الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في أحكام التَّحلِّي
-
مسألةٌ: (وَيَحْرُمُ أَنْ يُحَلَّى مَسْجِدٌ أَوْ مِحْرَابٌ) بذهبٍ وفضَّةٍ، (أَوْ) أن (يُمَوَّهَ سَقْفٌ أَوْ حَائِطٌ) من مسجدٍ أو دارٍ أو غيرِهما (بِنَقْدٍ) أي: ذهبٍ وفضَّةٍ؛ لأنَّه سرفٌ يفضي إلى الخيلاء، فهو كالآنية، (وَتَجِبُ إِزَالَتُهُ)؛ كسائر المنكرات
.
- فرعٌ: (وَ) تجب (زَكَاتُهُ) أي: الحليُّ الَّذي في المسجد، والسَّقف، والحائط، ونحوه إن بلغ نصابًا بنفسه، أو بضمِّه إلى غيره، (إِلَّا إِذَا اسْتُهْلِكَ) فيما حُلِّيَ به، أو مُوِّهَ به، (وَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ) لو أُزِيلَ (فِيهِمَا) أي: في وجوب الإزالة ووجوب الزَّكاة، فإذا لم يجتمع منه شيءٌ فلا تجب الإزالة؛ لعدم الفائدة، ولا الزَّكاة فيها؛ لعدم الماليَّة.
-
مسألةٌ: المتحلِّي لا يخلو من أمرين:
الأمر الأوَّل: أن يكون ذكرًا: وتحته قسمان:
القسم الأوَّل: التَّحلِّي بالفضَّة: فيحرم على الرَّجُل؛ لأنَّ الشَّارع سوَّى بينها وبين الذَّهب في الآنية، وفي كونهما تُقّوَّم بهما المبيعات، وأروش الجنايات، والمتلفات، وغير ذلك، فكانت محرَّمةً على الرِّجال كالذَّهب، ولأنَّ الصَّحابة رضي الله عنهم نقلوا عنه عليه الصلاة والسلام استعمال يسير الفضَّة، ويأتي؛ كتحلية قبيعة السَّيف، فدلَّ على اختصاص الإباحة به.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: تُبَاحُ الفضَّة مطلقًا للرِّجال؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ، فَالْعَبُوا بِهَا» [أحمد: 8910، وأبو داود: 4236].
- فرعٌ: يُسْتَنْثَى من تحريم الفضَّة على الرَّجُل أمورٌ:
1 -
الخاتم: وأشار إليه المؤلِّف بقوله: (وَيُبَاحُ لِذَكَرٍ مِنْ فِضَّةٍ خَاتَمٌ) إجماعًا؛ لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: «اتَّخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ» [البخاري: 5874، ومسلم: 2091].
(وَلُبْسُهُ) أي: الخاتم (بِخِنْصِرِ يَسَارٍ أَفْضَلُ) من خنصر يمنى؛ لحديث أنسٍ رضي الله عنه في وصف خاتم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ» [البخاري: 5865، ومسلم: 640]، قال في «التَّلخيص»: ضعَّف الإمام أحمدُ حديث التَّختُّم فى اليمنى.
واختار ابن عثيمينَ: أنَّه سنَّةٌ في اليمين واليسار، أمَّا اليسار فلما سبق، وأمَّا اليمين؛ فلحديث أنسٍ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ» [مسلم: 2094].
- فرعٌ: (وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ) أي: خاتم الفضَّة (أَكْثَرَ مِنْ مِثْقَالٍ، مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ العَادَةِ)؛ لأنَّ الأصل التَّحريم، خرج المعتاد لفعله صلى الله عليه وسلم، وفعل
الصَّحابة رضي الله عنهم.
2 -
(وَقَبِيعَةُ سَيْفٍ) وهي ما يُجْعَل على طرف القبضة؛ لقول أنسٍ رضي الله عنه: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِضَّةً» [أبوداود: 2583، والترمذي: 1691، والنسائي: 5374، وأعله أحمد، وحسنه الحافظ]، وكان سيف الزُّبير محلًّى بفضَّةٍ. [البخاري: 3974].
3 -
(وَحِلْيَةُ مِنْطَقَةٍ) وهي ما يُشَدُّ به الوسط؛ قياسًا على الخاتم، (وَ) على قياسه أيضًا: حلية (جَوْشَنٍ)، وهو الدِّرع، (وَ) حلية (خُوذَةٍ) وهي البيضة، وخفّ، وران - وهو ما يُلْبَسُ تحت الخفِّ - وحمائل سيفٍ؛ لأنَّ هذه معتادةٌ للرَّجُل، فهي كالخاتم.
و(لَا) يُبَاح حلية (رِكَابٍ، وَلِجَامٍ، وَدَوَاةٍ، وَنَحْوِهَا) كسُرُجٍ، ومكحلةٍ، ومرآةٍ؛ كالآنية.
القسم الثَّاني: التَّحلِّي بالذَّهب: فالأصل تحريم التَّحلِّي بالذَّهب على الرِّجال؛ لقول عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: إنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثمَّ قال:«إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» [أحمد: 935، وأبو داود: 4057، والنسائي: 5144، وابن ماجهْ: 3595].
- فرعٌ: يُسْتَثْنَى من تحريم الذَّهب على الرِّجال:
1 -
قبيعة السَّيف: وأشار إليه المؤلِّف بقوله: (وَيُبَاحُ مِنْ ذَهَبٍ: قَبِيعَةُ سَيْفٍ)؛ لما ورد: أنَّ قائم سيف سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه مسمار ذهبٍ. [ابن أبي شيبة: 25181].
واختار شيخ الإسلام: يُبَاحُ الذَّهب في السَّلاح مطلقًا؛ لأنَّه إذا جاز في السَّيف جاز في غيره من باب أَوْلى.
2 -
(وَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ)، كأنفٍ، ورباط أسنانٍ؛ لما روى عَرْفَجَةُ بن أسعدَ رضي الله عنه:«أَنَّه قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . [أحمد: 19006، وأبو داود: 4232، والترمذي: 1770، والنسائي: 5161].
3 -
عند شيخ الإسلام خلافًا للمذهب: يجوز من الذَّهب اليسير التَّابع؛ لحديث معاويةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا» [أحمد: 16909، وأبو داود: 4239، والنسائي: 5149].
وعلى هذا: فيحرم:
أ) الكثير مطلقًا؛ لأنَّ الإباحة وردت في اليسير فقط.
ب) اليسير المنفرد؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهبٍ في يد رجلٍ، فنزعه فطرحه، وقال:«يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ» [مسلم: 2090].
(وَ) الأمر الثَّاني: أن يكون المتحلِّي أنثى: فيُبَاحُ (لِنِسَاءٍ) من الذَّهب