الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث في (استحقاق الأجرة على فعل الجراحة)
يستحق الأطباء ومساعدوهم الأجرة بمجرد انتهائهم من أداء المهمات المتعلقة بهم كل حسب اختصاصه ومهمته المطلوبة منه (1).
فيستحق طبيب الفحص الأجرة إذا توصل إلى معرفة نوعية المرض الجراحي، أي بعد انتهائه من مهمتي الفحص والتشخيص.
ويستحق مساعدوه الأجرة كل واحد منهم بمجرد انتهائه من مهمته المتعلقة به، فأخصائي المختبر يستحق أجرة التحاليل بعد قيامه بتحليل الدم والبول والبراز وكتابة التقارير عن نتيجة تحليلها.
وهكذا الحال بالنسبة للمصور بالأشعة، والمناظير الطبية.
وأخصائي التخدير يستحق الأجرة بعد انتهائه من آخر مرحلة من مراحل مهمة التخدير الجراحي، والتي تتمثل في إفاقة المريض بعد انتهاء العمل الجراحي.
والطبيب الجراح يستحق أجرة العمل الجراحي بعد انتهاء مهمته الجراحية، وذلك بخياطة الجرح وإغلاقه وهكذا الحال بالنسبة للممرضين، والممرضات كل واحد منهم يستحق الأجرة عن عمله
(1) نص الفقهاء رحمهم الله على أن الأجرة في عقد الإجارة تستحق بعد استيفاء المنفعة من قبل الشخص المستأجر. انظر: بدائع الصنائع للكاساني 4/ 201، حاشية الدسوقي 4/ 3 - 5، المهذب للشيرازي 1/ 399، المغني والشرح الكبير لابن قدامة 6/ 14، 15.
بمجرد انتهائه منه.
وهذا الحكم مبني على ما تقرر في الشرع من إلزام المستأجر بدفع الثمن إذا استوفى المنفعة المعقود عليها بالإجارة، وهو أصل شهدت نصوص الكتاب والسنة باعتباره، قال تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (1) فألزم الأزواج بدفع الأجرة لقاء منفعة الإرضاع المستوفاة.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره"(2).
فقد دل هذا الحديث على حرمة منع الأجير أجرته بعد استيفاء المنفعة منه. والأطباء ومساعدوهم إذا انتهوا من أداء المهمات المتعلقة بهم كان المريض مستوفيًا للمنفعة منهم، فحرم عليه منعهم من الأجرة، ويعتبر كل واحد منهم بمثابة الشخص المنفرد بعد انتهائه من أداء مهمته.
وقد درجت المستشفيات الأهلية على أخذ الأجرة المتعلقة بجميع الجراحة دفعة واحدة قبل تنفيذها، وهذا أمر لا حرج فيه من الناحية الشرعية، إذ هو بمثابة تقديم رأس المال قبل المثمن كالحال في السلم.
وإذا اتفق الطرفان على التقديم، أو التأخير، أو تقديم شيء من الأجرة وتأخير الباقى فإنه لا حرج عليهما في ذلك (3)، والمقصود من
(1) سورة الطلاق (65) آية 6.
(2)
رواه البخاري في صحيحه 2/ 34.
(3)
قوانين الأحكام الفقهية لابن جزي 301، 302.
بيان وقت الاستحقاق في الصورة المتقدمة بيان شرعية مطالبة المستشفيات والأطباء للأجرة على هذه المهمات في حال عدم التمكن من إنهاء المهمة فيما لو وجد العذر الشرعي الذي يمنع من ذلك كما في حالة موت المريض أثناء الجراحة، أو اتفاق الطرفين على فسخها قبل مهمة العمل وبعد أداء مهمة الفحص والتشخيص. والله تعالى أعلم.