الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوراثية (1).
(3) دليل القول الثالث: التفصيل:
(1)
أن نقل الخصيتين يؤدي إلى قطع نسل المتبرع، بخلاف نقل إحداهما وترك الأخرى.
(2)
يجوز نقل إحدى الخصيتين وترك الأخرى، كما يجوز نقل إحدى الكليتين والرئتين بجامع الحاجة في كلٍ (2).
الترجيح:
الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بحرمة نقل الخصية مطلقًا وذلك لما يأتي:
أولاً: لصحة ما ذكره أصحاب هذا القول في تعليلهم.
ثانيًا: أن شهادة الأطباء بكون الخصية مؤثرة في الصفات الوراثية (3) هو المعتمد بناء على ما تقرر من وجوب الرجوع في كل أمر إلى أهله الذي لهم العلم والمعرفة به، وإذا تقرر بشهادة الأطباء تأثير الخصية في الصفات كان ذلك شبهة مؤثرة توجب الحكم بعدم جواز النقل، خاصة وأن العقيم يصير بالنقل منجبًا؟!.
(1) المصدر السابق الأعداد 203، 204، 205.
(2)
جريدة المسلمون عدد 205.
(3)
الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 583، الموسوعة الطبية العربية. د. البيرم 134، وأشار جمع من الأطباء المختصين إلى ذلك في أعداد المسلمين الثلاثة: 203، 204، 205.
ثالثًا: إن الأصل يقتضي عدم جواز تغيير الخلقة، ونقل الأعضاء إلا بعد وجود الإذن الشرعي بذلك، وعليه فإن الأصل في هذا النوع من النقل أنه محرم، والحاجة الداعية إلى النقل مدفوعة بالشبهة المؤثرة، وبما أشار إليه بعض الأطباء المختصين من وجود البديل الذي يمكن بواسطته علاج المصابين بتلف الخصية الذي يمنع من إنجابهم (1).
رابعا: أما استدلال أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:
(1)
- الوجه الأول:.
يجاب عنه بأن إلغاء تأثير ما تقوم به الخصية من تنظيم للماء غير مسلم لأنه قائم على الدعوى المختلف فيها.
وإنما يصح إلغاء ذلك لو كانت الخصية غير مؤثرة في الماء نفسه، لكن لما وجد التأثير في الماء بتصويره كان ذلك التنظيم مؤثرًا وأقل درجاته أنه يوجب الشبهة الداعية إلى التوقف عن الحكم بجواز عملية نقل الخصية.
(2)
- الوجه الثاني:
أن ملكية الشخص الثاني للخصية يشترط في اعتبارها إذن الشرع حتى يصح القول بانتقال ملكيتها للغير، والإذن الشرعي غير موجود هنا، فانتفى القول بصحة الملكية، ومن ثم ينتفي ما تركب عليها من عدم الالتفات للأصل الأول، ومن ثم نقول: إن الأصل في الخصية
(1) أشار إلى هذا البديل الدكتور حسين الأنصاري مدير المركز الطبي للأمراض التناسلية بمصر. انظر جريدة المسلمون عدد 205، وهو يرى عدم الموافقة على عملية النقل، وذكر البديل الطبي عنها.
أنها ملك للشخص الأول، والتبرع مشكوك في تأثيره في الملكية "على أقل تقدير بسبب وجود الخلاف في صحة التبرع"، فوجب الرجوع إلى اليقين والأصل الموجب للحكم بكونها للشخص الأول.
(3)
- الوجه الثالث: يجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول:
لا نسلم صحة القياس لأنه قياس مع الفارق.
ووجه ذلك:
أن الأصل لم يحكم فيه بتأثير اتحاد الصفات لأن انتقالها لم يكن ناشئًا من عامل واحد، بل من عاملين كل واحد منهما متعلق بأحد الأخوين بخلاف الفرع فإن اتحاد الصفات ناشيء من عامل واحد وخصية واحدة.
الوجه الثاني:
أن هذا القياس مبني على إلغاء تأثير التشابه في الصفة، وهذا ليس محل النزاع، بل محل النزاع في شرعية المصدر الموجب لاتحاد الصفات.
خامسًا: وأما استدلال أصحاب القول الثالث فيجاب عنه بما يلي: أما الوجه الأول: فمسلم لكونه موافقًا للقول بالتحريم في الحالة
التي يرى أصحاب هذا القول حرمة نقل الخصية فيها.
وأما الوجه الثاني: فيجاب عنه بأنه قياس مع الفارق لأن الأصل لا
شبهة فيه، بخلاف الفرع فإن الشبهة موجودة فيه فجاز الأصل ولم يجز الفرع، فلم يصح الإلحاق.
سادسًا: أن نقل الخصيتين أو إحداهما يؤدي إلى استباحة النظر إلى العورة وتكرار ذلك، والأصل يقتضي حرمة النظر إلى العورة (1)، وليست هناك حاجة معتبرة توجب استثناء عملية النقل من الأصل نظرًا لمكان الشبهة الموجودة فيها.
سابعًا: أن الخصية إذا نقلت من الحي أو الميت لابد من بقاء قدر من الحيوانات المنوية فيها، ومن ثم يختلط الماء القديم والماء الجديد، وعند جماع الرجل الثاني وإنزاله لا ندري أي الماءين أنزل، ونحن على يقين باشتراكهما، ولا يدرى بعد ذلك هل الحمل متخلق من ماء الأول أم من ماء الثاني، وهذا خلط للأنساب ظاهر فوجب تحريمه والمنع فيه.
لهذا كله فإن الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بعدم جواز نقل الخصية مطلقًا، والله تعالى أعلم.
* * *
(1) أجمع العلماء رحمهم الله على حرمة كشف العورة، والنظر إليها من غير ضرورة. قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي 69، مراتب الإجماع لابن حزم 157.