الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول في (تعريف التشخيص وأهميته)
عرفت بعض المصادر الطبية المختصة التشخيص بما يلي: "هو الفن أو السبيل الذي يتسنى به تعرف نوع المرض"(1). وهذا التعريف يتضمن أمرين:
أحدهما: أن التشخيص يعتبر فنًا مستقلاً من الناحية الطبية، ولذلك يوصف بكونه فرعًا من فروع الطب (2).
الثاني: أن الهدف منه هو معرفة نوعية المرض الجراحي، والطور الذي وصل إليه فيترتب على الأمر الأول إلزام الطبيب شرعًا بالتقيد بالأصول العلمية المقررة عند أهل الاختصاص لهذا الفن.
ومن ثم فإنه لا يحكم لأحد بجواز القيام بهذه المهمة إلا بعد أن يكون ملمًا بهذه الأصول كالحال في الأطباء، وهذا أمر لابد منه نظرًا لأن الأمراض تتشابه أماراتها ودلائلها، فلابد من العلم بالفوارق التي دلت عليها التجربة والخبرة، وثبت اعتبارها عند الأطباء المختصين.
ثم إن تقارير الفحص الطبي ونتائجه تحتاج إلى معرفة يتمكن بواسطتها الشخص الذي يقوم بمهمة التشخيص من الوصول إلى معرفة نوعية المرض وتحديد الطور الذي وصل إليه، ودرجة الخطورة التي
(1) الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 311.
(2)
المصدر السابق.
بلغها.
وأما الأمر الثاني فإنه يعتبر بيانًا لثمرة التشخيص، وأن الهدف منه هو معرفة نوعية المرض الجراحي.
ويترتب على هذا الأمر حكم شرعي يتعلق باستحقاق الطبيب الذي يقوم بمهمة التشخيص للأجرة المتفق عليها من عدم استحقاقه.
فإذا كان الهدف هو معرفة نوعية المرض، واستأجره المريض للوصول إليه ولم يتمكن من معرفته فانه حينئذ لا يستحق شيئًا.
ولهذه المرحلة أهمية كبيرة، فكل المراحل القادمة مترتبة على نتيجة التشخيص، فالخطأ فيها يهدد حياة المريض بالهلاك والضرر.
فقد يشخص المرض على أنه مرض جراحي، ويقرر الأطباء وجوب إجراء الجراحة اللازمة، ويتم ذلك، وبعد فتح موضع الألم يتبين عدم وجود المرض، وبذلك يتحمل المريض مشقة الجراحة وعناءها دون وجود أي نتيجة وقد يبقى بالضررين آلام الجراحة، وآلام مرضه السابق، كما أن النجاح في التشخيص يعتبر بإذن الله عز وجل مفتاحًا للنجاح في العلاج، وبذلك يتم وضع الجراحة اللازمة في موضعها.
يقول بعض الأطباء المختصين (1): "إن الركيزة الأولى التي تحدد علاقة الطبيب بالمريض، وتطور حالة المرض، والخطوة الأولى التي يخطوها الطبيب لصالح مريضه، هي تشخيص المرض ومعرفة كنه شكواه وتفريق ذلك عما التبس مع غير ذلك من أعراض، والتوصل إلى مرحلة المرض الحالي، وتأريخه وتطوره، والمشاكل الصحية
(1) هو الدكتور راجي عباس التكريتي أحد أطباء مستشفى الرشيد ببغداد.
السابقة، وتأثيرها في وضع المرض الحالي.
وهذه المرحلة دقيقة، ومهمة جدًا، وقد تحدد العلاقة بين الطبيب والمريض، وشفاء المريض، أو عدمه ولزامًا على الطبيب أن يبذل قصارى جهده، ويقظته للتوصل إلى التشخيص الصحيح
…
" (1) اهـ.
* * *
(1) السلوك المهني للأطباء. د. التكريتي ص 144.