الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع في (جراحة الختان)
(1)
وهي الجراحة التي يقصد منها قطع الجلدة التي تغطي الحشفة -رأس الذكر- بالنسبة للرجال، أو قطع أدنى جزء من جلدة أعلى الفرج بالنسبة للنساء (2).
وهي من أقدم أنواع الجراحة، وكانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقبله، وهي من بقايا الحنيفية، ويدل على ذلك ما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير الكلمات التي وردت في قوله سبحانه وتعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهيمَ رَبّهُ بكَلمَات فَأتَمَّهُنَّ} (3) فذكر منها الختان (4).
(1) الختان: مصدر مأخوذ من الختن، ومعناه القطع، ولطلق لفظ الختان فيراد به الفعل كما يطلق ويراد به المحل، والمقصود هنا الإطلاق الأول، وهو فعل الخاتن سواء كان برجل أو امرأة. ومن أهل اللغة من ذهب إلى تخصيص لفظه بالذكور، وأما الإناث فيقال في حقهن: خفاض. لسان العرب لابن منظور 13/ 137، 138، وترتيب القاموس للزاوي 2/ 15.
(2)
طرح التثريب للعراقي 2/ 75، وفتح الباري لابن حجر 10/ 340، ونيل الأوطار للشوكاني 1/ 109، وحاشية البناني 3/ 47.
(3)
سورة البقرة (2) آية 124.
(4)
روى ذلك الإمام ابن جرير رحمه الله في تفسيره 1/ 154، وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الحافظ الذهبي. المستدرك 2/ 266. وهو قول طائفة من السلف رحمهم الله. انظر تفسير القرطبي 2/ 98، والنكت والعيون للماوردي 1/ 154.
ويؤكده ما حكاه بعض المفسرين رحمهم الله من إجماع العلماء رحمهم الله على أن إبراهيم عليه السلام هو أول من اختتن (1).
ولا تزال جراحة الختان باقية إلى العصر الحاضر، وتعد فرعًا من فروع الجراحة الصغرى (2).
والأصل في مشروعيتها ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفطرة خمس: الاختتان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط"(3).
فقد دل هذا الحديث الشريف على مشروعية الختان، وجواز فعله مطلقًا سواء كان المختتن رجلاً أو امرأة، وفي عده من خصال الفطرة دليل على اعتباره من الصفات المحمودة.
قال الإمام الشوكاني (4) رحمه الله في شرحه: "هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها، واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات، وأشرفها صورة "(5) اهـ.
(1) تفسير القرطبي 2/ 98.
(2)
الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 3/ 572.
(3)
تقدم تخريجه. انظر ص 82.
(4)
هو الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ولد رحمه الله سنة 1173 هـ، وتوفي سنة 1250 هجرية، جمع رحمه الله بين علوم كثيرة وصنف فيها، ومن مؤلفاته: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، وإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، والدر النضيد في إخلاص التوحيد. معجم المؤلفين لرضا كحالة 11/ 53.
(5)
نيل الأوطار للشوكاني 1/ 112.