الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتستثنى من الحكم بمسئوليته في الموضع الأول الحالات الاضطرارية التي توجب إسعاف المريض بالجراحة فورًا، والتي يغلب فيها على الظن هلاك المريض إذا تأخر إسعافه بالجراحة مدة الفحص فإنه يجوز للطبيب الجراح أن يقدم فيها على فعل الجراحة، وتسقط المسئولية عنه نظرًا لوجود الموجب لإعفائه من واجب الفحص، ولأنه انتفى فيه موجب المسئولية إذ لم يكن إقدامه على فعل الجراحة في هذه الحالات مشتملاً على تقصير أو إهمال، بل هو مبني على هدف المحافظة على النفس الذي هو من الضروريات المهمة في الدين.
فهذه هي مجمل مسئولية الطبيب الجراح في هذه المرحلة.
أما الطبيب الفاحص ومساعدوه فإنهم يتحملون المسئولية في هذه المرحلة بالصورة التي سبق بيانها وتفصيلها في مرحلة الفحص الطبي الأول
…
والله تعالى أعلم.
خامسًا المسئولية عن التخدير:
تتعلق المسئولية في هذه المرحلة بالطبيب الجراح، وأخصائي التخدير.
أما الطبيب الجراح فإنه يتحمل المسئولية عن أهلية الشخص المخدر، لأنه لا يجوز له أن يعهد بمهمة التخدير إلى أي شخص لا تتوفر فيه الأهلية المعتبرة للقيام بمهمة التخدير على ما جرت عليه الأعراف الطبية (1).
(1) السلوك المهني للأطباء. د. التكريتى 254، سلوكيات وآداب وقوانين مزاولة مهنة الطب مصطفى عبد اللطيف، هاني أحمد جمال الدين 20. ونظرًا لجريان العرف والعادة عند الأطباء بذلك فإنها تعتبر من الناحية الشرعية ملزمة، ويؤاخذ الطبيب على الإخلال بها للقاعدة الشرعية التي تقول "العادة محكمة". الأشباه والنظائر للسيوطي 89، الأشباه والنظائر لابن نجيم 93.
ومتى أخل بهذا الواجب وعهد بهذه المهمة إلى من لا تتوفر فيه الأهلية فإنه يتحمل حينئذ المسئولية من جهة السببية.
وكذلك يتحمل المسئولية في موضع آخر من هذه المرحلة وذلك في حالة عدوله عن قرار المخدر بعدم صلاحية المريض للتخدير، بناء على نتائج فحص جهاز تنفسه، وقلبه.
فإذا اجترأ على فعل الجراحة مع سبق تحذير أخصائي التخدير له، فإنه حينئذ يعتبر مقصرًا، وحكمه كما سبق بيانه في المرحلة السابقة.
وأما أخصائي التخدير فإنه يعتبر مسئولاً مسئولية مباشرة عن أهلية المريض للتخدير، والمواد المخدرة التي اختارها لتخديره، والجرعة التي حقنها من تلك المواد في جسم المريض، والطريقة التي اتبعها في تخديره.
فأي تقصير يقع منه في هذه الأمور فإنه يوجب تحمله للمسئولية عن كل الأضرار المترتبة على ذلك التقصير (1).
ومن أمثلة ذلك أن يقوم بتخدير المريض دون فحص سابق يتأكد من خلاله أن المريض يستطيع التجاوب مع المواد المخدرة فيتبين بعد تخديره أنه مصاب بمرض في قلبه أو تنفسه ونشأ عن ذلك ضرر.
أو يقوم باختيار مادة دون سبق تأكد من تجاوب المريض معها ويتضرر المريض بتلك المادة بسبب الحساسية المصاب بها.
أو يقوم بحقن جرعة زائدة عن القدر المعتبر عند أهل الاختصاص فيؤدي ذلك إلى وفاة المريض أو حصول شلل، ونحو ذلك.
(1) السلوك المهني للأطباء د. التكريتي 254، 255، العمليات الجراحية. محمد رفعت ص 22 - 25.
أو يختار طريقًا للتخدير يشتمل على مخاطر ومضاعفات تلحق المريض من جراء التخدير بواسطته، كما في حالة التخدير عن طريق البزل القطني الذي يفضي إلى التهاب سحايا المخ، والنخاع الشوكي، ومضاعفاته.
ففي هذه الحالات وأمثالها يعتبر المخدر مسئولاً مسئولية كاملة عن الأضرار الناتجة عن مجاوزته للحدود المعتبرة عند أهل الاختصاص والمعرفة.
* * *