ تستمع إلى الخطيب، وأقلُّ الجماعة اثنان، وأمَّا تجميع أسعدَ بن زرارةَ فهذا وقع اتِّفاقًا لا قصدًا.
(وَ) الشَّرط (الثَّالِثُ: حُضُورُهُمْ) أي: الأربعين من أهل وجوبها، الخطبةَ والصَّلاةَ.
- فرعٌ: تصحُّ بحضور أربعين (وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ خُرْسٌ) والخطيب ناطقٌ، (أَوْ) كان فيهم (صُمٌّ)؛ لأنَّهم من أهل الوجوب، و (لَا) تصحُّ إن كان (كُلُّهُمْ) خرسًا حتَّى الخطيب، أو كانوا كلُّهم صُمًّا؛ لفوات الخطبة صورةً ومعنًى في مسألة الخُرْس، وفوات المقصود من سماع الخطبة في مسألة الصُّمِّ، فيصلُّونها ظهرًا.