الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث في (رخص الصوم)
وهي تنحصر في رخصة الفطر في رمضان، والأصل فيها قول الحق تبارك وتعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (1).
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: "قوله تعالى: {مَرِيضًا} : للمريض حالتان:
إحداهما: ألا يطيق الصوم بحال فعليه الفطر واجبًا.
والثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحق له الفطر ولا يصوم إلا جاهل
…
وقال جمهور من العلماء: إذا كان به مرض يؤلمه، ويؤذيه، أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر" (2) اهـ.
وعلى هذا فإن المريض بعد الجراحة إذا كان الصوم عليه متعذرًا
كان الفطر في حقه واجبًا، وأما إن كان يستطيعه بمشقة لا تصل إلى درجة الخوف على النفس فإنه يخير بينه وبين الفطر، وإذا لم ينصحه الأطباء بالفطر فصام ووجد المشقة جاز له أن يترخص بالفطر، ولا تتوقف الرخصة في هذه الحالة على نصيحة الأطباء، فهو أعلم بنفسه.
(1) سورة البقرة (2) آية 184.
(2)
تفسير القرطبي 2/ 276.
ويشرع للأطباء أن ينصحوا المرضى بالفطر فإذا خافوا تلف الأرواح وهلاكها وجب عليهم ذلك، وهكذا لو خافوا تلف العضو، لأن مشقة التلف في هذه الحالات وأمثالها تعتبر من أعظم مراتب المشقة وهي توجب الترخيص بالفطر وغيره.
قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: "وأما الصوم فالأعذار فيه خفيفة كالسفر والمرض الذي يشق الصوم معه كمشقة الصوم على المسافر، وهذان عذران خفيفان وما كان أشد منهما كالخوف على الأطراف والأرواح كان أولى بجواز الفطر"(1) اهـ.
واعتبار هذه الرخصة محل إجماع من أهل العلم رحمهم الله كما أشار إلى ذلك الإمام ابن حزم (2) رحمه الله والله تعالى أعلم.
* * *
(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1/ 12.
(2)
مراتب الإجماع لابن حزم 40.