الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في الغُسْلِ
-
مسألةٌ: (مُوجِبَاتُ الغُسْلِ) أي: الأشياء الَّتي تُوجِبُهُ (سَبْعَةٌ):
الأوَّل: (انْتِقَالُ مَنِيٍّ) من مكانه دون خروجه، (فَلَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِهِ فَحَبَسَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ وَجَبَ) عليه (الغُسْلُ)؛ لأنَّ الماء قد باعد محلَّه، فصدق عليه اسم الجنب، وهو من المفردات.
وعنه، واختاره ابن قدامةَ وفاقًا للثَّلاثة: لا يجب الغسل حتَّى يخرج؛ لحديث أبي سعيدٍ الخدريِّ مرفوعًا: «إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ» [مسلم: 343]، فعلَّق الغسل بوجود الماء.
- فرعٌ: (فَلَوِ اغْتَسَلَ لَهُ) أي: لانتقال المنيِّ (ثُمَّ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ لَمْ يُعِدْهُ) أي: لم يُعِدِ الغسلَ؛ لما روي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّه سُئِلَ عن الجنب يخرج منه الشَّيء بعد الغسل؟ قال: «يَتَوَضَّأُ» [مصنف ابن أبي شيبة 1483].
(وَ) الثَّاني: (خُرُوجُهُ) أي: المنيُّ (مِنْ مَخْرَجِهِ وَلَوْ) كان المنيُّ (دَمًا)
أي: أحمر كالدَّم؛ للعمومات.
ولا يخلو خروج المنيِّ من حالين:
1 -
أن يكون من نائمٍ ونحوه؛ كسكران ومغمًى عليه: فيجب الغسل بالاتِّفاق، ولو بدون لذَّةٍ؛ لحديث أمِّ سلمةَ رضي الله عنها قالت: لما جاءت أمُّ سُلَيْمٍ تسأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: هل على المَرْأَةِ من غُسْلٍ إذا هي احْتَلَمَتْ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ» [البخاري: 282، ومسلم: 313]، فعلَّق النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الأمر برؤية الماء.
2 -
أن يكون من يقظان: فيجب الغسل، وأشار إليه بقوله:(وَتُعْتَبَرُ لَذَّةٌ) عند خروجه (فِي غَيْرِ نَائِمٍ وَنَحْوِهِ)، كمجنونٍ ومغمًى عليه، لا إن خرج بدون شهوةٍ؛ لحديث عليٍّ رضي الله عنه مرفوعًا:«إِذَا فَضَخْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ» [أحمد: 868، وأبو داود: 206، والنسائي: 193]، والفضخ: هو خروجه بالغلبة، يعني: باللَّذَّة والدَّفع، فدلَّ على أنَّه إذا خرج بدون لذَّةٍ وإنَّما بسبب بردٍ أو مرضٍ لم يجب الغسل.
(وَ) الثَّالث: الجماع؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ» ، وفي رواية لمسلمٍ:«وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» [البخاري: 291، ومسلم: 349]، والجماع الموجب للغسل هو:(تَغْيِيبُ) جميع الـ (حَشَفَةِ)؛ وهي رأس الذَّكر، فلا غسلَ إذا مسَّ الختانُ الختانَ، ولا بإيلاج بعض الحشفة، الـ
(أَصْلِيَّةِ)، فلا غسلَ بتغييب حشفةٍ زائدةٍ، أو من خنثى مشكلٍ؛ لاحتمال الزِّيادة، (أَوْ) تغييب (قَدْرِهَا) أي: الحشفة من مقطوع الحشفة، (فِي فَرْجٍ أَصْليٍّ)، وإن لم يُنْزِلْ، (وَلَوْ) كان الفرج الأصليُّ (دُبُرًا)؛ لأنَّه فرجٌ.
- فرعٌ: يجب الغسل بتغييب الحشفة ولو كان الفرج (لِبَهِيمَةٍ)؛ لأنَّه إيلاجٌ في فرجٍ أصليٍّ، أشبه فرج الآدميَّة.
وقيل: لا يجب الغسل بوطء البهيمة؛ لأنَّ هذا الفرج غير منصوصٍ عليه.
- فرعٌ: يجب الغسل بتغييب الحشفة، سواءً كان الفرج لحيٍّ (أَوْ) كان الفرج لـ (مَيْتٍ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهُ)؛ وهو ابن عشرٍ، وبنت تسعٍ، (وَلَوْ) كان (نَائِمًا)؛ لعموم حديث:«إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ» .
(وَ) الرَّابع: (إِسْلَامُ كَافِرٍ؛ وَلَوْ) كان (مُرْتَدًّا أَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْه فِي كُفْرِهِ مَا يُوجِبُهُ)، أي: الغسل، ولو كان مميِّزًا فأسلم، وهو من المفردات، واختاره ابن القيَّم؛ لما روى قيس بن عاصمٍ رضي الله عنه:«أَنَّهُ أَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» [أحمد: 20611، وأبو داود: 355، والترمذي: 605، والنسائي: 188]، وأمرُه للواحد أمرٌ لجميع الأمَّة.
واختار شيخ الإسلام: لو اغتسل الكافر حال كفره بسببٍ يُوجِب الغسلَ، ثمَّ أسلم؛ لا يلزمه إعادته إن اعتقد وجوبه؛ بناءً على أنَّه يُثَاب على طاعته في الكفر إذا أسلم.
(وَ) الخامس: (خُرُوجُ) دم (حَيْضٍ)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ بنت أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها: «وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» [البخاري: 320، ومسلم: 333].
(وَ) السَّادس: (خُرُوجُ دَمِ نِفَاسٍ)؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سمَّى الحيض: «نفاسًا» ، فقال لعائشةَ لما حاضت:«لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ » [البخاري: 305، ومسلم: 1211]، ولا خلاف في وجوب الغسل عليهما، قاله في «المغني» ، (فَلَا يَجِبُ) غسلٌ (بِوِلَادَةٍ عَرَتْ عَنْهُ) أي: عن الدَّم؛ لأنَّه لا نصَّ فيه، ولا هو في معنى المنصوص.
(وَ) السَّابع: (مَوْتٌ)، فإذا مات المسلم وجب تغسيله؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في الَّذي وقصته ناقته:«اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» [البخاري: 1265، ومسلم: 1206].
- فرعٌ: يجب غسل الميت (تَعَبُّدًا)، لا عن حدثٍ؛ لأنَّه لو كان عنه لم يرتفع مع بقاء سببه، كالحائض لا تغتسل مع جريان الدَّم، ولا عن نجسٍ؛ لأنَّه لو كان عنه لم يطهر، مع بقاء سبب التَّنجيس وهو الموت.
- فرعٌ: يُغَسَّلُ الميت (غَيْرَ):