الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفترة.
فبيان هذه الأمور وتوضيحها للمريض يجعله على بينة من أمره، الأمر الذي يؤدي إلى قطع النزاعات والخصومات مستقبلاً، ويجعل الأمور تسير في وضعها الطبيعي دون أن يستغل أحد الطرفين نظيره أو يظلمه.
فالطبيب يقوم بعمله المعين، والمريض معه على وفاق تام ينتقل به من مرحلة إلى مرحلة، ولو حدث بينهما أي خلاف أمكن إلزام المعتدي منهما بما اتفقا عليه في العقد المبرم بينهما.
وهذا هو مقصود الشرع الذي أشار إليه الفقهاء رحمهم الله عند بيانهم لشرط العلم بالمنفعة (1).
إذ لا يستطيع أحد الطرفين أن يؤذي الآخر أو يجحف به بمطالبته بأمر زائد عن ذلك القدر المتفق عليه بينهما.
كما أن علم المستأجر بطبيعة العمل الجراحي يمكنه من المقارنة بين الأطباء لمعرفة الأجر المناسب كما هو الحال في سائر الإجارات.
لهذا فإنه من المنبغي العناية ببيان العمل الجراحي ووصفه وصفًا ترتفع به الجهالة المؤثرة مع كتابة عقد بين الطرفين يشتمل على ذلك الوصف في كل جراحة بحسبها.
الشرط الخامس: أن يكون ثمن الجراحة معلوماً
.
مما يشترط لصحة عاقد الإجارة على فعل الجراحة أن يكون الثمن معلومًا عند الطرفين، فلا تجوز الإجارة بثمن مجهول سواء جهله
(1) انظر المصادر السابقة.
الطرفان أو أحدهما.
وترتفع الجهالة عن الثمن بوصفه وبيان قدره، كأن يقول الطبيب -على سبيل المثال- عند تعاقده مع المريض على جراحة استئصال اللوزتين إنهما بخمسمائة ريال سعودي.
وهذا الشرط مبني على ما نص عليه الفقهاء رحمهم الله من اشتراط العلم بالثمن لصحة عقد الإجارة (1).
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: "يشترط في عوض الإجارة كونه معلومًا لا نعلم في ذلك خلافًا؛ لأنه عوض في عقد معاوضة فوجب أن يكون معلومًا كالثمن في البيع"(2) اهـ.
وبناء على هذا فإنه لا يصح الإجارة على فعل الجراحة إذا كان الثمن مجهولاً مثل أن يقول المريض للطبيب الجراح: اقلع سني وأنا أرضيك، أو استأصل لي الزائدة الدودية وأنا أعطيك ما تحب ونحو ذلك مما لا يعلم به قدر الثمن ولا صفته.
ولو تم العقد بينهما بثمن مجهول فإنه يحكم بفساده، ولو فعل الطبيب الجراحة فإنه يستحق أجرة المثل، قال الإمام النووي رحمه الله:"لو قال: اعمل كذا لأرضيك، أو أعطيك شيئًا، وما أشبهه، فسد العقد، وإذا عمل استحق أجرة المثل"(3) اهـ.
والجراحة الطبية تشتمل على العمل الجراحي، ولوازم أخرى
(1) الهداية للميرغيناني 3/ 186، 187، حاشية الدسوقي 4/ 3، المهذب للشيرازي 1/ 399، منتهى الإرادات للفتوحي 1/ 477.
(2)
المغني والشرح الكبير لابن قدامة 6/ 11 ومثله في المبدع لابن مفلح 5/ 66.
(3)
روضة الطالبين للنووي 5/ 174.
تعتبر تابعة له، وموجبة لنجاحه كالفحص قبل الجراحة، والتخدير، والعناية التي تتم بعد العمل وتشتمل على تدبير الجرح ومتابعة المريض.
وهذه المراحل تعتبر مختلفة عن ذات العمل، وتشتمل على منفعة يستحق القائمون بها في مقابلها الأجرة، فوجب حينئذ بيان تكاليفها، وأجرة العمل الذي يقوم به أصحابها قطعًا للنزاع والخصومة.
فهذه هي مجمل الشروط التي ينبغي توفرها لكي يحكم بصحة عقد الإجارة على فعل الجراحة الطبية
…
والله أعلم.
* * *