الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى المَسْجِدِ، فَقَامَ وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ» [البخاري: 1046، ومسلم: 901].
- فرعٌ: تصحُّ صلاة الاستسقاء فُرَادَى؛ كسائر النَّوافل.
-
مسألةٌ: (وَإِذَا أَرَادَ الإِمَامُ الخُرُوجَ) لصلاة الاستسقاء:
1 -
(وَعَظَ النَّاسَ) أي: ذكَّرهم بما يُلَيِّنُ قلوبَهم من الثَّواب والعقاب.
2 -
(وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَالخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ) وذلك بردِّها إلى مستحقِّيها؛ لأنَّ المعاصي سبب القحط، والتَّقوى سبب البركات، قال تعالى:(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض).
3 -
(وَ) أمرهم بـ (تَرْكِ التَّشَاحُنِ) من الشَّحناء، وهي العداوة؛ لأنَّها تحمل على المعصي، ة وتمنع نزول الخير؛ لحديث عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه مرفوعًا:«خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ» [البخاري: 2023].
4 -
(وَ) أمرهم (بالصَّدَقَةِ)؛ لأنَّها متضمِّنةٌ للرَّحمة، وفي حديث ابن عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا:«وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ» [ابن ماجهْ: 4019].
5 -
(وَ) أمرهم بـ (الصَّوْمِ)؛ لأنَّه وسيلةٌ إلى نزول الغيث؛ لحديث أبي
هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ» ، وذكر منهم:«الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ» الحديث. [أحمد: 8043، والترمذي: 3598، وابن ماجهْ: 1752].
قال ابن عثيمينَ: (فيه نظرٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لكن لو اختار يوم الاثنين ولم يجعله سنَّةً راتبةً؛ ليصادف صيام بعض النَّاس لم يكن به بأسٌ).
- فرعٌ: (وَلَا يَلْزَمَانِ) أي: الصَّدقة والصَّوم (بِأَمْرِهِ) أي: الإمام؛ لأنَّه سنَّةٌ، وطاعته إنَّما تجب في الطَّاعة، وفي السَّياسة والتَّدبير، والأمور المجتَهَد فيها من مصالح العامَّة، وما هنا ليس كذلك (1).
6 -
(وَيَعِدُهُمْ) أي: يعيِّن لهم (يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ)؛ ليتهيَّئوا للخروج؛ لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: «وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ» [أبو داود: 1173].
7 -
(وَيَخْرُجُ) الإمام وغيره (مُتَوَاضِعًا) أي: متقصِّدًا التَّواضع، وهو ضدُّ الكِبْر، (مُتَخَشِّعًا) أي: خاضعًا، بسكون الأعضاء، ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصَّوت، (مُتَذَلِّلًا) من الذُّل وهو الهوان، استكانةً
(1) قال في "الإنصاف"[2/ 453]: (قال في المستوعب وغيره: تجب طاعته في غير المعصية، وذكره بعضهم إجماعًا، ثم قال صاحب "الفروع": ولعلَّ المراد في السِّياسة والتَّدبير والأمور المجتَهَد فيها، لا مطلقًا، ولهذا جزم بعضهم: تجب الطَّاعة في الواجب، وتُسَنُّ في المسنون، وتُكْرَهُ في المكروه).
وتعظيمًا لله، (مُتَضَرِّعًا) أي: مستكينًا لله؛ لقول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَضَرِّعًا» [أحمد: 2039، والترمذي: 558، والنسائي: 1521، وابن ماجهْ: 1266]،
8 -
ويخرج الإمام وغيره (مُتَنَظِّفًا) لها؛ لئلَّا يؤذي.
9 -
و (لَا) يخرج (مُتَطَيِّبًا)؛ لأنَّه يوم استكانةٍ وخضوعٍ.
وقيل: لا يمنع من الطِّيب؛ لعدم ورود المانع، والطِّيب مسنونٌ كلَّ وقتٍ، ولا منافاة بين الطِّيب وبين الخضوع والاستكانة.
10 -
ويخرج الإمام (وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخُ)؛ لأنَّ عمرَ استسقى بدعاء العبَّاس. [البخاري: 1010]، ولأنَّه أسرعُ لإجابتهم، (وَسُنَّ خُرُوجُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ)؛ لأنَّه لا ذنبَ له، فَتُرْجَى إجابتهم، (وَيُبَاحُ خُرُوجُ أَطْفَالٍ وَبَهَائِمَ)؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا:«لَوْلَا شَبَابٌ خُشَّعٌ، وشُيُوخٌ رُكَّعٌ، وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ، وبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمُ العَذَابُ صَبًّا، ثُمَّ لَرُضَّ رَضًّا» [المعجم الأوسط 7085]، ولأنَّ الرِّزق مشتركٌ بين الكلِّ.
11 -
(فَيُصَلِّي) بهم ركعتين كالعيد؛ لما تقدَّم من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
12 -
(ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً)؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خطب بأكثرَ منهما.
13 -
تكون الخطبة بعد الصَّلاة؛ كما في خطبة العيد؛ لقول ابن عبَّاسٍ السَّابق: «وَصَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي العِيدَيْنِ» .
وعنه: يخطب قبل الصَّلاة كالجمعة؛ لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: «خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صلى الله عليه وسلم، وَحَمِدَ الله عز وجل، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ» الحديث، «ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» [أبو داود: 1173].
ويمكن أن يُقَال: هذا من السُّنن المتنوِّعة، فيخطب قبل الصَّلاة أحيانًا ويخطب بعدها أحيانًا.
14 -
و (يَفْتَتِحُهَا) أي: الخطبة (بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ عِيدٍ)؛ لقول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «فَصَنَعَ فِيهِ كَمَا يَصْنَعُ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى» [الحاكم: 1218، والدَّارقطنيُّ: 1806، والبيهقيُّ: 6404].
وعنه، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام: يفتتحها بالحمد، كما تقدَّم في خطبة العيد.
15 -
(وَيُكْثِرُ فِيهَا) أي: في الخطبة من (الاسْتِغْفَارِ، وَقِرَاءَةِ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَمْرُ بِهِ)؛ لأنَّ الاستغفار سبب نزول الغيث، لقوله تعالى:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا} [نوح: 10].