الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
مسألةٌ: (وَسِقْطٌ) بتثليث السِّين، وهو المولود قبل تمامه، لا يخلو من أمرين:
الأوَّل: أن يُولَد (لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فأكثرَ، فـ (كَمَوْلُودٍ حَيًّا) في الأحكام، فَيُغَسَّل ويُصَلَّى عليه وإن لم يستهلَّ، أي: يصوت عند الولادة؛ لحديث المغيرة بن شعبةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ» [أحمد 18147، وأبو داود 3180، والترمذي 1031، والنسائي 1941].
الثَّاني: إن لم يبلغ أربعة أشهرٍ، فلا يُغَسَّل، ولا يُصَلَّى عليه اتِّفاقًا، ويُلَفُّ في خرقةٍ ويُدْفَنُ؛ لأنَّه ليس بآدميٍّ؛ لعدم نفخ الرُّوح فيه.
(فَصْلٌ) في تكفين الميت
-
مسألةٌ: (وَتَكْفِينُهُ) أي: الميت (فَرْضُ كَفَايةٍ) لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابق في الَّذي وقصته ناقته، وفيه:«وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»
.
-
مسألةٌ: عدد الأثواب الَّتي يُكَفَّن فيها الميت تنقسم إلى قسمين:
القسم الأوَّل: العدد الواجب: وأشار إليه بقوله: (وَيَجِبُ لِحَقِّ الله تَعَالَى وَلِحَقِّهِ) أي: الميت، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا؛ (ثَوْبٌ وَاحِدٌ، لَا يَصِفُ البَشَرَةَ، يَسْتُرُ جَمِيعَهُ) أي: جميع الميت؛ لحديث خبَّاب بن الأرتِّ رضي الله عنه في قصَّة مقتل مصعب بن عُمَيْرٍ رضي الله عنه يوم أُحدٍ: فلم يُوجَد له شيءٌ يُكَفَّنُ فيه إلَّا نمرةٌ، فكنَّا إذا وضعناها على رأسه، خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه، خرج رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ» [البخاري 1276، ومسلم 940].
القسم الثَّاني: العدد المستحبُّ: فلا يخلو الميت من أربعة أمورٍ:
الأمر الأوَّل: أن يكون ذكرًا بالغًا، وإليه الإشارة بقوله:(وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ)؛ لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ» [البخاري 1343، ومسلم 942]، (وَكُرِهَ فِي أَكْثَرَ) من ثلاث لفائفَ؛ لأنَّه وضعٌ للمال في غير وجهه.
- فرعٌ: صفة التَّكفين:
1 -
(يُبْسَطُ) اللفائف الثَّلاث (بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ) واحدةً فوق أخرى؛ ليُوضَع الميت عليها مرَّةً واحدةً، (بَعْدَ تَبْخِيرِهَا بِنَحْوِ عُودٍ)، ما لم يكن مُحْرِمًا؛ لحديث جابرٍ رضي الله عنه مرفوعًا:«إِذَا أَجْمَرْتُمُ المَيِّتَ، فَأَجْمِرُوهُ ثَلَاثًا» [أحمد 14540].
2 -
(وَتُجْعَلُ) اللّفافة (الظَّاهِرَةُ) وهي السُّفلى من الثَّلاث (أَحْسَنَهَا)؛ لأنَّ عادة الحيِّ جعل الظَّاهر من ثيابه أفخرها، فكذا الميت.
3 -
(وَ) يُجْعَل (الحَنُوطُ فِيمَا بَيْنَهَا) وهو: أخلاطٌ من طيبٍ يُعدُّ للميت خاصَّةً، لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في مُحرِمٍ مات: «وَلا تُحَنِّطُوهُ» ، فدلَّ على أنَّ غير المُحْرِم يُحَنَّط، ولقول أسماءَ:«ثُمَّ حَنِّطُونِي» [مصنف عبدالرزاق 6152].
4 -
(ثُمَّ يُوضَعُ) الميت (عَلَيْهَا) أي: اللَّفائف مبسوطةً (مُسْتَلْقِيًا)؛ لأنَّه أمكن لإدراجه فيها.
5 -
(ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفَافَةِ العُلْيَا مِنَ الجَانِبِ الأَيْسَرِ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ) يُرَدُّ طرفُها (الأَيْمَنُ عَلَى) شقِّه (الأَيْسَرِ)؛ لأنَّه عادة الحيِّ في لبس قباءٍ ورداءٍ ونحوهما.
6 -
(ثُمَّ) يُرَدُّ (الثَّانِيَةُ) من اللَّفائف كذلك، (ثُمَّ) يُرَدُّ (الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ)، كالأُولى؛ لأنَّهما في معناها.
7 -
(وَيُجْعَلُ أَكْثَرُ الفَاضِلِ) من الكفن (عِنْدَ رَأْسِهِ)؛ لشرفه، ويعيد الفاضل على وجهه ورجليه بعد جمعه؛ ليصير الكفن كالكيس فلا ينتشر.
8 -
(ثُمَّ يَعْقِدُهَا)؛ لئلَّا تنتشر، (وَتُحَلُّ) العقد (فِي القَبْرِ)؛ لأمن انتشارها.
الأمر الثَّاني: أن تكون أنثى بالغةً، وإليه الإشارة بقوله:(وَسُنَّ لِامْرَأْةٍ وَخُنْثَى) أن تُكَفَّنَ في (خَمْسَةُ أَثْوَابٍ) بيضٍ من قطنٍ: (إِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَقَمِيصٌ، وَلِفَافَتَانِ)؛ لحديث ليلى الثَّقفيَّة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْحِقَاءَ، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا» [أحمد 27135، وأبو داود 3157].
(وَ) الأمر الثَّالث: أن تكون أنثى صغيرةً، أشار إليه بقوله:(لِـ) أنثى (صَغِيرَةٍ) دون البلوغ: (قَمِيصٌ، وَلِفَافَتَانِ)؛ لعدم حاجتها إلى خمارٍ في