الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافًا لحقوق الآدميين.
(9)
ليس في إعادة اليد أو أي عضو قطع حدًا عبث أو تحايل على أحكام الشريعة، لأن العبث والتحايل في تعطيل تطبيق الشريعة، وأما النجاسة فيمكن تطهير اليد منها بالماء قبل تركيبها.
(10)
أن الاعتبارات الإنسانية، وسماحة الإسلام، ورحمة الله بعباده تؤكد لنا القول بجواز إعادة اليد (1).
ثالثًا: دليل القول الثالث:
أن النظر في هذه المسألة موقوف على أن المقصود بالحد هل هو إيلام الجاني بفعل الإبانة فقط؟.
أو المقصود تفويت عضو بالكلية؟.
فعلى الأول تجوز الإعادة. وعلى الثاني لا تجوز، ولكلا الاحتمالين دلائل، ولا يجب علينا القطع بإحداهما الآن لكون المسألة غير متصورة الوقوع حتى اليوم
…
" (2).
الترجيح:
الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بعدم جواز إعادة العضو الذي أبين في حد أو قصاص وذلك لما يأتي:
أولاً: لصحة دلالة النقل والعقل على هذا كما هو واضح في أدلة
(1) ذكر هذه الأوجه الدكتور وهبة الزحيلي في بحثه زراعة عضو استؤصل في حد 6 - 10 من بحوث مجمع الفقه الإسلامي.
(2)
زراعة عضو استؤصل في حد. العثماني 27 من بحوث مجمع الفقه الإسلامي.
أصحاب القول الأول.
ثانيًا: وأما استدلال أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:
* الوجه الأول:
أن إعمال النص يستلزم القطع ثم الحسم ثم التعليق بالنسبة للحد، وكل من الحسم والتعليق يعتبر عائقًا عن نجاح إعادة المقطوع، وأما الإباحة المذكورة فهي غير معتبرة لأن استصحاب الأصل الطاريء عليها الذي دل عليه النص الموجب للحد وإبانة العضو يعتبر رافعًا لحكمها.
* الوجه الثاني:
أن هذا الوجه استدلال بالدعوى، وأما قياس إعادة العضو على تركيب الأعضاء المصنوعة فهو قياس مردود، لأنه قياس مع الفارق، فالعضو المعاد ثبت النص بإبعاده عن الجسم بالحد والقصاص، وأما العضو المصنوع فهو من الأشياء التي سخر الله للإنسان الانتفاع بها وأذن له بذلك، فلم يكن مثل العضو المقطوع في الحد والقصاص.
* الوجه الثالث:
أن الذي تحقق على قول من قال بجواز الإعادة هو القطع وحده، وأما الحسم والتعليق والتنكيل وزجر الغير فإنه لا يتم إلا بإبقاء اليد فترة بالنسبة للتعليق، وبإبقائها مقطوعة إلى الأبد بالنسبة للتعليق، وبإبقائها مقطوعة إلى الأبد بالنسبة للزجر والتنكيل.
* الوجة الرابع:
أن هذا قياس مع الفارق ووجهه: أن الفرع توفر فيه الموجب لحرمة زرعه وإعادته للجسم ثانية بخلاف الأصل الذي لم يتوفر فيه
ذلك.
* الوجه الخامس:
أن التوبة تسقط الحدود قبل تنفيذها وأما بعد التنفيذ والحكم الشرعي فإنه ينبغي عدم الالتفات إليها لكونها واقعة في غير موقعها، ثم إننا لا نسلم أن السرقة من جنس الحدود التي تسقط بالتوبة لكونها مشتملة على الحق المشترك "حق الله، وحق العبد"، وما كاد كذلك لم تؤثر التوبة في إسقاطه.
* الوجه السادس:
أن هذا قياس مردود لأنه قياس مع الفارق، فالأصبع والسن الجديدة، يصح وصفها بكونها نعمة متجددة، ومن ثم تعذر القول بوجوب قطعها لأن النص الوارد بالقطع حدًا وقصاصًا لم يرد فيها بخلاف اليد المعادة، فان النص ورد عليها حدًا وقصاصًا.
* الوجه السابع:
أن هذا استدلال بالدعوى وهو مردود من أصله، لأننا لا نسلم بأن ما بعد الحد مسكوت عنه، نظرًا لأن بقاء اليد مقطوعة ترجح اعتبار الشرع له بالأدلة النقلية والعقلية، ومن ثم كانت إعادة تلك اليد مصادمة لمصلحة الزجر والردع للغير.
* الوجه الثامن:
لا نسلم أن السرقة من حقوق الله تعالى المبنية على الدرء والإسقاط، ولو سلمنا ذلك فإننا نقول إنما يكون ذلك قبل التنفيذ أما بعده فلا خاصة إذا ثبت الموجب بشهادة الشهود.
* الوجه التاسع:
لا نسلم صحته لأنه استدلال بالدعوى أيضًا، بل إن التحايل المنفي موجود، لأن لازم القول بجواز إعادة العضو فيه إضاعة لمضمون حكم القاضي بقطع العضو حداً وقصاصًا.
* الوجه العاشر:
لا نسلم صحته لأن الرحمة إنما تكون من الشريعة بمن يستحقها لا بمن لا يستحقها، وهذا الصنف من الناس توفرت فيه الصفات الموجبة ْلعدم رحمته والتيسير عليه ولو سلمنا أنه يرحم فإننا نقول إن رحمته بإبقاء العضو مقطوعًا أبلغ لأنه يمنعه من المعاودة ثانية إلى فعل الجريمة وارتكابها.
ثالثًا: وأما اعتذار أصحاب القول الثالث بعدم القطع نظرًا لكون المسألة غير متصورة فيجاب عنه بحدوثها ووقوعها، الأمر الذي يوجب بيان حكم الله تعالى فيها بترجيح أحد القولين بدليله.
لهذا كله فإنه يترجح في نظري القول بعدم جواز إعادة العضو المقطوع في الحد أو القصاص والله تعالى أعلم.
* * *