الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: أنَّه يُكْرَهُ؛ لعدم الدَّليل على التَّحريم، وإنَّما الوارد فعلٌ، والفعل لا يدلُّ على إيجابٍ ولا تحريمٍ.
- فرعٌ: لا يُدْفَنُ اثنان في قبرٍ واحدٍ (إِلَّا) في حالتين:
1 -
(لِضَرُورَةٍ) ككثرة الموتى، وقلَّة من يَدْفِنُهم، وخوف الفساد عليهم؛ لحديث هشام بن عامرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يوم أُحُدٍ:«ادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» [أحمد: 16261، وأبو داود: 3215، والترمذي: 1713، والنسائي: 2010].
2 -
إذا بَلِيَ الأوَّلُ وصار رميمًا، ويُرْجَعُ في ذلك إلى أهل الخبرة، فلا يُنْبَشُ قبرُ ميتٍ لميتٍ آخرَ؛ لما فيه من هتك حرمته.
-
مسألةٌ: (وَسُنَّ) عند دفن الميت أمورٌ، منها:
1 -
(أَنْ يُدْخَلَهُ) أي: القبر (مَيْتٌ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ) أي: القبر، بأن يُوضَع النَّعش آخر القبر، فيكون رأس الميت في الموضع الَّذي تكون فيه رجلاه إذا دُفِنَ، ثمَّ يُسَلُّ الميت في القبر سلًّا رفيقًا؛ لما ورد عن أبي إسحاقَ، قال: أوصى الحارث الأعور أن يصلِّيَ عليه عبد الله بن يزيدَ، فصلَّى عليه، ثمَّ أدخله القبر من قِبل رِجْلي القبر، وقال:«هَذَا مِن السُّنَّةِ» [أبو داود: 3211، وصححه الحافظ]، (إِنْ كَانَ) ذلك (أَسْهَلَ) بالميت، (وَإِلَّا) يكن إدخاله من
عند رجليه أسهل (فَـ) يدخله (مِنْ حَيْثُ سَهُلَ) إدخاله منه، إذ المقصود الرِّفق بالميت.
2 -
(وَ) يُسَنُّ (قَوْلُ مُدْخِلِهِ) أي: مُدْخِل الميتِ القبرَ: (بِاسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أدخل الميت القبر، قال:«بِاسْمِ الله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله» [أبو داود: 3213، والترمذي: 1046، وابن ماجهْ: 1550]، ولفظ التِّرمذيِّ:«بِاسْمِ الله وَبِالله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله» .
3 -
(وَحَثْوُ التُّرَابِ عَلَيْهِ) أي: الميت (ثَلَاثًا) باليد (ثُمَّ يُهَالُ) عليه التُّراب؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ، فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا» [ابن ماجهْ: 1565، وصححه الألباني].
4 -
(وَتَلْقِينُهُ) أي: الميت بعد الدَّفن عند القبر؛ لحديث أبي أمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمِ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ؛ فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا،
وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمْا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا نَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ قَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَيَكُونُ اللهُ حَجِيجَهُ دُونَهُمَا» [الطبراني: 7979، وضعفه ابن القيِّم].
وقال ابن قدامةَ: (وقال المصنِّف: لم نسمع في التَّلقين شيئًا عن أحمدَ، ولا أعلم فيه للأئمَّة قولًا سوى ما رواه الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله: فهذا الَّذي يصنعون إذا دفنوا الميت، يقف الرَّجُل فيقول (يا فلان بن فلانة؛ إلى آخره) فقال: ما رأيت أحدًا فعل هذا إلَّا أهل الشَّام، حين مات أبو المغيرة).
وقال شيخ الإسلام: (هذا التَّلقين المذكور قد نُقِلَ عن طائفةٍ من الصَّحابة: أنَّهم أمروا به، كأبي أمامةَ الباهليِّ، وغيره، ورُوِيَ فيه حديثٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لكنَّه ممَّا لا يُحْكَمُ بصحَّتِهِ؛ ولم يكن كثيرٌ من الصَّحابة يفعل ذلك، فمن الأئمَّة من رَخَّصَ فيه كالإمام أحمدَ، وقد استحبَّه طائفةٌ من أصحابه وأصحاب الشَّافعي، ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنَّه بدعةٌ، فالأقوال فيه ثلاثةٌ: الاستحباب، والكراهة، والإباحة، وهذا أعدل الأقوال).
5 -
(وَالدُّعَاءُ لَهُ) أي: الميت (بَعْدَ الدَّفْنِ) عند القبر؛ لحديث عثمانَ رضي الله عنه، قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال:«اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» [أبو داود: 3221].