الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه السادس:
أن الله تعالى امتدح من آثر أخاه على نفسه بطعام أو شراب أو مال هو أحق به (1). فإذا كان ذلك في هذه الأمور اليسيرة، فكيف بمن آثر أخاه بعضو أو جزئه لكي ينقذه من الهلاك المحقق لاشك أنه أولى وأحرى بالمدح والثناء، ومن ثم يعتبر فعله جائزًا ومشروعًا (2).
الوجه السابع:
أن الإنسان مأذون له بالتصرف في جسده بما فيه المصلحة، فإذنه بالتبرع فيه مصلحة عظيمة فيجوز له فعله (3).
ثانيًا: دليلهم من القواعد الفقهية:
استدلوا بالقواعد الفقهية التالية:
(1)
الضرر يزال (4).
(1) يشهد لذلك قوله تعالى في الثناء على الأنصار رضي الله عنهم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} سورة الحشر (59) آية 9.
(2)
فتوى لجنة الإفتاء التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر. انظر مجلة البحوث الإسلامية عدد 22 صفحة 47، والمختارات الجلية لابن سعدي ص 324، 325، وفتوى من الأزهر مقدمة في ندوة نقل الكلى التي نظمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، منشورة في المجلة الجنائية القومية عدد مارس 1978 م، العدد الأول صفحة 153، والأحكام الشرعية د. أحمد شرف الدين ص 135.
(3)
انتفاع الإنسان بأعضاء إنسان آخر ص 4، 7.
(4)
شفاء التباريح والأدواء لليعقوبي ص 21، والتشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنساني د. بكر أبو زيد ص 14، وقد نص أهل العلم رحمهم الله من الفقهاء المتقدمين على اعتبار هذه القاعدة. انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص 83، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85.
(2)
الضرورات تبيح المحظورات (1).
(3)
إذا ضاق الأمر اتسع (2).
وجه الدلالة:
أن هذه القواعد المستنبطة من نصوص الشريعة دلت على الترخيص للمتضرر بإزالة ضرره ولو بالمحظور.
فالقاعدة الأولى دلت على أن إزالة الضرر عن المتكلف مقصد من مقاصد الشريعة.
كما دلت القاعدة الثانية على أن المكلف إذا بلغ مقام الاضطرار رخص له في ارتكاب المحظورات شرعًا.
ودلت القاعدة الثالثة على أن بلوغ المكلف لمقام المشقة التي لا يقدر عليها يوجب التوسيع عليه في الحكم.
وكل ذلك موجود معنا هنا، فالشخص المريض متضرر بتلف العضو المصاب، كما أن مقامه يعتبر مقام اضطرار وفيه ضيق ومشقة، إذ يصل به الحال إلى درجة خوف الهلاك والموت كما في حالة الفشل الكلوي.
(1) شفاء التباريح والأدواء لليعقوبي ص 21، وانتفاع الإنسان بأعضاء إنسان آخر. د. العبادي ص 2، وترقيع الأحياء بأعضاء الأموات للزرقاء ص50. هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة التي قبلها. انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص 83، 84، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85.
(2)
شفاء التباريح والأدواء لليعقوبي ص 21، والتشريح الجثماني د. بكر أبو زيد ص 14، وهذه القاعدة في معنى القاعدة المشهورة:"المشقة تجلب التيسير" الأشباه والنظائر للسيوطي ص 83، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 84.
(4)
"إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما"(1).
وجه الدلالة:
أن القاعدة دلت على أنه وقع التعارض بين مفسدتين فإننا ننظر إلى أيهما أشد فنقدمها على التي هي أخف منها.
وفي مسألتنا هذه وقع التعارض بين مفسدة أخذ العضو الحي أو الميت وبحصول بعض الألم للأول، والتشوه في جثة الثاني، وبين مفسدة هلاك الحي المتبرع له، ولا شك أن مفسدة هلاك الحي المتبرع له -المريض- أعظم من المفسدة الواقعة على الشخص المتبرع حيًا كان أو ميتًا فتقدم حينئذ لأنها أعظم ضررًا وأشد خطرًا.
(5)
"أن الأحكام تتغير بتغير الأزمان"(2)
(1) نقل دم أو عضو أو جزئه من إنسان لآخر- بحث للجنة الدائمة للبحوث العلمية منشور بمجلة البحوث الإسلامية عدد 22 ص 41. شفاء التباريح والأدواء لليعقوبي ص 21، ونقل الأعضاء من إنسان لآخر لجاد الحق مقال بمجلة الأزهر الجزء التاسع السنة الخامسة والخمسون عدد رمضان عام 1403 هـ الموافق يونيه 1983 م، وانتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر، د. البوطي 7 من بحوث مجمع الفقه الاسلامي، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على اعتبار هذه القاعدة الشرعية. انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 87، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 89، شرح القواعد الفقهية للزرقاء ص 147، وقواعد الفقه للمجددي ص 56، وفي معنى هذه القاعدة قولهم "يختار أهون الشرين". قواعد الفقه للمجددي ص 140، شرح القواعد الفقهية للزرقاء ص 129.
(2)
شفاء التباريح والأدواء لليعقوبي ص 21، والمختارات الجلية لابن سعدي ص 325.