الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجاب عنه بما تقدم في الجواب عن الآية الأولى.
(4)
قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (1).
يجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول من المجيزين:
أن نقل العضو فيه تكريم للميت حسًا ومعنى، أما كونه تكريمًا حسيًا فلأن ذلك العضو بدل أن يصير إلى التراب والبلى بقي في جسد المسلم يستعين به على طاعة الله ومرضاته.
وأما كونه تكريمًا معنويًا فلما فيه من الأجر والثواب للمتبرع لكونه فرج به الكربة عن أخيه المسلم.
الوجه الثاني على ما يترجح من جواز النقل من الكافر فقط:
أن الكافر ليس من الجنس الذي قصد الشرع تكريمه، بل إن إهانته مقصودة شرعًا، والتمثيل بجثته إنما يحرم على وجه لا تدعو إليه حاجة، أما لو وجدت الحاجة فإنه لا حرج فيه كما هو الحال هنا.
ثانيًا: مناقشه أدلة السنة:
(1)
حديث جابر (في قصة الرجل الذي قطع براجمه فمات).
حديث جابر رضي الله عنهما هذا يتعين من أقوى الأدلة الدالة على تحريم نقل الأعضاء، لكنه يمكن الجواب عنه من وجهين:
(1) سورة الإسراء (17) آية 70.
* الوجه الأول تخصيص دلالته:
هذا الحديث أقدم فيه الرجل على قطع البراجم للتخلص من الآلام، وهي مصلحة لا تبلغ مرتبة الضروريات، بل هي في مرتبة الحاجيات.
ومن ثم فإنه يصلح دليلاً على منع نقل القرنية، والجلد، ونحوها من الأعضاء التي يقصد من نقلها تحقيق مصلحة حاجية.
وأما النقل الضروري الذي يقصد منه إنقاذ النفس المحرمة، فإن الحديث لا يشمله، فإن قيل العبرة بعموم قوله (ما أفسدت) وهو متعلق بالقطع، قيل في جوابه: إن هذا الوصف يوجب تخصيص الحكم بحالة الإفساد بأن تقطع الأعضاء وتبتر لغير حاجة ضرورية وهذا ليس موجودًا في مهمة نقل الأعضاء.
* الوجه الثاني على ما يترجح من جواز النقل من الكافر فقط: أن غاية ما دل عليه الحديث تعذيب من أقدم على القطع والبتر لأعضائه، وهذا أمر كائن للكافر في كلتا الحالتين تبرع أو لم يتبرع فلا حرج في أخذ أعضائه، ولو كان في ذلك زيادة عذاب عليه، ويرخص للمسلم لمكان الحاجة والضرورة.
(2)
حديث أسماء رضي الله عنها في تحريم وصل الشعر.
يجاب عنه من وجهين:
* الوجه الأول:
أن وصل الشعر يعتبر مصلحة كمالية بخلاف نقل الأعضاء الذي يعتبر من المصالح الضرورية والحاجية، فيحرم الأول ويجوز الثاني
لمكان الحاجة الداعية إليه.
الوجه الثاني:
إن وصل الشعر المذكور في الحديث مفض إلى مفسدة الإضرار بالغير وهو غش المرأة لزوجها كما هو واضح من سياق الحديث بخلاف نقل الأعضاء المشتمل على درء المفاسد ودفعها.
(3)
وأما حديث النهي عن المثلة. فيجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول من المجيزين:
أن مفسدة التمثيل معارضة لمفسدة هلاك المريض المحتاج للعضو فوجب اعتبار المفسدة العليا وهي مفسدة هلاك المريض، ومن ثم لم يلتفت إلى ما هو دونها للقاعدة الشرعية "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما"(1).
* الوجه الثاني من المجيزين أيضًا:
أنه إذا سقط اعتبار مفسدة التمثيل في التشريح لمكان المصلحة الراجحة فلأن يسقط اعتبارها في نقل الأعضاء أولى وأحرى (2).
(4)
حديث النهي عن كسر عظم الميت. يجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول على القول بالجواز مطلقًا:
هذا الحديث خارج عن موضوع النزاع، لأن الأطباء لا يقومون بكسر الأعضاء المنقولة بل يحافظون عليها محافظة شديدة طلبًا لنجاح
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي 87، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 89.
(2)
ترقيع الأحياء بأعضاء الأموات للزرقاء 50، حكم الاستفادة من أعضاء الموتى. د. النسيمي 356.
مهمة النقل والزرع.
الوجه الثاني على القول بجواز النقل من الكافر فقط:
هذا الحديث مقيد بالمؤمن كما ورد ذلك صريحًا في الرواية الأخرى (1)، ثم إن الكافر غير معصوم الدم حيًا ولا ميتًا "إلا الذمي والمستأمن" فيجوز التصرف بأعضائه ولو كان متأذيًا بذلك لأن إيذاءه فيه موافقة لمقصود الشرع وليست فيه مخالفة.
(5)
حديث "لا ضرر ولا ضرار":
يجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول على القول بالجواز مطلقًا:
إن غاية ما دل عليه الحديث هو تحريم الضرر والإضرار، ونحن لا نسلم بأن الشخص المنقول منه يتضرر بهلاكه مستقبلاً، لأن الأطباء لا يقومون بمهمة النقل من شخص يؤدي نقل عضوه إلى هلاكه، ونحن لا نجيز النقل في هذه الحالات.
وعلى هذا فإن الحديث يعتبر خارجًا عن محل النزاع.
الوجه الثاني على القول بجواز النقل من الكافر فقط:
إن الإضرار بالكافر مقصود شرعًا.
(6)
وأما حديث جابر رضي الله عنه في البداءة بالنفس.
فيجاب عنه بقلب الاستدلال به، وذلك بأن يقال إن الإنسان إذا أراد التبرع بالعضو يبدأ بنفسه، فإن كان في تبرعه إضرار به لم يتبرع،
(1) تقدم الكلام عنه.