الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث في (الجراحة العلاجية الحاجة الصغرى)
وهي الجراحة التي لا تصل المشقة الموجودة فيها إلى مرتبة الحاجيات والضروريات، وغالبًا ما تجري لعلاج الجروح الصغيرة، وذلك بتنظيفها، وقطع الأنسجة المتهتكة أو الميتة، وإزالتها ثم خياطة الجرح وتدبيره (1).
وكما يتم بها علاج الجروح الظاهرة على جسم المصاب كذلك أيضًا يتم بها علاج بعض الحالات الجراحية الموجودة في داخل الجسم ومن أمثلة ذلك ما يجري في جراحة الأنف والأذن من العمليات التالية:
(1)
جراحة استئصال الزوائد اللحمية الموجودة في الأنف.
(2)
جراحة كي النزيف الأنفي.
(3)
جراحة التهاب الجيوب الأنفية المزمنة (2).
(4)
جراحة فتح الطبلة (3).
(5)
الجراحة التي تجرى لإيقاف إفرازات الأذن (4).
(1) الجراحة الصغرى د. البابولي، د. الدولي ص 126، 127، والجراحة العامة لمجموعة من الأطباء ص 4، 6، 8، 9.
(2)
التهاب الجيوب الأنفية: هو التهاب واحد أو أكثر للجيوب التي تنفتح في الأنف. الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 1/ 94.
(3)
طبلة الأذن: غشاء طيع التحني يفصل الأذن الوسطى عن الأذن الخارجية. المصدر السابق 5/ 910، 911.
(4)
مباديء أمراض الأذن والأنف والحنجرة. د. لويس لبيب ص 32، 34، 189، 221، 222.
وهذا النوع من الجراحة يعتبر مشروعًا، لأن المقصود منه إصلاح الفساد الذي أصاب الجسم، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر فاطمة رضي الله عنها على فعلها كما تقدم بيانه في دليل المشروعية، وكذلك أقر النساء اللاتي كن يخرجن معه فيداوين الجرحى (1).
وإذا احتاج الأطباء إلى قطع شيء من أنسجة الجرح بسبب موتها، وتعفنها، فإنه لا حرج عليهم في ذلك؛ لأن المقصود منه مصلحة الجسم، فقد ثبت بشهادة الأطباء المختصين أن بقاء الأنسجة المتلوثة بالآلات الجارحة يتسبب في حدوث أمراض خطيرة في المستقبل، ومن أشهرها وأشدها خطراً مرض الكزاز (2) الذي ينتهي بالمصاب به في أغلب الأحيان إلى الوفاة (3)، فجاز للأطباء أن يتخذوا الحيطة بقطع تلك الأنسجة دفعًا للمفسدة المتوقعة.
فهذه هي مجمل المراتب المتعلقة بالجراحة العلاجية، وينبغي مراعاة الترتيب فيها حسب أهميتها، فتقدم الحالات الضرورية على الحاجية، والحاجية على الصغرى.
وتظهر فائدة هذا الترتيب في حال ازدحام الحالات الجراحية وكثرتها بحيث لا يمكن تغطيتها بالعلاج في آن واحد، كما يقع ذلك في الحروب، والحوادث التي يتعرض فيها العدد الكبير للإصابة، فينبغي
(1) سبق تخريجه.
(2)
مرض الكزاز: مرض مصدره عدوى الجروح بميكروب باسيل التيتانوس. اكتشف عام 1885 م. الموسوعة الطبية العربية. د. البيرم ص 280.
(3)
الجراحة العامة لمجموعة من الأطباء ص 87، 88، والموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 463، 464.
حينئذ تقديم الحالات الجراحية الخطيرة المميتة، على جميع الحالات، ثم تليها الحالات التي بلغت مقام الحاجة ثم الحالات المتعلقة بالجراحة الصغرى، وشرط اعتبار هذا التقديم رجاء النفع في معالجة الحالة المقدمة، أما لو كانت ميئوسًا منها ويتعذر إنقاذ صاحبها فإنه حينئذ ينبغي صرف الأطباء إلى ما دونها بالشرط نفسه. والله تعالى أعلم.
* * *