الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على سائر أصول الدين"
(1)
.
*
حكم تقسيم الدين إلى لب وقشور:
سُئل سلطان العلماء العز بن عبد السلام: هل يجوز أن يقول المكلف: "إن الشرع قشره علم الحقيقة لُبُّه" أم لا يجوز؟، فأجاب رحمه الله:
"لا يجوز التعبير على الشريعة بأنها قشر من كثرة ما فيها من المنافع والخير، وكيف يكون الأمر بالطاعة والإيمان قشرًا، وأن العلم الملقب بعلم الحقيقة جزء ومن أجزاء علم الشريعة؟! ولا يُطلق مثل هذه الألقاب إلا غبيٌّ شقي قليل الأدب! ولو قيل لأحدهم: "إن كلام شيخك قشور" لأنكر ذلك غاية الإنكار ويُطلقُ لفظ القشور على الشريعة؟! وليست الشريعة إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فيُغرَّر هذا الجاهل تغريرًا يليق بمثل هذا الذنب"
(2)
.
وقال تقي الدين السبكي: "
…
وقولهم "من أهل القشور" إن أراد به ما الفقهاء عليه من العلم ومعرفة الأحكام؛ فليس من القشور، بل من اللب، ومن قال عليه:"إنه من القشور" استحق الأدب، والشريعة كلها لباب"
(3)
.
وليس المراد بهذا التقسيم أنه لا يُؤبه للفروع أو لا تأخذ حقها بالامتثال أو أن ينصب الاهتمام على الأصول فقط بحيث تهجر الفروع وإنما المراد أنها بالنسبة للأصول لا تبلغ مبلغها في الأهمية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس
…
" فنبه على المباني العظام، والأصول والفروع كلها تسير في مساق واحد من الالتزام بها ووجوب الامتثال فهي داخلة تحت حكم الله وخطابه، ويقاس صلاح القلب وفساده بظهور انقياده لشرائع الإسلام.
(1)
منهاج السنة النبوية 1/ 23.
(2)
فتاوى سلطان العلماء، ص 24، 25.
(3)
كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء، لابن القيم رحمه الله ص 25.
وليس المراد بالفروع أنها قشور يطرحها العبد وليست ذات فائدة، فهذا فيه غض من شأنها وتهوين لأمرها، وقد أنكر السلف على من هوَّن أمرها، أو قلل من شأنها ومن ذلك أن الإمام مالك رحمه الله سُئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة فغضب، وقال: ليس في العلم شيء خفيف أما سمعت قول الله عز وجل: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]، فالعلم كله ثقيل وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة
(1)
.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تقسيم الدين إلى قشور ولب، (مثل اللحية)؟.
فأجاب رحمه الله بقوله: "تقسيم الدين إلى قشور ولب، تقسيم خاطئ وباطل، فالدين كله لب، وكله نافع للعبد، وكله يقربه لله عز وجل، وكله يُثاب عليه المرء، وكله ينتفع به المرء، بزيادة إيمانه وإخباته لربه عز وجل حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات وما أشبهها، كلها إذا فعلها الإنسان تقربًا على الله عز وجل واتباعًا لرسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يُثاب على ذلك، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها بل ترمى، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا أخلص النية لله، وأحسن في اتباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الذين يروجون هذه المقالة، أن يفكروا في الأمر تفكيرًا جديًا، حتى يعرفوا الحق والصواب، ثم عليهم أن يتبعوه، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات، صحيح أن الدين الإسلامي فيه أمور مهمة كبيرة عظيمة، كأركان الإسلام الخمسة، التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام". وفيه: أشياء دون ذلك، لكنه ليس فيه قشور لا ينتفع بها الإنسان، بل يرميها ويطرحها.
(1)
أعلام الموقعين 6/ 132 بتحقيق مشهور آل سلمان.