الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس أن لا يوجد البديل الذي هو أخف ضررًا من الجراحة
مما يشترط لجواز فعل الجراحة الطبية أن لا يوجد البديل الذي هو أخف ضررًا منها ويمكن بواسطته علاج المريض وشفاؤه من علته -بإذن الله تعالى- كالعقاقير والأدوية الطبية النافعة لعلاج الأمراض، فإن وجد ذلك البديل لزم المصير إليه صيانة لأرواح الناس وأجسادهم حتى لا تتعرض لأخطار الجراحة وأضرارها، ومتاعبها واعتبارًا للأصل الموجب لعلاج المريض بالأسهل، وأنه لا يصار إلى علاجه بما هو أصعب منه متى أمكن علاجه بذلك الأسهل (1).
ومن أمثلة ذلك مرض القرحة الهضمية في بدايته، فإنه يتم علاجه
= إنما يتصرفون بناء على حسن الظنون، إنما اعتمد عليها لأن الغالب صدقها عند قيام أسبابها". ثم ذكر أمثلة على ذلك إلى أن قال:"ومعظم هذه الظنون صادق موافق غير مخالف ولا كاذب فلا يجوز تعطيل هذه المصالح الغالبة الوقوع خوفًا من ندور وكذب الظنون، ولا يفعل ذلك إلا الجاهلون" اهـ. قواعد الأحكام 1/ 4.
(1)
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "
…
قال ابن رسلان: قد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالأخف لا ينتقل إلى ما فوقه .. ومتى أمكن بالدواء لا يعدل إلى الحجامة، ومتى أمكن بالحجامة لا يعدل إلى قطع العروق" اهـ. نيل الأوطار للشوكاني 8/ 205.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "ومن حذق الطبيب أنه حيث أمكن التدبير بالأسهل، فلا يعدل إلى الأصعب، ويتدرج من الأضعف إلى الأقوى، إلا أن يخاف فوات القوة حينئذ فيجب أن يبدأ بالأقوى" اهـ. الطب النبوي لابن القيم 115.
بالعقاقير والأدوية التي ثبت مؤخرًا تأثيرها على القرحة وأنها أنجع العلاجات وأفيدها (1).
ومحل اعتبار البديل موجبًا لصرف الطبيب عن العلاج بالجراحة أن يكون ذلك البديل أخف ضررًا، ومحققًا للشفاء المطلوب، فإذا كان كذلك وجب المصير إليه، أما إذا كان على خلاف ذلك بأن كان أشد خطرًا وضررًا أو لا ينفع في علاج الداء وزواله فإنه لا يعتبر موجبًا للصرف عن فعل الجراحة، فمن أمثلة ذلك ما يقع في بعض الأمراض الجراحية العصبية حيث يمكن علاج المريض بالعقاقير المهدئة والمخدرة ولكنها لا تنفع في زوال الداء بالكلية وقد تسبب الإدمان (2).
فوجود البديل على هذا الوجه وعدمه على حد سواء.
* * *
(1) الشفاء بالجراحة د. الفاعور ص 44. وأما إذا تطورت ودخلت في الاشتراكات فإنه يلزم حينئذ التدخل الفوري بالجراحة وهو الحل الوحيد. المصدر السابق.
(2)
الجراحة العصبية. د. بكداش 235، والجراحة العصبية د. النحاس ص 339.