الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في حكم صيد الحَرَمِ
-
مسألةٌ: (وَحَرُمَ) على المُحْرِمِ والحلالِ (صَيْدُ حَرَمِ مَكَّةَ) إجماعًا
؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح بمكَّةَ: «إِنَّ الله حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» ، فقال العبَّاس رضي الله عنه: يا رسول الله؛ إلَّا الإذخرَ، فإنَّه لقينهم ولبيوتهم، فقال:«إِلَّا الْإِذْخِرَ» [البخاري 1833، ومسلم 1353].
- فرعٌ: (وَحُكْمُهُ) أي: صيد حرم مكة كـ (حُكْمِ صَيْدِ الإِحْرَامِ) فيه الجزاء؛ لأن الصحابة قضوا في حمام الحرم: شاة [مصنف عبد الرزاق 8266].
-
مسألةٌ: (وَحَرُمَ قَطْعُ شَجَرِهِ) أي: شجر الحَرَم إجماعًا
؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق: «وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا» ، (وَ) حرم أيضًا قطعُ (حَشِيشِهِ حَتَّى الشَّوْكِ وَلَوْ ضَرَّ، وَالسِّوَاكِ وَنَحْوِهِ، وَالوَرَقِ)؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» ، (إِلَاّ) ثمانية أمورٍ:
1 -
(اليَابِسَ) من شجرٍ، وحشيشٍ، وورقٍ، ونحوها؛ لأنَّه بمنزلة الميت.
2 -
(وَالإِذْخِرَ) إجماعًا، وهو نبات يُسْتَعْمَل في البيوت والقبور والحدادة؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق:«إِلَّا الْإِذْخِرَ» .
3 -
(وَالكَمْأَةَ، وَالفَقْعَ)؛ إجماعاً، وهو نبات يُسْتَعْمَل في البيوت والقبور والحدادة؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق:«إِلَّا الْإِذْخِرَ» .
4 -
(وَالثَّمَرَةَ)؛ لأنَّها تُسْتَخْلَف.
5 -
(وَمَا زَرَعَهُ آدَمِيٌّ) من بقلٍ، ورياحينَ، وزروعٍ، (حَتَّى مِنَ الشَّجَرِ) الَّذي غُرِسَ من غير شجر الحَرَم، فَيُبَاحُ أخذه والانتفاع به؛ لأنَّ الأصل الحلُّ، والنَّهي إنَّما ورد عن شجر الحَرَم، وهو ما أضيف إليه لا يملكه أحدٌ، وهذا يُضَاف إلى مالكه، فلا يعمُّه الخبر.
6 -
(وَيُبَاحُ رَعْيُ حَشِيشِهِ) أي: الحَرَم؛ لقول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ» [البخاري 493، ومسلم 504].
7 -
(وَانْتِفَاعٌ بِمَا زَالَ) بغير فعل آدميٍّ، فيجوز الانتفاع به بغير خلافٍ؛ لأنَّ الخبر في القطع لا في الانتفاع بالمقطوع.
فأمَّا ما قطعه الآدميُّ ممَّا يحرم قطعه، فيحرم الانتفاع به مطلقًا؛ لأنَّه ممنوعٌ من إتلافه؛ كالصَّيد يذبحه المحْرِمُ، يحرم عليه وعلى غيره.
8 -
(أَوِ انْكَسَرَ) من شجر الحَرَم (بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ؛ وَلَوْ لَمْ يَبِنْ)؛ لتلفه، فصار كالظُّفْرِ المنكسرة.
- فرعٌ: (وَتُضْمَنُ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ عُرْفًا) إذا قُطِعَتْ أو كُسِرَتْ (بِشَاةٍ، وَ) تُضْمَنُ (مَا فَوْقَهَا) وهي: المتوسِّطة والكبيرة (بِبَقَرَةٍ)؛ لما رُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّه قال: «فِي الدَّوحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الجَزْلَةِ شَاةٌ» [لم نقف عليه مسندًا، وأورده ابن قدامةَ في المغني 3/ 322]، وعن ابن الزُّبير رضي الله عنهما:«أَنَّه لَمَّا بَنَى دُورَهُ بِقُعَيْقِعَانَ قَطَعَ شَجَرًا كَانَتْ فِي دُورِهِ، وَوَدَاهُ كُلَّ دَوْحَةٍ بِبَقَرَةٍ» [أخبار مكة للفاكهي 2233]، والدَّوحة: الشَّجرة العظيمة، والجزلة: الصَّغيرة.
(وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ) أي: الشَّاة والبقرة فيذبحها ويفرِّقها لمساكين الحَرَم، (وَبَيْنَ تَقْوِيمِهِ) أي المذكور من شاةٍ أو بقرةٍ بدراهمَ، (وَيَفْعَلُ بِقِيمَتِهِ كَجَزَاءِ صَيْدٍ) على ما سبق.
- فرعٌ: (وَ) يُضْمَنُ (حَشِيشٌ) وورقٌ (بِقِيمَتِهِ)؛ لأنَّه متقوَّم، ويُفْعَلُ بقيمته كما سبق.
واختار ابن عثيمينَ: لا جزاءَ في شجر الحَرَم وحشيشه؛ لعدم الدَّليل.