الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بارتكابهم ناقضًا من نواقض الإيمان قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)} [التوبة: 65 - 66]، وقال تعالى:{وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة: 74] "
(1)
.
*
التنبيه السادس: التكفير ليس سببه التكذيب أو الجحود فقط بل يكون بالاعتقاد وبالعمل
وبالقول وبالشك وبالترك وعليه، فإن المسلم إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام واجتمعت الشروط وانتفت الموانع فإنه يخرج من الإسلام ولا يلزم من ذلك التكذيب لأن المرجئة ضلّوا في هذا الباب فظنوا أن كل من نطق بالشهادتين ودخل في الإسلام فلا يخرج منه أبدا إلا بالتكذيب ويلزم من قولهم أنهم لا يحكمون على عابد القبر والساجد للصنم بالكفر حتى يعتقد أن صاحب القبر أو الولي مستقل بالخلق فتكفيرهم له سببه الاعتقاد لا العمل أو يقولون أن العمل كفر لدلالته على التكذيب فيثبتون كفر التكذيب وينفون كفر العمل وهذا غلط بيّن.
يقول ابن القيم رحمه الله: "وهذان القسمان -يعني كفر الجحود والعناد، وكفر الإعراض المحض- أكثر المتكلمين ينكرونهما، ولا يثبتون من الكفر إلا الأول -يعني كفر الجهل- ويجعلون الثاني والثالث -يعني كفر الجحود والعناد، وكفر الإعراض المحض- كفرا لدلالته على الأول لا لأنه في ذاته الكفر، فليس عندهم الكفر إلا مجرد الجهل، ومن تأمل القرآن والسنة، وسير الأنبياء في أممهم، ودعوتهم لهم، وما جرى لهم معهم، جزم بخطأ أهل الكلام فيما قالوه، وعلم أن عامة كفر
(1)
التحذير من الإرجاء ص 32.
الأمم عن تيقن وعلم، ومعرفة بصدق أنبيائهم وصحة دعواهم وما جاؤا به"
(1)
.
ويلزم من قولهم كذلك أن من نذر للشمس والقمر أو ذبح للجن أنه ليس بمشرك حتى يعتقد، ويلزم من قولهم أيضًا: أن من رفض شريعة الله واستبدل بها القوانين الوضعية المخالفة لشرع الله فإنه لا يكفر حتى يجحد أو يستحل وكل هذا ناتج عن قولهم أن الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد فقط والصحيح أن الكفر يكون بالقول باللسان أو بأعمال القلوب أو بأفعال الجوارح.
يقول ابن الوزير في الرد على من اشترط الاعتقاد في قول الكفر: " .. وعلى هذا لا يكون شيء من الأفعال والأقوال كفرا، إلا مع الاعتقاد، حتى قتل الأنبياء، والاعتقاد من السرائر المحجوبة، فلا يتحقق كفر كافر قط إلا بالنص الخاص في شخص شخص"
(2)
.
قال ابن حزم: "فجعلهم مرتدين كفارًا بعد علمهم بالحق، وبعد أن تبين لهم الهدى، بقولهم للكفار ما قالوا فقط وأخبرنا تعالى أنه يعرف إسرارهم، ولم يقل تعالى أنهم جحدوا، بل قد صح أن في سرهم التصديق؛ لأن الهدى قد تبين لهم، ومن تبين له شيء، فلا يمكن ألبته أن يجحده بقلبه أصلًا"
(3)
.
(1)
مفتاح دار السعادة 1/ 94.
(2)
إيثار الحق على الخلق ص 419.
(3)
الفصل 3/ 262، 259.
وقال الشيخ أبا بطين: "والعلماء يذكرون أن من أنكر وجوب عبادة من العبادات الخمس، أو قال في واحدة منها إنها سنة لا واجبة، أو جحد حِلّ الخبز ونحوه، أو جحد تحريم الخمر أو نحوه، أو شك في ذلك ومثله لا يجهله كفر، وإن كان مثله يجهله عُرِّف ذلك، فإن أصر بعد التعريف كفر وقتل، ولم يقولوا فإذا تبين له الحق وعاند كفر. وأيضا، فنحن لا نعرف أنه معاند حتى يقول أنا أعلم أن ذلك حق ولا ألتزمه، أو لا أقوله، وهذا لا يكاد يوجد.
وقد ذكر العلماء من أهل كل مذهب أشياء كثيرة لا يمكن حصرها من الأقوال والأفعال والاعتقادات أنه يكفر صاحبها، ولم يقيدوا ذلك بالمعاند.
فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولًا، أو مجتهدًا مخطئًا، أو مقلدًا أو جاهلًا معذور. مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك، مع أنه لا بد أن ينقص أصله فلو طرد أصله كفر بلا ريب، كما لو توقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك"
(1)
.
وسيأتي ذكر أقسام الكفر في باب (الردة).
(1)
الانتصار لحزب الله الأبرار ص 46.