الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانتزاع العضو منه مخالف لذلك التكريم سواء في حال الحياة أو بعد الموت (1).
ب- دليلهم من السنة:
استدلوا بالأحاديث التالية:
1 -
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص فقطع بها براجمه فشخبت (2) يداه حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، وهيئته حسنة، ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: مالي أراك مغطيًا يديك؟ قال لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم وليديه فاغفر" (3).
وجه الدلالة:
أفاد الحديث أن من تصرف في عضو منه بتبرع أو غيره فإنه يبعث يوم القيامة ناقصًا منه ذلك العضو عقوبة له، لأن قوله:"لن نصلح منك ما أفسدت" لا يتعلق بقتل النفس وإنما يتعلق بجرح براجمه
(1) الامتناع والاستقصاء للسقاف ص 28، 29، ونقل وزراعة الأعضاء الآدمية، د. السكري ص 115.
(2)
المشاقص جمع مشقص وهو السهم الذي فيه نصل عريض، والبراجم رءوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض الشخص كفه نشزت وارتفعت، معنى تشخبت يداه أي جرى دمها انظر المصباح المنير للفيومي 1/ 42، 306، 319.
(3)
رواه مسلم في صحيحه 1/ 49، 50.
وتقطيعهما (1).
2 -
حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: "جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عريسًا أصابتها حصبة (2) فتمزق شعرها أفأصله؟ فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة (3).
وجه الدلالة:
أن الحديث دل على حرمة انتفاع المرأة بشعر غيرها وهو جزء من ذلك الغير فيعتبر أصلاً في المنع من الانتفاع بأجزاء الآدمي ولو كان ذلك الانتفاع غير ضار بالمأخوذ منه (4).
3 -
أحاديث النهي عن المثلة، ومنها حديث بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
…
الحديث" (5).
وجه الدلالة:
أن الحديث دل على حرمة التمثيل، وأن التمثيل لا يختص
(1) الامتناع والاستقصاء للسقاف ص 20، ونقل وزراعة الأعضاء الآدمية. د. السكري 111.
(2)
الحصبة: بثر يخرج بالجسد، ويقال هي الجدري. المصباح المنير للفيومي1/ 138.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
قضايا فقهية معاصرة للسنبهلي ص 61، 62.
(5)
تقدم تخريجه.
تحريمه بالحيوان، وبتغير خلقة الإنسان على وجه العبث والانتقام، بل هو شامل لقطع أي جزء أو عضو من الآدمي أو الحيوان أو جرحه حيًا أو ميتًا لغير مرض (1).
4 -
حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وكسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم"(2).
وجه الدلالة:
أفاد الحديث أن الحي يحرم كسر عظمه أو قطع أي جزء منه وكذا الميت لأي سبب إلا الحي لسبب أذن الشارع فيه (3).
5 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"(4).
وجه الدلالة:
أن قطع العضو من شخص للتبرع به لآخر فيه إضرار محقق بالشخص المقطوع منه (5)، فيكون داخلاً في عموم النهي، ويحرم فعله (6).
(1) الامتناع والاستقصاء للسقاف ص 26، وقضايا معاصرة للسنبهلي ص 47.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
الامتناع والاستقصاء للسقاف ص 21.
(4)
رواه أحمد في مسنده 5/ 327، وابن ماجة في سننه 1/ 784.
(5)
نقل وزراعة الأعضاء الآدمية. د. السكري ص 116.
(6)
قال المناوي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "وفيه تحريم سائر أنواع الضرر إلا بدليل لأن النكرة في سياق النفي تعم" اهـ. قال السقاف بعد إيراده: "قلت: وفي قطع الأعضاء من الأحياء أو الأموات أضرار من الناحية الشرعية والجسدية، أما من الناحية الشرعية فقول النبي- صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام" رواه البخاري وغيره، وأما الناحية الجسدية فلا شك أنه فيه تنقيص للخلقة =