الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وجوب معرفة موانع التكفير ومنها:
أ - العذر بالجهل.
…
ب - الإكراه.
…
ج- الخطأ.
…
د - التأويل.
…
هـ - العجز.
ثم نذكر بعض التنبيهات المهمة ومنها:
التنبيه الأول: معرفة العلاقة بين الظاهر والباطن.
التنبيه الثاني: اختلاف الحكم بين الدنيا والآخرة.
التنبيه الثالث: تكفير أهل القبلة لا يكون بالمعاصي.
وفيها مسألتان:
1 -
تعريف الكبيرة.
…
2 - حكم تكفير الجميع.
التنبيه الرابع: لا يلزم من قتال فئة من المسلمين تكفيرهم.
التنبيه الخامس: أن من يحكم في هذه الأمور هم العلماء والقضاة.
التنبيه السادس: الامتناع عن التكفير بإطلاق تعطيل للأحكام وإغلاق لباب الردة.
التنبيه السابع: التكفير ليس سببه التكذيب أو الجحود فقط.
1 - النصوص الواردة في التحذير من التكفير بغير دليل شرعي ولا علم:
* الدليل من السنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"
(1)
.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل كفر رجلا فأحدهما كافر"
(2)
.
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لصاحبه: يا كافر، فإنها تجب على أحدهما، فإن كان الذي قيل له كافرًا فهو كافر، وإلا رجع إليه ما قال"
(3)
.
(1)
أخر جه البخاري (6103)
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5260).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5035)(5824).
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك"
(1)
.
ولما أورد القاضي عياض فصلًا عن المكفرات القولية، قال في مطلع هذا الفصل:"اعلم أن تحقيق هذا الفصل، وكشف اللبس فيه، مورده الشرع، ولا مجال للعقل فيه"
(2)
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "إن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقًا، كما أن المؤمن من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلمًا، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها
…
والحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله. فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع. وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة"
(3)
.
ويقول ابن الوزير: "إن التكفير سمعي محض لا مدخل للعقل فيه"
(4)
.
ويقول أيضًا: "وأن الدليل على الكفر لا يكون إلا سمعيا قطعيا، ولا نزاع في ذلك"
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري (6045)
(2)
الشفا 2/ 1065.
(3)
منهاج السنة 5/ 92، 93.
(4)
العواصم من القواصم 4/ 178.
(5)
العواصم من القواصم 4/ 179.
ويقول أبو حامد الغزالي: "الكفر حكم شرعي كالرق والحرية مثلا، إذ معناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي فيدرك إما بنص وإما بقياس على منصوص"
(1)
.
قال شيخ الإسلام: "هذا مع أني دائمًا، ومن جالسني يعلم ذلك مني، أني من أعظم الناس نهيًا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيا أخرى. وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وما زال يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية، والمسائل العملية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية"
(2)
.
قال ابن أبي العز الحنفي: "وأما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت".
ثم قال: "ولأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهدا مخطئا مغفورا له، أو يمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم، وحسنات أوجبت له رحمة الله، كما غفر للذي قال: إذا مت فاسحقوني ثم ذروني ثم غفر الله له لخشيته"
(3)
.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "الكفر حق الله ورسوله فلا
(1)
فيصل التفرقة ص 128، وانظر: ص 146، 158.
(2)
مجموع الفتاوى 3/ 229.
(3)
شرح العقيدة الطحاوية ص 357، 358.
كافر إلا من كفره الله ورسوله"
(1)
.
وفي فتاوى اللجنة ما نصه: "والواجب التثبت في هذه الأمور وعدم التعجل بالتكفير حتى يتضح الدليل"
(2)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين: "وهذا هو المحذور الثاني أعني عود وصف الكفر عليه إن كان أخوه بريئًا منه، وهو محذور عظيم يوشك أن يقع به؛ لأن الغالب أن من تسرع بوصف المسلم بالكفر كان معجبا بعمله محتقرا لغيره فيكون جامعا بين الإعجاب بعمله الذي قد يؤدي إلى حبوطه، وبين الكبر الموجب لعذاب الله تعالى في النار كما جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار""
(3)
.
فينبغي أن يُتنبه إلى عدم تكفير الأعيان إلا بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع وهذه يقيمها من يصلح لإقامتها من أهل القضاء أو الفتيا. لا يقال في ذلك بالرأي ولا بالهوى وإنما يقال بعلم، فمن كفّر بغير علم يلحقه الوعيد المذكور ومن قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما وفيه أيضا مشابهة الخوارج لأن الخوارج كفروا بغير علم وفيه تعدي على الدليل من القرآن والسنة لأن إثبات الإيمان جاء بدليل فنفي الإيمان عن المعين لا بد فيه من دليل وإلا كان قولًا على الله بغير علم، فالغلو في التكفير أمره خطير والواجب على العبد أن يحترز من فلتات اللسان ويخاف من ذلك أشد الخوف فرب كلمة قالها العبد لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا.
(1)
إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب ص 198.
(2)
اللجنة الدائمة فتوى رقم (4446).
(3)
شرح كشف الشبهات من مجموع فتاوى ابن عثيمين 7/ 42، وانظر أيضًا 2/ 134.