الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توقف عن بذل السبب الموجب لنجاته بإذن الله تعالى، فانتفى فيه وصف السببية الموجب للحكم بوصف الطبيب قاتلاً.
والحالة الثانية:
أن يغلب على ظن الطبيب نجاة المريض بتلك الجراحة بمشيئة الله تعالى ويكون قاصدًا بامتناعه موت المريض وهلاكه، وهذه الحالة لها حكمها كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه في موضعه.
فالحاصل أن إطلاق الحكم باعتبار الطبيب قاتلاً في هذه الحالة أمر مرفوض من الناحية الشرعية وأن الواجب تفصيل الحكم في هذه المسألة
…
والله تعالى أعلم.
رابعًا النصيحة للمرضى:
تعتبر النصيحة للمرضى من أهم الواجبات التي ينبغي على الأطباء ومساعديهم مراعاتها والقيام بها على الوجه المطلوب.
فمن حقوق المسلم على أخيه المسلم أن ينصح له فيرشده إلى أصلح الأمور وخير حاله في الدنيا والآخرة، ففي حديث تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.:"الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"(1).
وثبت في الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم"(2).
(1) رواه مسلم في صحيحه 1/ 34، والبخاري تعليقًا صحيح البخاري 1/ 20.
(2)
رواه البخاري في صحيحه 1/ 20، 21، ومسلم 1/ 34.
فالواجب على الأطباء ومساعديهم القيام بواجب النصح للمرضى، فيشيروا عليهم باختيار الأصلح، والأخف ضررًا سواء كان ذلك في مهمة الفحص الطبي أو كان في مهمة الجراحة نفسها.
فالمرضى كما هو معلوم يجهلون حقائق هذه المهمات الطبية، والآثار المترتبة عليها، فهم محتاجون لنصح الأطباء ومساعديهم وتوجيهاتهم وإرشاداتهم.
وعلى الأطباء ومساعديهم بذل النصح ولو كان في سبيل فوات المصلحة الدنيوية عليهم، فما عند الله خير وأبقى، فإذا علم أن فحص المريض بوسائل أخرى لا توجد عنده وهي موجودة عند غيره تتحقق بها المصلحة المرجوة بخلاف فحصه، فإن عليه أن يمحض المريض النصح فيخبره بحقيقة الأمر، وهكذا لو كانت تلك الوسائل مأمونة الضرر ووسائله بخلافها. وإذا علم الطبيب بالبديل الذي يمكن علاج المريض به وهو أخف ضررًا من الجراحة فإن عليه أن يخبر المريض بذلك، ولا يمتنع من نصحه خشية فوات مصلحته الدنيوية.
وعلى الأطباء ومساعديهم أن ينصحوا لمرضاهم ببيان العواقب السيئة المترتبة على بعض المهمات التي يطلب المرضى فعلها حتى يكون المرضى على بينة من أمرهم فإن شاءوا أقدموا، وإن شاءوا أحجموا، ومما يعتبر من الغش، ومخالفة النصح الواجب أن يقوم الطبيب بخدع المريض وذلك بتهوين أمر الجراحة وتكاليفها بأسلوب يجذب المريض إلى فعلها مع اشتمالها على كثير من المخاطر والتكاليف المالية الباهظة.
فقيام الأطباء أو مساعديهم بفعل ذلك يعتبر تقصيرًا منهم في واجب النصح، وظلمًا للمرضى وهم آثمون بفعله شرعًا، ومتحملون