الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دمٌ واجبٌ للإحرام، فكان له بدلٌ، كدم التَّمتُّع، وقياسًا على الفوات، (ثُمَّ حَلَّ)، وليس له التَّحلُّل قبل صيام العشرة أيَّامٍ، واختاره ابن بازٍ؛ لأنَّ هذا الصِّيام قائمٌ مقام تمام الحجِّ والعمرة، فلا بدَّ من فعله قبل الحلِّ؛ كالهدي، بخلاف الفوات فلا يتوقَّف تحلُّله على الصِّيام، بل يحصل التَّحلُّل بإتمام النُّسك، وهو العمرة، ويأتي في الفوات.
واختار ابن عثيمينَ: أنَّ المحْصَر إذا لم يجد الهدي لم يجب عليه شيءٌ؛ لأنَّ الله تعالى قال: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي)، ولم يذكر بدلًا كما ذكره في دم التَّمتُّع، والأصل براءة الذِّمَّة.
-
مسألةٌ: من فعل محظورًا من محظورات الإحرام لا يخلو من ثلاثة أحوالٍ:
الأوَّل: أن يفعل المحظور عالمًا ذاكرًا مختارًا بلا عذرٍ، فيأثم؛ لمخالفته النَّهي، وتجب عليه الفدية؛ لحديث كعب بن عجرةَ السَّابق، فإذا كان هذا في المعذور، فغيره من باب أَوْلَى.
الثَّاني: أن يفعل المحظور عالمًا ذاكرًا مختارًا معذورًا؛ كأن يحتاج للُبْسِ قميصٍ لبَرْدٍ يخاف ضررَه، أو يحلق رأسه لمرضٍ، ونحو ذلك، فلا إثمَ عليه؛ لإذن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرةَ بحلق رأسه وهو مُحْرِمٌ لمَّا آذته هوامُّ رأسه، وتجب عليه الفدية؛ لحديث كعب بن عجرةَ رضي الله عنه.
الثَّالث: أن يفعل المحظور جاهلًا أو ناسيًا أو مكرهًا، فلا إثمَ عليه؛
للعذر، وأمَّا الفدية: فلا تخلو من أمرين:
1 -
ما كان من قبيل الإتلاف: وهي خمسة محظوراتٍ: الوطء، والمباشرة، والصَّيد، والتَّقليم، والحلق، فتجب فيها الفدية، ولا تسقط بالعذر؛ لأنَّه إتلافٌ، فاستوى عمدُها وسهوُها وجهلُها؛ كإتلاف مال الآدميِّ.
2 -
ما لم يكن من قبيل الإتلاف، وهي ثلاث محظوراتٍ، وأشار إليه بقوله:(وَتَسْقُطُ) أي: الفدية (بِنِسْيَانٍ فِي: لُبْسِ) مخيطٍ، (وَطِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ)؛ لحديث يَعْلَى بن أُمَيَّةَ رضي الله عنه لمَّا أحرم بعمرةٍ في جُبَّةٍ بعدما تضمخَّ بالطِّيب، قال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اخْلَعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ» [البخاري: 1789، ومسلم: 1180]، ولم يأمره بالفدية، ولأنَّها محظوراتٌ يمكن تداركها، بخلاف السَّابقة فلا يمكن تداركها.
وعنه، واختاره ابن عثيمينَ: لا فديةَ على الجاهل والنَّاسي والمُكْرَه مطلقًا؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ، والصَّيد إتلافٌ، وقد قيَّد جزاء الصَّيد بالمتعمِّد، فدلَّ أنَّ المخطئ لا جزاءَ عليه، والقاعدة:(أنَّ باب النَّواهي يُعْذَرُ فيه بالجهل والإكراه والنِّسيان).
واختار شيخ الإسلام: لا فديةَ على الجاهل والنَّاسي والمُكْرَه مطلقًا؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق، إلَّا جزاء الصَّيد؛ لأنَّه بمنزلة دية المقتول خطأً،