الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن المنذر: "وصلى الحسن البصري في المقابر"
(1)
.
والمقصود أنه صلى على جنازة، فإنه قد روي عنه أنه أمر بهدم المساجد المبنية في المقابر.
2. الحكمة في النهي عن الصلاة في المقبرة أو بين القبور:
قال شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ: "والنهي عن ذلك إنما هو سَدٌّ لذريعة الشرك"
(2)
.
ونقل عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان فقال رحمه الله: "قال شيخنا: وهذه العلة هي التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور، وهي التى أوقعت كثيرا من الأمم إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك، فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتماثيل يزعمون أنها طلاسم لكواكب ونحو ذلك، فإن الشرك بقبر الرجل الذي يُعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر؛ ولهذا تجد أهل الشرك كثيرًا يتضرعون عِنْدَها ويخشعون ويخضعون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله ولا وقت السحر، ومنهم من يسجد لها، وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عِنْدَها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد، فلأجل هذه المفسدة حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بركة المساجد. كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة فيها للشمس، فنهى أمته عن الصلاة حينئذ وإن لم يقصد المصلي ما قصده المشركون سدًّا للذريعة. قال: "وأما إذا قصد الرجل الصلاة عِنْدَ القبور متبركًا بالصلاة في تلك البقعة، فهذا عين المحادة لله ورسوله، والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن به الله، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة
(1)
الأوسط لابن المنذر 2/ 185.
(2)
الاختيارت العلمية ص 25.
عِنْدَ القبور منهي عنها، وأنه لعن من اتخذها مساجد. فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك الصلاة عِنْدَها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه"
(1)
.
وقال الأثرم: "إنما كُرهت الصلاة في المقبرة للتشبه بأهل الكتاب؛ لأنهم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد"
(2)
.
وقال ابن القيم: "وأبلغ من هذا: أنه نهى عن الصلاة إلى القبر، فلا يكون القبر بين المصلي وبين القبلة. فروى مسلم في صحيحه عن أبي مرثد الغنوي رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها" وفي هذا إبطال قول من زعم أن النهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، فهذا أبعد شيء عن مقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو باطل من عدة أوجه:
* منها: أن الأحاديث كلها ليس فيها فرقٌ بين المقبرة الحديثة والمنبوشة، كما يقوله المعللون بالنجاسة.
* ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
ومعلوم قطعا أن هذا ليس لأجل النجاسة. فإن ذلك لا يختص بقبور الأنبياء، ولأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع، وليس للنجاسة عليها طريق البتة، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، فهم في قبورهم طريّون"
(3)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "بل العلة في ذلك الخوف على الأمة أن يقعوا فيما وقعت فيه اليهود والنصارى، وعباد اللات والعزى من الشرك، ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، ومعلوم
(1)
إغاثة اللهفان 1/ 184، 185.
(2)
إغاثة اللهفان 1/ 189.
(3)
انظر للاستزادة إغاثة اللهفان 1/ 186.