الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: "ومضمونه أنه الخالق الرزاق مالك الدار وساكنيها ورازقهم فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره"
(1)
.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وأنواع العبادة التي أمر الله بها: مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان؛ ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها كلها لله تعالى والدليل قوله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} .
فمن صرف شيئًا منها لغير الله فهو مشرك كافر والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} "
(2)
.
*
والاستعاذة بالمخلوق على قسمين:
القسم الأول: الاستعاذة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله أو الاستعاذة بأصحاب القبور والموتى والغائبين أو الحجر أو الصنم فهذا شرك أكبر مخرج من الملة.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "أما الاستعاذة بالمخلوق؛ ففيها تفصيل، فإن كان المخلوق لا يقدر عليه؛ فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيميه: "لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة"
(3)
، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه
(1)
تفسير ابن كثير لسورة البقرة، الآيتين: 20 - 21.
(2)
ثلاثة الأصول مع الحاشية لابن قاسم، ص 34، 35.
(3)
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 797.
إلا الله؛ لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله؛ سوى الله"
(1)
.
ويدخل في ذلك الاستعاذة بالجن قال ابن أبي العز الحنفي: "ولا يجوز الاستعاذة بالجن، فقد ذم الله الكافرين على ذلك، فقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6]. قالوا: كان الإنسي إذا نزل بالوادي يقول: أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه، فيبيت في أمن وجوار حتى يصبح {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} يعني الإنسي للجن، باستعاذتهم بهم، رهقًا: أي إثمًا وطغيانًا وخسرانًا وشرًا، وذلك أنهم قالوا: قد سدنا الجن والإنس فالجن تعاظم في أنفسها وتزداد كفرًا إذا عاملتها الإنس بهذه المعاملة. وقد قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سبأ: 41،40]. فهؤلاء الذين يزعمون أنهم يدعون الملائكة ويخاطبونهم بهذه العزائم، وأنها تنزل عليهم ضالون، وإنما ينزل عليهم الشياطين"
(2)
.
* القسم الثاني: الاستعاذة بالمخلوق الحي الحاضر القادر.
قال ابن باز: فلا بأس به كما تقول لرجل: أعوذ بك من غلامك أو ابنك وهو مقتضى الأحاديث الواردة في صحيح مسلم لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن قال: "فمن وجد من ذلك ملجأ فليعذ به"
(3)
. وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله أن امرأة من
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 249، 250. وانظر القول المفيد ط 1 - 1/ 330.
(2)
شرح الطحاوية ص 453 تحقيق أحمد شاكر.
(3)
شرح الشيخ على كتاب التوحيد، شرح مسموع. والحديث أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ونص الحديث هو:"ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، ومن تشرف لها تتشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذًا فليعذ به" البخاري (3601) ومسلم (2886).