الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
تجميل الساعد، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم.
(4)
تجميل اليدين، ويسمى في عرف الأطباء "بتجديد شباب اليدين"، وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوه جمالها.
(5)
تجميل الحواجب، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها، نظرًا لكبر السن وتقدم العمر (1).
فهذه هي مجمل صور الجراحة التجميلية كما بينتها الكتب المختصة بجراحة التجميل.
موقف الشريعة الإسلامية من هذه الجراحة:
وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية، ولا حاجية، بل غاية ما فيه تغيير خلقة الله تعالى، والعبث بها حسب أهواء الناس، وشهواتهم، فهو غير مشروع، ولا يجوز فعله، وذلك لما يأتي:
أولاً: لقوله تعالى -حكاية عن إبليس لعنه الله-:
{
…
وَلأمُرَنَّهُمْ فَلَيُغِّيرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ .. } (2).
(1) فن جراحة التجميل د. القزويني ص 72، 78، 90، 92، وجراحة التجميل، د. فايز طربية ص 11، 23، 38.
(2)
سورة النساء (4) آية 119.
وجه الدلالة:
أن هذه الآية الكريمة واردة في سياق الذم، وبيان المحرمات التي يسول الشيطان فعلها للعصاة من بني آدم، ومنها تغيير خلقة الله.
وجراحة التجميل التحسينية تشتمل على تغيير خلقة الله والعبث فيها حسب الأهواء والرغبات، فهي داخلة في المذموم شرعًا، وتعتبر من جنس المحرمات التي يسول الشيطان فعلها للعصاة من بني آدم (1).
ثانيًا: لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللآتي يغيرن خلق الله"(2).
وجه الدلالة:
أن الحديث دل على لعن من فعل هذه الأشياء، وعلل ذلك بتغيير الخلقة، وفي رواية:"والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله"(3)،
(1) حمل بعض المفسرين هذه الآية على الوشم وهو قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والحسن البصري رحمه الله. ومن المفسرين من قال: إن المراد بتغيير خلق الله تغيير الدين بفعل المحرمات وترك الواجبات. ويدخل في ذلك العبث في الأجساد كما أشار إليه الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله وغيره من المفسرين. تفسير الطبري 5/ 183، والنكت والعيون للماوردي 1/ 424، وراد المسير لابن الجوزي 2/ 205، وتفسير الخازن 1/ 499، وتفسير الخطيب الشربيني 1/ 374.
(2)
رواه مسلم 3/ 339، رواه البخاري في صحيحه 3/ 199 النمص: نتف الشعر، والفلج: الفرجة بين الثنايا والرباعيات من الأسنان، تفعله العجوز تشبهًا بصغار البنات. والوشم: تقريح الجلد وغرزه بالإبرة وحشوه بالنيل أو الكحل أو دخان الشحم وغيره من السواد. شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 106، 107، والمغرب للمطرزي 2/ 329، 330.
(3)
رواه أحمد في مسنده 1/ 417، والتعليل بتغيير الخلقة في تحريم النمص والتفليج والوشم اعتبره بعض العلماء استنادًا على هذه الرواية. انظر فتح الباري لابن حجر =
فجمع بين تغيير الخلقة وطلب الحسن، وهذان المعنيان موجودان في الجراحة التجميلية التحسينية، لأنها تغيير للخلقة بقصد الزيادة في الحسن، فتعتبر داخلة في هذا الوعيد الشديد ولا يجوز فعلها.
ثالثًا: لا تجوز جراحة التجميل التحسينية كما لا يجوز الوشم، والوشر، والنمص، بجامع تغيير الخلقة في كل طلبًا للحسن والجمال.
رابعًا: أن هذه الجراحة تتضمن في عدد من صورها الغش والتدليس وهو محرم شرعًا (1)، ففيها إعادة صورة الشباب للكهل والمسن في وجهه وجسده، وذلك مفض للوقوع في المحظور من غش الأزواج من قبل النساء اللاتي يفعلن ذلك، وغش الزوجات من قبل الرجال الذين يفعلون ذلك.
خامسًا: أن هذه الجراحة لا يتم فعلها إلا بارتكاب بعض المحظورات وفعلها، ومن تلك المحظورات التخدير، إذ لا يمكن فعل شيء من المهمات التي سبق ذكرها إلا بعد تخدير المريض تخديرًا عامًا أو موضعيًا (2).
ومعلوم أن التخدير في الأصل محرم شرعاً، وفعله في هذا النوع من الجراحة لم يأذن به الشرع لفقد الأسباب الموجبة للترخيص والإذن
= 10/ 294. ط الخيرية.
(1)
يشهد لذلك حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا". رواه مسلم1/ 45.
(2)
جراحة التجميل، د. فايز طربية ص 23، 32.
به (1)، وعليه فإنه يعتبر باق على الأصل الموجب لحرمة استعماله.
ومن تلك المحظورات -أيضًا- قيام الرجال بمهمة الجراحة للنساء الأجنبيات والعكس، وحينئذ ترتكب محظورات عديدة كاللمس، والنظر للعورة، والخلوة بالأجنبية، وإذا قام بفعلها الرجال لأمثالهم والنساء لأمثالهن فإنه يحصل كشف العورة في بعضها كما في جراحة تجميل الأرداف.
وهذه المحظورات لم يثبت الترخيص فيها من قبل الشرع في هذا النوع من الجراحة لانتفاء الأسباب الموجبة للترخيص فأصبحت باقية على أصلها من الحرمة، فلا يجوز فعل الجراحة التحسينية الموجبة للوقوع فيها.
سادسًا: أن هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ عنها ففي جراحة تجميل الثديين بتكبيرهما عن طريق حقن مادة السلكون أو الهرمونات الجنسية يؤدي ذلك إلى حدوث أخطار كثيرة إضافة إلى قلة نجاحها (2).
ونظرًا لخطورتها يقول بعض الأطباء المختصين (3): "هناك اتجاه علمي بأن مضاعفات إجراء هذه العملية كثيرة لدرجة أن إجراءها لا ينصح به"(4) اهـ.
(1) وهي الضرورة أو الحاجة.
(2)
فن جراحة التجميل، د. القزويني ص 79.
(3)
هو الدكتور ماجد عبد المجيد طهبوب نائب رئيس قسم جراحة الحروق والتجميل بمستشفى ابن سينا بدولة الكويت.
(4)
جراحة التجميل بين المفهوم الطبي والممارسة. د. ماجد طهبوب، من بحوث ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية، ثبت الندوة 419.
وكذلك جراحة تجميل الوجه التحسينية (الاختيارية) فإنها لا تسلم من العواقب الغير محمودة، ولذلك ورد في الموسوعة الطبية الحديثة ما نصه:
" .. ولكنها تكون اختيارية (1) حين تجرى لمجرد تغيير ملامح بالوجه لا يرضى عنها صاحبها".
وفي هذه الحالة يجب إمعان التفكير قبل إجرائها واستشارة أخصائي ماهر يقدر مدى التحسن المنشود، فكثيرًا ما تنتهي هذه العمليات إلى عقبى غير محمودة" (2) اهـ.
وإضافة إلى ما سبق فإن نجاح هذه الجراحة بعد فعلها يستلزم تغطية المواضع التي تم تجميلها بلفاف طبي قد يستمر أيامًا، ويمتنع بذلك غسل المواضع المذكورة في فريضة الوضوء والغسل الواجب.
فعلى سبيل المثال جراحة تجميل الذقن فإنها تستلزم عصب الذقن الصناعية لمدة أسبوع بلفاف طبي لكي تلتحم بالحنك (3).
وبناء على ما سبق من الأدلة النقلية والعقلية، ونظرًا لما يتضمنه هذا النوع من الجراحة من العبث بخلق الله من دون وجود ضرورة أو حاجة داعية إلى ذلك فإنه يحرم فعله والإقدام عليه من قبل الطبيب الجراح والشخص الطالب، وتعتبر الدوافع التي يعتذر بها من يفعله من كون الشخص يتألم نفسيًا بسبب عدم تلبية رغبته بفعل هذا النوع من الجراحة غير كافية في الترخيص له بفعله.
(1) أي جراحة التجميل والمراد بكونها اختيارية أي لا تتوفر فيها الدوافع الضرورية وما في حكمها. وإنما يقصد منها تحقيق رغبة الطالب لها.
(2)
الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 455.
(3)
فن جراحة التجميل. د. القزويني ص 48.
وتعتذر طائفة من هذا الصنف بعدم بلوغهم لأهدافهم المنشودة في الحياة بسبب عدم اكتمال جمالهم (1).
والحق أن علاج هذه الأوهام والوساوس إنما هو بغرس الإيمان في القلوب، وزرع الرضا عن الله تعالى فيما قسمه من الجمال والصورة، والمظاهر ليست هي الوسيلة لبلوغ الأهداف والغايات النبيلة، وإنما يدرك ذلك بتوفيق الله تعالى ثم بالتزام شرعه والتخلق بالآداب ومكارم الأخلاق.
ومن أجل ذلك يرى الأطباء أن المشكلة عند هذا الصنف من الناس ليست متوقفة على تحسين مظهره بل إنها أعمق بكثير من ذلك، وكان من الخير في نظرهم من الناحية الطبية ترك الإغراق في هذا النوع من الجراحة، وأنه لا يعتبر محققًا للنتائج المرجوة (2).
* * *
(1) المصدر السابق ص 27.
(2)
ورد في الموسوعة الطبية الحديثة ما نصه: "ومع تحسن المنظر بعد عمليات التجميل وما يتبع ذلك من تحسين حالة المريض المعنوية، فعمليات التجميل لا تغير من شخصيته تغييرًا ملحوظًا، وأن العجز عن بلوغ هدف معين في الحياة لا يتوقف كثيرًا على مظهر الشخص، فالمشكلة في ذلك أعمق كثيرًا مما يبدو من ظواهر هذه الأمور، وعلى هذا فعمليات التجميل الاختيارية غير محققة النتائج، ومن الخير ترك الإغراق في إجرائها، أو المبالغة في التنبؤ بنتائجها". الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 455. وفي هذا الكلام من أهل الخبرة والاختصاص شهادة واضحة بأن الجراحة التجميلية ليست هي العلاج للمشاكل النفسية المزعومة والتي يعتذر بها لفعل هذه الجراحة المحرمة.