الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]، ولا يجب؛ لأنَّه لو قيل بوجوبه لكان شرطًا، كالسُّترة، وهو خلاف الإجماع.
وفي وجهٍ اختاره الشَّارح وابن عثيمينَ: حمل السَّلاح في صلاة الخوف واجبٌ؛ لأنَّ الله أمر به فقال: {فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم} [النساء: 102]، ولأنَّ ترك حمل السَّلاح خطرٌ على المسلمين.
-
مسألةٌ: (وَجَازَ) في صلاة خوفٍ (لِحَاجَةٍ حَمْلُ نَجَسٍ) لا يُعْفَى عنه في غيرها، (وَلَا يُعِيدُ) ما صلَّاه في الخوف مع النَّجس الكثير؛ للعذر
.
(فَصْلٌ) في صلاة الجمعة
-
مسألةٌ: (تَجِبُ) صلاة (الجُمُعَةِ) وجوب عينٍ بالإجماع؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله)[الجمعة: 9]
-
مسألةٌ: تجب صلاة الجمعة (عَلَى كُلِّ):
1 -
(مُسْلِمٍ)، فلا تجب على كافرٍ وجوب أداءٍ بلا خلافٍ؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن قال له: «ادْعُهُمْ إِلَى
شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» [البخاري 1395، ومسلم 29]، فأمرهم بأداء الصَّلاة بعد الإسلام لا قبله.
لكنَّ الكافر يتوجَّه إليه خطابُ وجوب التَّكليف؛ لأنَّ الكفَّار مخاطبون بفروع الشَّريعة.
2 -
(مُكَلَّفٍ)، وهو البالغ العاقل؛ فلا تجب على مجنونٍ ولا على صبيٍّ؛ لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ» [أحمد 24694، وأبو داود 4403، والنسائي 3432، وابن ماجه 2041].
3 -
(ذَكَرٍ)، فلا تجب على المرأة؛ لحديث طارق بن شهابٍ رضي الله عنه مرفوعًا:«الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» [أبو داود 1067]، وذكره ابن المنذر إجماعًا.
4 -
(حُرٍّ) فلا تجب على العبد، اتِّفاقًا؛ لحديث طارق بن شهابٍ السَّابق.
5 -
(مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) معتادٍ، (وَلَوْ مِنْ قَصَبٍ)، لا يرتحل عنه شتاءً ولا صيفًا، سواءً بَعُد أو قَرُب، سمع النِّداء أو لم يسمع؛ لأنَّ المدينة كانت
محالًّا متباعدةً، لكلِّ بطنٍ من الأنصار محلٌّ، ومع ذلك وجبت عليهم الجمعة.
فلا تجب الجمعة على أصنافٍ:
الأوَّل: غير مستوطنٍ، وهو المسافر، وهو على ثلاثة أقسامٍ:
1 -
تجب عليه بنفسه -وهو من تنعقد به، ويؤمُّ فيها-، وذلك إذا نوى الاستيطان.
2 -
تجب عليه بغيره -وهو من لا تنعقد به، ولا يصحُّ أن يؤمَّ فيها-، وذلك في ثلاث حالاتٍ أشار إليها بقوله:(وَ) تجب الجمعة (عَلَى: مُسَافِرٍ لَا يُبَاحُ لَهُ القَصْرُ)، وهو: من نوى إقامةً تمنعه القصر، أو كان سفره سفرَ معصيةٍ؛ لئلَّا تكون معصيته سببًا للتَّخفيف عنه، أو كان سفره فوق فرسخٍ ودون المسافة؛ لعموم الأخبار في وجوب الجمعة.
3 -
أن لا تجب عليه بنفسه ولا بغيره، وهو المسافر سفر قصرٍ مباحٍ، ولم ينو الإقامة ولا الاستيطان؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون في الحجِّ وغيره، فلم يصلِّ أحدٌ منهم الجمعة في السَّفر مع اجتماع الخلق الكثير.
الثَّاني: مستوطنٌ بغير بناءٍ، كأهل الخيام وبيوت الشَّعَر؛ لأنَّ العرب كانوا حول المدينة وكانوا لا يصلُّون الجمعة، ولا أمرهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بها.
واختار شيخ الإسلام: تجب عليهم إذا كان مبنيًّا بما جرت به عادتهم؛
لأنَّ أجزاء البناء ومادته لا تأثيرَ لها في ذلك (1)، ويدلُّ لذلك: أنَّ أبا هريرةَ كتب إلى عمرَ رضي الله عنهما يسأله عن الجمعة وهو بالبحرين؟ فكتب إليهم: «أَنْ أَجْمِعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ» [معرفة السنن للبيهقي 6334]، ولم يشترط بناءً مخصوصًا، قال الشَّافعيُّ:(معناه: في أيِّ قريةٍ كنتم؛ لأنَّ مقامهم في البحرين إنَّما يكون في القرى).
الثَّالث: المستوطن ببناء خارج المِصْر، ولا يخلو ذلك من أمرين:
1 -
أن يكون بينه وبين منارة مسجد المِصْر فوق الفرسخ، فلا تجب عليه؛ لأنَّه ليس من أهلها ولا يسمع النِّداء.
2 -
(وَ) تجب (عَلَى مُقِيمٍ خَارِجَ البَلَدِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا مِنَ المَنَارَةِ نَصًّا فَرْسَخٌ فَأَقَلُّ): فتجب عليه بغيره؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعًا: «الجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» [أبو داود 1056]، ومظنَّة سماع النِّداء تكون من فرسخٍ فأقلَّ، و «كان أنسٌ رضي الله عنه، في قصْره أحيانًا يُجَمِّع وأحيانًا لا يُجَمِّعُ، وهو بالزَّاوِيَة على فَرسخين» [مصنف ابن أبي شيبة 5076].
(1) وقال في موضع آخر: (يُشْتَرَطُ مع إقامتهم في الخيام ونحوها أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية). "الاختيارات الفقهية" ص 439.